الجزء الثانى
 عذارى الصليب

Oliver كتبها
-لا تبالى و لا تخاف.فجأة تغادر مريم المجدلية لا تصدق أنه مات.تروح و تجىء بين الدار و بين القبر.كلما إنتبهت لحالها تأخذ الرحى من يد سوسنة و تطحن.يد مريم المجدلية تجرحت من كثرة الطحن على حجر الرحى و هى مذهولة مما رأته عند الجلجلة. تقبض يد المطحنة بجراحها و إنهاك الجسد يقتلها.تناثر على ثوبها الرقيق رذاذ  من سحق الزيتون بين شقى الرحى.ليجعل مزيج الأطياب ناعماً فيتوزع على الكفن.كانت تسحق الأعشاب و تسحق نفسها معاً.

- مريم الأخري أم يعقوب هى أخت العذراء مريم .زوجها كلوبا و له إسم آخر هو حلفى  أع1: 13 .لها بنت إسمها يوسى و ثلاثة أبناء هم يعقوب الصغير  و سمعان و يهوذا.هؤلاء الذين دعيوا أخوة الرب.هذه الأخرى لا تقل ألماً عن العذراء.فمصابها كبير.ليس المسيح مجرد إبن شقيقتها بل أصل هذه العائلة.لها إبنان تبعا المسيح فى كل مكان. التلميذان يعقوب الصغير و أخيه يهوذا.بقيت مريم الأخرى تتأمل حالها و حال أسرتها.تنتقي الأعواد و الحصى من أعشاب الحنوط و تتحسر عما صار .هذه العائلة تجربت بقساوة التجارب.ظل الناس يعايرونهم بالمسيح و ىلأن سوف يبدأون معايرتهم بلعنة صلبه.يوسى إبنتها بجوارها تصبرها و لكن ماذا تصنع الكلمات للمكلومين.

- سالومى أم يعقوب و يوحنا و زوجها زبدى.كانت صدمتها مؤلمة.جلست ضائعة الفكر تحرك إصبعها بلا هدف حول الحنوط.تفرك حبات الزيتون و تغسلها بلا تركيز.ليس لأولادها نصيب فى الأفراح.طلبت ذات يوم أن يجلس واحد عن يمينه و الآخر عن يساره لكنه رفض.الآن عرفت لماذا رفض فالذى عن اليمين و عن اليسار كانا لصان مصلوبان.و الرب ملك على خشبة.ما هذا الذى يجرى لنا.كلما تبع ولداى أحداً مات ميتة شنيعة؟ فقبل ثلاثة أعوام كانا ابناها تلميذين ليوحنا المعمدان الذى قطعت رأسه.ثم بعد ذلك  تبعا يسوع الذى مات مصلوباً.ما هذا الذى يجرى لنا يا رب.نحن نريد أن نعيش وصاياك لكن كلما إقتربنا كلما زادت قسوة التجارب.

-الأختان مريم و مرثا كانتا هناك.الذهول يملكهما.لعزر أخوهما قائم و الذى أقامه ميت؟ فى قلبيهما خبرة جديدة للقيامة لا تستطيع الثلاثة أيام أن تغلبها.تنظران للجميع بغير كلمة.و لعازر ليس ههنا.

-دار مارمرقس واسعة كالقصور. أبوابها مُحكمة. وحدائق قدامها.رغم ذلك بدأت تضيق بالداخلين و الخارجين.نساء كثيرات و رجال ظهروا هناك لأول مرة.كانت وسطهم سيدات توشحن بالنور.كملائكة تتحدث مع ملائكة.

- صوت زلزلة هز دار مارمرقس لكنه لن يعوق ذهاب المريمات إلى القبر.فمنذ بدأ الزلازل عند الجلجثة و إلى اليوم لم تتوقف توابعه .كل بضع دقائق ترتج المائدة و تهتز الجدران و مع كل زلزال يتعقد الطريق.

-كان أصعب إختيار .من سيذهب إلى القبر ليضع الحنوط.من سيتحمل رؤية المسيح مدفوناً؟ من يستطيع أن يستوعب إن إبن الله فى القبر؟صانع الآيات و مقيم الأموات مات؟ من هذا الذى لديه تفسير فى تلك اللحظات.الحنوط ثقيلة و لا يمكن لواحد أو إثنين أن يحملانها و خصوصاً أن الطريق حجرى و شاق .

ثلاثة من المريمات تقدمن للعمل.مريم العذراء أم الرب و مريم أختها ثم مريم المجدلية التى أهلكها التعب.ثم تبعتها إمرأة رابعة سيأتى عنها الحديث فى وقته.ثم قامت سالومى بحمل جرة ماء و معها نساء كثيرات .

-منذ يوم صلب المسيح ثم أيام الدفن لا نسمع عن التلاميذ.فالنسوة هن أبطال الأحداث.لذلك كان إستفسار النسوة هو فى غياب الرجال من سيدحرج لنا الحجر عن فم القبر؟

- صوت نحيب المجدلية يسبق موكب االمكرسات..كل واحدة من النسوة كانت تحمل شيئاً مختلفاً ,أوعية الحنوط و الأطياب. لفائف .ماءاً و أدوات أخرى.لكن كلهن حملن  نفس محبة المسيح المبذول لأجلنا.سارت المريمات خلف أوجاع القلب . أشجان الجلجثة تحيط بكل المشاعر و الأفكار.حاملات الطيب  لجسد تم تكفينه و هو حى.صوت هتاف الأمس أصلبه أصلبه لا يخرج من الأذن.الكلام ثقيل و الدموع كثيرة.هذه خبرة الموت لكن للقيامة عمل عظيم.
للرواية بقية