( ملاكٍ فى جيله )
Ⲁⲝⲓⲟⲥ ⲁⲝⲓⲟⲥ ⲁⲝⲓⲟⲥ Ⲁⲃⲃⲁ Ⲙⲁⲝⲓⲙⲟⲥ Ⲡⲓⲙⲏⲧⲣⲟⲡⲟⲗⲓⲧⲏⲥ
‘Ⲁⲣⲓⲡⲉⲛⲙⲉⲩⲓ ‘ⲙⲡⲓ’ⲙⲑⲟ ‘ⲙⲡⲓ’ⲑⲣⲟⲛⲟⲥ
القمص اثناسيوس فهمي جورج
كان خادماً وشاهداً بعلمه وبساطته بآنٍ واحد ، متقناً للغات ، أستاذاً وعالماً للغة القبطية من علامات مدرسة الرهبان فى حلوان ، وهو أيضاً مرشح بطريركى بعد نياحة البابا يوساب الثاني ، وقد حصل على أعلى أصوات الناخبين ، لكنه وفي هذه جميعاً كان الراهب الفقير والناسك المطيع طاعة الأطفال ، والمتزين بلباس الإسكيم والجهاد ضد بأس أدوات مظاهر وأُبهة رئيس هذا العالم .
تمنطق بالأوريم والتميم على صدره كرئيس كهنة ، ليعرف أنوار إرادة الله وحنانه وتدابير كمالاته ، ملاكاً من قِبَل الله ، يرشد ويقود ويبنى ويدشن ، لا بذراعه ومشوراته البشرية بل ببرهان القدرة والنعمة الإلهية التى حملته ، وأعطته مهابة ووقار لدى جميع الذين عرفوه .
وسيطاً بالاتضاع والدِعَة وغسل الأرجل ... بالأوريم والتميم ، حاملاً المسيح له المجد على ساعديه ذبيحة حية عنا ، وفيه تحققت خدمة بر الكهنوت ، وأسقفية الصلاح والإحسان ، ومطرانية المساكين بالروح . وقد مسح مسيحنا هامته بزيت الابتهاج ، وجعل وجهه مشرق بنعمة الفرح ليكون صورته وأيقونة مثاله فى جيلنا . رابحا للنفوس ولما اعطي له من وزنات منذ ان اختاره الرهبان ليكون وكيلا لديره بالعذراء المحرق ( ١٩٥٢ ) ؛ كذلك عندما اختير امينا لمكتبة البطريركية بالقاهرة ؛ ثم اختيار البابا يوساب الثاني ( ١١٥ ) له ليكون سكرتيرا روحيا ؛ حتي صار اول كاهن قبطي في دولة الكويت ؛ معمرا للمواضع التي شغلها ؛ رافعا قلبه الي السماء . حسبما كان يردد قائلا : ( انا طالع القلاية اللي فوق ) ؛ قاصدا اعتاب الملكوت والمظال الابدية .
اتسم بسمة الانحجاب الواعى الذى هو سمة القديسين ، فعندما صارت أزمة الدولة التى عينت انذاك اللجنة الخماسية لتقوم بدور الأب البطريرك - المتنيح البابا شنودة الثالث - هرب من الفخاخ قائلاً : " اسمه كرسي مارمرقس مش دكة مارمرقس " ، وهذه هى فطنة القديسين ووفائهم للتقليد الأصيل . لا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته ، رمزاً للوحدانية والكمال .
رافق حبيبه البابا كيرلس السادس القديس ، منذ أن كان الراهب مينا المتوحد واستراحت إليه نفسه ، فالمثيل يرتاح الى مثيله ، وكان خير سند له عند تعمير دير مارمينا العامر ، مؤازراً لأبينا المتنيح أنبا مينا آفا مينا الذى اتخذه هو أيضاً أخاً وأباً وعضداً ومدبراً لمسيرة الرهبان السبعة الأُوَل فى برية مريوط . حتى صار اسمه معادلاً لهذا الموكب الظافر . أسقفاً للرسامات وللتدشين ولتدريس اللغة القبطية ، ثم داعماً ومحباً للبابا المتنيح أنبا شنودة الثالث الذى أحبه حباً جماً ، وسامه بيده الرسولية مطراناً للقليوبية ومركز قويسنا لأنه بحق شخصية كنسية من طرازٍ فريد ، يعيش حكمة براقة لا تذبل ، منفتحا علي الجميع بسعة تجمع الكل فى الواحد .
تسربل بنورٍ سماوى مستشفعاً برئيس الملائكة ميخائيل الذى كان دائم التشفع به ، صديقاً للقديسين منذ ولادته ونعومة اظافره ، فى مدينة اخميم بصعيد مصر حتى صار كوكباً من كواكب دير المحرق ، وقمراً من أقمار إتريب ، مرتدياً ملابس البهاء المنسوجة ثوباً هارونياً يليق بكرامة الواصلين الى قرون المذبح كقدسٍ للرب ، قائماً قدام المذبح ليقدم ذبائح روحية مقبولة عند الله .
منحه الآب السماوى شفافية تُعيد إلى الأذهان صورة الأولين ، لذا سَرَت روحانيته بتلقائية عجيبة فى أوساط المؤمنين الذين كانوا يلتمسون بركته ، فيجدوه ساكناً هادئاً وناظراً لهم نظرة الآب السماوى ، هارباً من الحكم كالهروب من أسد مفترس ، حتى صار ظاهرة تُقتَدى ، في عشرة السواح باتريب ؛ وفي هذيذ التسبيح ؛ وقد حلت نعمته سرا علي من التقوا به ؛ عندما وجدوه متجردا من كل قنية وهوي ومسرة ذاتية ؛ بتسليم ووفاء للنذور حسب قانون بستان رهبنة الاولين .
وبينما هو خادماً لكرسى القليوبية إلا أننا فى الإسكندرية عرفناه أسقفاً للسيامات الكهنوتية وللتكريس ولتدشين الكنائس والبيع الطاهرة التي كان يكلفه بها البابا انبا كيرلس السادس، كذلك كان كاهناً لكنيسة الملاك ميخائيل (بمنطقة غربال)عند تاسيسها في البدايات عندما كان القمص أنجيلوس المحرقي . وظل حاضراً بمواظبة فى السيامات الرهبانية والتذكارات لدير مارمينا بمريوط ، حاملاً ترس الاتضاع وحبور الفرح ، راكضاً ليرضى من جنده ، مرتفعاً بسمو فضيلته وبذله لا بامتياز رتبته ووظيفته الكهنوتية .
لقد عمل أعمال كثيرة فسمنت نفسه المجتهده ، هارباً من أهواء الفضول كسفر مفتوح يشع صدق عشرة القدوس ، جالساً وسط ابنائه ليقرأ الإنجيل معهم بهذيذ ، مردداً كتاب الإبصلمودية الذى حفظه عن ظهر قلب ، ومعلماً للغة القبطية فى مجالسه التى حولها وكأنها على مثال الكتاتيب القبطية القديمة .
حقاً من رآه رأى المطران اللابس الإسكيم مثال الذبيحة والقربان والعبادة الرسولية والتسبيح بالإبصلمودية التى اقترب بها من كرسى الرحمة ليترائى أمام الله مع صحبه الاحباء قديسى الكنيسة ، إسكيمياً من مشاهير مطارنة الكرازة المرقسية فى القرن العشرين . نيح الله نفسه الطاهرة ، ونفعنا ببركة سيرته المملوءة من نعمة الله ، والتي بها تكلم باعماله وعمل باقوله .
" الكل يقولون يا إله أبا مكسيوس أعنا أجمعين " .