الأقباط متحدون - يومها .. أنا كُنت هُناك
أخر تحديث ٠١:١٩ | السبت ٣ نوفمبر ٢٠١٢ | ٢٣ بابة ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٣٣ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

يومها .. أنا كُنت هُناك


بقلم / حنان بديع ساويرس
أتذكر جيداً هذا اليوم ، يوم ظهور الحمامة الشهيرة إعلامياً "بحمامة البابا شنودة" والتى ظهرت على مكتب قداسته أثناء عظته الأسبوعية يوم الأربعاء الموافق  28 / أكتوبر/ 2009 ، فهذا اليوم لن يُمحىَ من ذاكرتى ما حييت ، فقد مرعليه الآن ثلاث سنوات ولكننى أتذكره جيداً وكأنه حدث البارحة  ، "فيومها أنا كُنت هناك" فكُنت أحضر العظة الأسبوعية لقداسته من داخل الكاتدرائية ، فكعادتى كُنت داؤوبة على سماع كلماته ، وشغوفة بتعليمه وعظاته وإبتسامته العريضة التى تُدخِل فى نفسى الطمأنينة والأمل المُتجدد رغم تفاقم الأحداث المُتلاحقة ، كما كنت أواظب على مُحاضرة قداسته لمادة  "اللاهوت المُقارن" الذى كان يُدرسها لنا بنفسه "بالكلية الإكليريكية بالعباسية " التى إلتحقت بها حينئذ ، مما جعلنى أنعم بمُقابلته شخصياً و أتبارك منه العديد من المرات بل نُلت نعمة صلاته المُباشرة لى ووضع يده الطاهرة المُباركة على رأسى والدعاء والصلاة لى والتى لمست بركتها فيما بعد فهذه الذكريات قد إسترجَعَتها ذاكراتى هذه الأيام ربما لأننا نبدأ فى إستقبال البابا القادم الذى سَيخلف قداسته وقد وصلنا لآخر مرحلة وهى مرحلة "القرعة الهيكلية" والتى كانت حديث البابا فى العظة سالفة الذكر حينئذ والتى قد إصطحبها ظهور الحمامة وبمناسبة مرور ثلاث سنوات على ظهور تلك الحمامة ولاسيما أن يوم " الإنتخابات البابوية" كان يوافق 29 أكتوبر أى اليوم الذى يلى ظهور الحمامة وكلام البابا عن لائحة البطريرك والقرعة ،وأيضاً لإقتراب موعد جلوس البابا 118 عن طريق ذات القُرعة ،

لذا شئت أن أبوح لكم بأدق التفاصيل التى صاحبت هذا الظهور ولا سيما أننى كُنت بمثابة "شاهد عِيان" على هذا الظهور الذى لفت أنظار الجميع ، وربما أكون قد رأيت ما لم يراه سواى وقتئذ ، وهذا لأننى كنت أقف أمام "مقاعد الصفوف الأولى" تجاه السيدات بالممر "الطرقة"  التى كان يمر قداسة البابا منها عند دخوله وخروجه  ، فهذا الظهور قد فسره البعض على أنه ظهور للروح القُدس فى شكل حمامة كما هو معروف لأبناء الكنيسة أو من يقرأ الإنجيل ويعلم جيداً أن الروح القدس ظهر فى شكل حمامة عند عِماد السيد المسيح له كل مجد بنهر الأردن ، ولكننى سأطرح عليكم ما رأيته بعينى ولاسيما أننى كنت أقف بجوار الباب الذى دخلت منه الحمامة مٌباشرة وهو الباب الجانبى الأمامى للكنيسة من ناحية اليمين وهو الجانب التى تجلس فيه السيدات ، ولأننى رأيتها مُنذ أول لحظة دخلت فيها وقد لفتت نظرى وشدت إنتباهى لذا فقد تتبعتها جيداً لذلك ربما أكون قد رأيت  تفاصيل تَحَرُكاتها المُنظمة ومسيرتها داخل الكنيسة ، فالجميع رآها عند وقوفها على مكتب قداسة البابا فقاموا بالصخب والتصفيق والزغاريد ، لكننى شاهدت كل ما فعلته " الحمامة" تفصيلياً مُنذ دخولها حتى خروجها بعد أن أرسلت لنا الرسالة السمائية التى لا يختلف أثنان على فحواها الا وهى تأييد السماء لكلام البابا شنودة عن لائحة البابا والقرعة الهيكلية وقتها .
 
