حمدي رزق
فقه الأولويات أو «فقه الموازنات» هو مصطلح إسلامى حديث، يُعرَف بـ«فقه مراتب الأعمال»، حيث يفاضل بين الأعمال من حيث أيها أولى بالتقديم على غيرها.
تحكيم «فقه الأولويات» من ضروريات المرحلة، والأولويات تحكم الأعمال، مشروع شرق العوينات ثانى أكبر مشروع زراعى عملاق بجنوب مصر لزراعة القمح بمساحة تتجاوز 186 ألف فدان، نموذج حى ومثال ناطق بأجندة أولويات الدولة المصرية. على ذكر فقه الأولويات، فارق بَيِّن (واضِح) بين مَن يحفر بأظافره الصخر في قلب الصحراء الصفراء. يعمرها ويرويها ويخضرها، يزرع فيها أشجار الأمل، فإذا ارتوت اهتزت وربت وآتت أكلها، يهنأ بالحصاد
(حصاد القمح في شرق العوينات)، ومَن يسترخِ مستنيمًا على شواطئ الراحة، ينقش في الفضاء الإلكترونى أحلامًا براقة تعجب الناظرين.
هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا، رجال صدقوا، يزرعون الصحراوات بالحلم الأخضر، وفى إخلاص وعزيمة، ونسب تنفيذ باليوم وعلى مدار الساعة وفق توقيتات موقوتة، في سباق مع الزمان، وبين مَن يتلذذ بحديث مخاتل، يمضغه كعلكة (لبانة) يتشدق بها فصاحة، وينظر من التنظير غير المكلف، ما يسمونه «حديث الأولويات»!!. يصح حديث الأولويات الجاد المدروس مصحوبًا بالحيثيات، وجهات نظر مقبولة في سياق تلاقح الأفكار، أبدًا ليس نفيًا لصالح الأعمال وجدواها، وإجهاض الأحلام في مهدها، وتصدير اليأس والإحباط، معلوم أن هناك مَن يزرع الأمل في النفوس، وهناك مَن يئد الأجِنّة في الأرحام. حديث الأولويات يسرى، أليس مشروع شرق العوينات، وإحياء مشروع توشكى، وأكبر منهما مشروع «الدلتا الحديدة»، التي تكلفت المليارات كأكبر المشروعات الزراعية في العصر الحديث بغية توفير نسب مقدرة من الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الأساسية.. من فقه الأولويات؟!. وتحديث مصانع المحلة الكبرى وكفر الدوار والدلتا للصلب ومجمع مصانع الفوسفات (العين السخنة) ومجمع مصانع الرخام (الجلالة)، والرمال السوداء (البرلس)، ومزارع الأسماك في بركة غليون (كفر الشيخ)، ومزارع الشمس في بنبان (أسوان) يدخل في باب الأولويات.
مَن ذا الذي يضع الأولويات، وماهية الأولويات، إن الأولويات تشابهت علينا، هل تحديث سكك حديد مصر، ومد شبكة سكك حديدية حديثة، هل تحديث الطرق والمحاور وفتح رئات (جمع رِئة) لتتنفس القاهرة وعواصم المحافظات، وإتاحة سكن آدمى «حياة كريمة» من الأولويات.
وهلم جرا، مخطط زيادة المعمور من أرض الوطن من (6% إلى 14.5%) لمواجهة الانفجار السكانى، هل يمارى مُنظِّرو الأولويات في أولوية هذا المشروع العملاق لكفاية المصريين من السكن والغذاء للأجيال المقبلة؟!. سيفاجئك مُنظِّرو الأولويات بثنائية التعليم والصحة، وهذا حق، ولكن هل ما يجرى في قطاع التعليم يشبه الثورة التعليمية (تحديثًا)؟، وما يشهده قطاع الصحة من مخصصات ومشروع التأمين الصحى ليس بخافٍ على المتحدثين بالأولويات أم هي مكايدات ومخاتلات؟!.
العِند السياسى يولد الكفر بالمنجزات التي تتحدث عن نفسها، ولربما لا تجيد الحكومة تسويقها بين الناس في الطرقات.
قطعيًّا، لا نُشكك ألبتة في إخلاص المخلصين وطنيًّا، ولكن بعض الموضوعية، الواقعية في التنظير، وقبلها التوفُّر على المعلومات اللازمة للمصداقية المستوجبة. شغل الفضاء الوطنى بحديث الأولويات، وكأن ما تجرى وقائعه على الأرض أضغاث أحلام ويخاصم الأولويات لا يستقيم منهجيًّا ولا علميًّا، ظلمٌ بَيِّنٌ، بعض الإنصاف، فالحفر في صخور الجبال يحتاج لتضافر الجهود، وحفز الهمم، وعَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتى العَزائِمُ، وَتَأتى عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ، وربنا يكرمنا ونعدى الصعب ونفوت على الصحراء تخْضَرّ.
نقلا عن المصرى اليوم