الأب رفيق جريش
نُثمِّن التدابير السياسية والعسكرية الهادئة والحذرة التى اتخذتها الإدارة المصرية أثناء أزمة الجنود المصريين، الذين احتُجزوا لعدة أيام فى السودان من قِبَل قوات من المفترض أنها صديقة.
والذين رجعوا إلى بلادهم سالمين والحمد لله، بعد أن دب القلق فى قلوب المصريين، وبدأت السيناريوهات المختلفة تجد طريقها فى جلسات المصريين ووسائل التواصل الاجتماعى.
السودان تربطها بمصر روابط كثيرة قلّما نجدها بين بلدين متجاورين، فبجانب نهر النيل الذى يربط بيننا، هناك تاريخ مشترك قديم منذ أيام الفراعنة، الذين ذهبوا إلى منابع النيل حتى مقاومة الاحتلال الإنجليزى.
كذلك هناك روابط الدم العائلية والتبادل الجامعى ومدارس البعثة المصرية بالسودان والتبادل الطلابى بين البلدين والتبادل التجارى والزراعى والصناعى بين البلدين، والشىء بالشىء يُذكر.
هناك جالية سودانية كبيرة تُقدر بخمسة ملايين سودانى قبل الأزمة الأخيرة، يعيشون بين إخوتهم المصريين على الحلوة والمرة، وكذلك جالية مصرية كبيرة فى السودان. خلاصة القول.. إن علاقة السودان بالنسبة لمصر ومصر بالنسبة للسودان هى علاقة روابط شعب وتاريخ وجغرافيا تتعدى إدارة الحكام والسياسيين.
لذا على مصر أن تكون دائمًا حاضرة وفاعلة فى كل ما يخص السودان الشقيق وعنصر مصالحة بين الفرقاء السودانيين أنفسهم، ولا يصح أن يتفاجأ الشعب المصرى بحرب أهلية مفاجئة فى الحديقة الخلفية لبيته تهدد استقرار المنطقة.
السودان هو سلة طعام الدول العربية جمعاء، ويحتكم على ثروات هائلة مثل الذهب والبترول والحديد واليورانيوم وغيره، ورغم ذلك شعبه من أفقر الشعوب الإفريقية، وذلك بسبب ضعف التنمية والوقوع فى فخ السياسة المتقلبة.
فالسودان شهد 17 انقلابًا منذ استقلاله وانقسام جنوب السودان عن شماله ووجود احتمالية انقسامات أخرى فى ظل المعارك والمؤامرات الحالية والرغبة فى الاستئثار بالسلطة، ولا ننسى أن قوى الشر التى حكمت مصر مدة سنة وفشلت تلعب هى أيضًا دورًا شريرًا فيما يحدث على حدودنا الجنوبية.
لذا علينا حكومة وشعبًا الحذر الشديد وانتشال إخوتنا فى السودان من هذه الحرب الدائرة، والمرشحة أن تطول، ولا يخفى على أحد احتياج السودانيين الشديد إلى الطعام والدواء والكساء الناقص بشدة فى هذه الأيام العصيبة، فهل تستطيع مصر أن ترسل معونات عاجلة إلى إخوتنا فى السودان؟
نقلا عن المصري اليوم