ياسر أيوب
تفيض حكاية أوريليو دى لورنتيس مع نادى نابولى بكثير يستحق التوقف أمامه باهتمام.. فالمنتج السينمائى الذي اشترى النادى بعد إعلان إفلاسه.. نجح في قيادة هذا النادى من الدرجة الثالثة للثانية ثم العودة للدورى الإيطالى الممتاز الذي فاز به نابولى هذا العام.. وأول ما ينبغى التوقف أمامه هو هذا التشابه الحقيقى والواقعى بين أي منتج سينمائى وأى رئيس لناد كروى.
فالاثنان يستطيعان تحقيق النجاح دون ضرورة لأن يكونا داخل دائرة الضوء طول الوقت.. فالمنتج يبنى نجاحه على حسن اختيار من يكتب ومن يخرج ومن يقوم بالتمثيل والتصوير ليقدم أفلاما ناجحة يصفق لها الناس حتى إن لم يعرف معظمهم اسم من أنتجها.. كذلك رئيس النادى حين يجيد اختيار اللاعبين ومن يقوم بتدريبهم وانتقاء من يدير اللعبة في النادى فتأتى الانتصارات وبطولات يفرح بها الجمهور ويحتفل بالنجوم وليس الرئيس.. ومن المؤكد أن السنين الطويلة التي قضاها لورنتيس منتجا صنع 400 فيلم لكبار نجوم ومخرجى إيطاليا علمته متى يسكت ومتى يتكلم ومتى يظهر ومتى يختفى.. وتعلم أيضا من تجربته السينمائية الطويلة جدا أن كل حكاية تصلح فيلما حتى لو كانت حكاية ناد لكرة القدم مثل نابولى.
ولكى ينجح الفيلم فلابد أن يجيد المنتج الشاطر اختيار طاقم العمل بعيدا عن أي مشاعر ومجاملات.. ولهذا لم يهتم لورنتيس حين اتهمه كريم بنزيما بالجنون بعدما سئل لورنتيس عن إمكانية الاستعانة ببنزيما كلاعب كبير في نادى نابولى.. فقال لورنتيس إن نابولى لا يحتاج لاعبين كبارا صنعوا أسماءهم وحققوا نجاحاتهم إنما يريد من لايزالون يحتاجون للنجاح وأن ينجح بهم ومعهم نابولى.. وحين أعلنت بعض جماهير نابولى الغضب لأن لورنتس رفض تخفيض قيمة تذاكر المباريات رغم أنها حتى الآن أقل في أسعارها من الشمال الإيطالى.. قال لهم لورنتيس إنهم لا يدفعون عند شراء احتياجاتهم أقل مما يدفعه الإيطاليون في الشمال.. وتوقف كثيرون أيضا أمام حقيقة أخرى هي أن لورنتيس ليس من مواليد أو أبناء نابولى.
فهو من العاصمة روما لكنه اشترى نابولى احتراما لتاريخ عريق وبحثا عن مستقبل ونجاح أراد لورنتيس أن يحققه مثل أي فيلم سبق أن أنتجه.. فالمشاعر والانتماء والحب يبقى مكانهم الوحيد هو المدرج حيث عشاق النادى.. أما إدارة النادى فلها حسابات أخرى بعيدا عن الهوى أو الانفعال وليس لها أي أهداف إلا النجاح.. ولهذا لم تطل فرحة لورنتيس بالدورى مثل أهل نابولى رغم أنه كان من الممكن أن يبقى يستمتع بذلك لكنه تحدث عن التحدى الجديد وهو دورى أبطال أوروبا.. ومثلما اتهمه بنزيما بالجنون.
فقد سخر منه آخرون حين اقترح تخصيص حصص شهرية في المدارس الإيطالية يقوم فيها كبار المدربين بتدريس كرة القدم للتلاميذ ليدركوا قواعد اللعبة وأسرارها وفنونها طالما سمحت السوشيال ميديا للجميع بأن يكونوا نقادا وحكاما وخبراء ومحللين.. وبقى لورنتيس أيضا يحلم بيوم يصبح فيه الملعب مثل السينما مكانا للبهجة والخيال والأحلام.
نقلا عن المصرى اليوم