فسأسرد لكم المشهد بالتفصيل 
- فكان البابا فى تلك العظة يُجيب كعادته على أسئلة الحضور وبدأ بطرح أسئلة مُرسلة له من بعض الحاضرين ،وكانت الأسئلة تخص تغيير لائحة البطريرك و إلغاء القرعة الهيكلية وكان حينها هذين الموضوعين محل جدل واسع ، ومن هذه الأسئلة : 
 
* سمعنا أن بعض الأشخاص يقومون بعمل لائحة جديدة لإنتخاب البطريرك ، فما رأى قداستكم ؟ وطالعتنا الصحف أن قداستكم إستلمتم اللائحة الجديدة التى قام بإعدادها العلمانيون مع بعض القانونيون؟ فكان رد قداسته كالتالى .
- رغم أن هذا الموضوع لا يخص البابا شنودة ذاته مُباشرة ، إنما يخص الشخص الذى يأتى بعده، لكن أحب ان أقول بعض المُلاحظات العامة ، تاركاً التفاصيل فيما بعد .
 
من قدم اللائحة الحالية لإنتخاب البطريرك كان المجمع المقدس وقد قدمها للدولة كهيئة رسمية تُمثل الكنيسة ، أما الذين يُقدمون لوائح حالياً فليس لهم صفة كنسية أو صفة رسمية ،فلابد لمن يُقدم اللائحة أن يكون هيئة رسمية كنسية ، المُفترض أن تكون هى المجمع المقدس ، فلا يصح أن تكون لائحة إنتخاب البطريرك مُفصلة تفصيلاً على شخص مُعين ليُصبح بطريركاً ، أو لتمنع شخص مُعين أن يدخل فى الأمر .. فهم يجعلونها إيجابية وسلبية فى نفس الوقت ، فالذين يُفكرون فى إعداد  لائحة البطريرك يُريدون إلغاء بند القرعة الهيكلية وهذا لأنه من المُمكن أن يأخذ الشخص الذين يُريدونه أعلى الأصوات فى الإنتخابات وبعد ذلك لم تأتى به القرعة ، فيضيع الأمر عليهم ، لذا فهم يُطالبون بعدم الأخذ بها ويعتبرونها مُجرد لعبة بينما "القرعة الهيكلية" تُقنع الناس أن ربنا هو الذى أحضر هذا الشخص ، فبالقرعة الهيكلية أُختير البابا كيرلس السادس ، وبالقرعة الهيكلية أُختير البابا شنودة الثالث ، وبالقرعة الهيكلية أُختير الرسول الثانى عشر، ليُكمل الجماعة بعد إنتحار يهوذا ومذكورة فى أول سفر الأعمال ، بل القرعة أيضاً أستخدمها الرجال الأمُميون فى قصة يونان وإستجاب لهم الرب رغم كونهم أُمميين ، فنحن لا نوافق إطلاقاً على حذف مبدأ القرعة   . 
      - فهذا مضمون ما قاله قداسة البابا يومئذ ، وبعدها مُباشرة ظهرت الحمامة لتُعلن تأييده وتعضيده ومُساندته أمام الحاضرين بل أمام العالم أجمع  الذين شاهدوا ذلك عبر القنوات الفضائية ومواقع الإنترنت المُختلفة .
 
أعود لتفاصيل دخول الحمامة : 
فقد دخلت الحمامة من الباب الجانبى كما قلت سابقاً وكنت أتابعها جيداً لأننى أعلم أن الحمام لا يطير ليلاً كما أكد قداسة البابا شنودة ذلك حينئذ ، فقد إسترعت إنتباهى من أول وهلة ظهرت فيها فبعد دخولها مرت "بخورس السيدات" وهو المكان الذى يوجد خلف المقاعد الذى كان يجلس عليها الأباء الأساقفة أثناء العظة وتتبعتها جيداً إلى أن رأيتها وكأنها تبارك الأساقفة وهى تمر على رؤوسهم ثم وقفت أمام المذبح عدة ثوانى ليست بقصيرة وراء قداسة البابا  فوقفت على باب الهيكل وكأنها تصلى أمام المذبح قبل أن تفعل الخطوة التالية وهى التى لاحظها الجميع وهى وقوفها على مكتب قداسة البابا تنظر له وكأنها تطلب البركة وبعد أن أدرك الشعب وجودها على المكتب وبدأوا يصفقون ولاحظ قداسته وجودها فبدأ بُمداعبتها ونظر لها باسماً ثم بإشارة غير ملحوظة من يده وكأنه يأذن لها بالإنصراف بعد أن أخذت البركة منه وأعلنت تأييدها له أمام الجميع وبعد ذلك طارت وكان صوت فرارها مسموع وعالِ لدرجة أقشعر لها بدنى وطارت فوق روؤسنا "الشعب" وكأنها تبارك الجموع وبعد ذلك خرجت من الباب الرئيسى للكنيسة وليس من الباب الذى دخلت منه وعلق البابا حينها قائلاً " الحمام لا يطير ليلاً" كما قال أيضاً " دى جاية من عند الهيكل" رغم أنه لم يراها على مكتبه إلا حينما حدث الضجيج والصخب من الشعب على أثر رؤيتهم لها مما لفت إنتباهه ورغم ذلك نوه على أنها جاءت من الهيكل !!
 
* لاحظ معى عزيزى القارئ أنه "طقسياً" عندما يأتى أسقف أو كاهن فى حضرة الأب البطريرك لابد أولاً ان يقوم بعمل "مِطَانية عبادة" أمام الهيكل أى " يسجد أمام الهيكل"  فى صلاة وخشوع أمام الله ، وبعد ذلك يقوم بتحية الأب البطريرك وعمل "مِطَانية إحترام له" وهذا ما قامت به حمامة الظهور، لذلك أنا أعتقد أن هذه الحمامة هى أحد الآباء السواح الذين إنتفضوا من خلوتهم مُعلنين تضامنهم ومُساندتهم لقداسة البابا عند إعلانه رأيه فى أمر لائحة البابا والقرعة الهيكلية
وأمام هذا المشهد الرائع الذى لن أنساه ما حييتُ علمت أن الله يوافق على كل كلمة تفوه بها قداسته فى هذا الأمر ورغم إقتناعى بموضوع " القرعة الهيكلية" من قبل هذا الحدث إلا وقد زاد إيمانى بضرورة هذه القرعة التى تجعلنا فى قرارة أنفسنا نشعر بأن يد الله هى التى تختار راعى الكنيسة حسب مشيئته وحسب قلبه ، فالله يهتم بالكنيسة وبنا أكثر ما نهتم نحن أنفسنا بذلك ، فأننا هذه الأيام نشهد أيام تاريخية تمر بالكنيسة القبطية فمعظمنا يشهد لأول مرة  "إنتخابات باباوية"
 
 فهذا الحدث بمثابة حدث تاريخى جلل بالنسبة لنا ولا سيما أن مُعظم جيلنا لم يرى مثله من قبل ،فقد كان إختيار قداسة البابا شنودة قبل أربعون عام من الآن ،أى قبل أن يولد مُعظم شباب وشابات هذا الجيل فلم  نشهد من قبل عملية إختيار البطريرك فلم يُعاصر أحد منا مثل هذا الحدث تقريباً أويدركه سوى آبائنا وأجدادنا ، وهانحن الآن قد وصلنا لآخر خطوة بعد تصفيات المُرشحين إلى خمسة وكانت هذه بمثابة المرحلة الأكثر صعوبة ، فنشكر الله أنها مرت بسلام دون أن يحدث إنشقاقات داخل الكنيسة ، وأيضاً مرت الإنتخابات البابوية بسلام ونظام يشهد له العالم أجمع كما كانت النتيجة أيضاً مُرضية للجميع ، وقد وصلنا إلى آخر مرحلة والتى كانت حديث البابا وظهرت على اثرها " الحمامة"وهى القرعة الهيكلية ، وقد لمسنا جميعاً نتيجة صلواتنا وأصوامنا فى كل مرحلة تلو الآخرى وسنرى قريباً كيف يُعظم الرب الصنيع لنسير فرحين ، ونرى عمل الله الذى من المؤكد سيكون لصالح الكنيسة ونترقب بفرح كيف سيختار لنا لخلافة كاروز الديار المصرية مار مرقس الرسول وخليفة لقداسة البابا شنودة الثالث ليعوضنا به عن الفراغ الذى تركه قداسته فى نفوسنا ، فأمامنا الآن نيافة الأنبا رافائيل الذى أختاره الكثيرين لأنه تلميذ الأنبا موسى ، والأنبا تاوضروس والذى أختاره الكثيرين لأنه تلميذ الأنبا باخوميوس ولا سيما بعد الشعبية والحب الذى نالهم نيافة الأنبا باخوميوس بسبب نجاحه فى رعاية  الكنيسة كقائم مقام للبطريرك والذى خفف عنا كثيراً وهدأ من روعنا بسبب إنتقال قداسة البابا ، وآخيراً القمص رافائيل أفا مينا والذى تم أختياره أيضاً من كثيرين لأنه تلميذ البابا كيرلس السادس ، ولكن أنا أرى أن الرب سيختار الراعى الصالح منهم لأنهم جميعاً تتلمذوا أيضاً على يد قداسة البابا شنودة الثالث .

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع