حمدي رزق
اختار قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو «حميدتى»، موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» لإيصال رسائله السياسية إلى العالم أثناء المواجهات الضارية مع قوات الجيش السودانى، وتنقل عنه عشرات الحسابات الإلكترونية الموالية.. يصل إلى العالم أسرع من الجيش السودانى.
إزاء حرب إلكترونية بامتياز، «حميدتى» اختار الفضاء الإلكترونى مسرحًا لحربه، ما مكّنه من التفوق الإعلامى بتغريداته وفيديوهاته التى تتغذى عليها المنصات الفضائية والإلكترونية بغض النظر عن نتائج المعارك الضارية على الأرض.
المعركة السودانية فى الفضاء الإلكترونى لا تقل ضراوة عن المعركة على الأرض، وكما أن المعارك على الأرض تستخدم الأسلحة الثقيلة والخفيفة والطائرات من الجو لضرب التمركزات الحصينة للدفع السريع على الأرض، «حميدتى» استخدم المنصات الإلكترونية ومواقع التواصل لقصف جبهة البرهان، وتحقيق انتصارات فضائية وإلكترونية.
ليس كافيًا تحقيق التقدم على الأرض بينما الفضاء الإلكترونى مستباح، وتعربد فيه الكتائب الإلكترونية التى احتشدت كجيش خفى يربك موازين القوى ويخلط النتائج ويغميها تمامًا حتى على المراسلين على الأرض.
استخدام آليات الحرب النفسية فى طبعتها الإلكترونية بضراوة فى معركة كسر العظم بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع سيُعيد الحسابات العسكرية فى مناطق الحروب والصراعات.
يقينًا الحسابات الإلكترونية سيكون لها ثقلها فى قادم المعارك، ومواقع التواصل سيكون لها دور فى حسم المعارك فضائيًا، وهذا يتطلب جهدًا مضاعفًا من الأجنحة الإعلامية التى تواجه أشباحًا فضائية معادية تملك حضورًا لافتًا.
«الدجاج الإلكترونى»، وهو اسم ساخر يُطلق سودانيًا على الكتائب الإلكترونية التى تنشط فى الساحة السودانية، إحصاء إلكترونى يشير إلى نحو 3 آلاف حساب مزيف، تنشط فى بث الأخبار المغرضة عن الحالة السودانية قبل المعركة الأخيرة، ونشطت بضراوة مع اندلاع المعارك المحزنة.
إدارة «فيسبوك» العام الماضى أغلقت عشرات الحسابات المزيفة فى السودان، ثبت أنها تعمل على بث الإشاعات وتديرها جهات خارجية، ما يعنى أن هذه الحسابات التى ضُبطت أخيرًا تصب فى تلك الجهود المستمرة التى تعمل على بث الفرقة والشتات بين أبناء الوطن، وإثارة النعرات القبلية والعنصرية، خلطت الأوراق بشدة.
الطور الجديد من الحرب النفسية سيغير الكثير من المعادلات العسكرية والسياسية، وكما كان «تويتر» مؤثرًا بشدة فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة، دونالد ترامب استغل الفضاء الإلكترونى لوضع منافسه فى الزاوية صفر، برزت مواقع التواصل بشدة فى سياق الحرب الأوكرانية، لكنها لفتت العالم بأسره فى سياق الأزمة السودانية ما أربك الحسابات تمامًا.
«تويتر» موقع تواصل اجتماعى أمريكى يقدم خدمة التدوين المصغر، تدوينات مؤثرة تدوى فى الفضاء تخلف سحبًا سوداء تغطى على النتائج على الأرض.
تواليًا ستظل معركة الحسم فى السودان معلقة فى الفضاء الإلكترونى إلى حين الحسم على الأرض بقوة السلاح أو بالجلوس على طاولة المفاوضات، وهذا يتطلب جهدًا سودانيًا خالصًا، مدعومًا إقليميًا ودوليًا للحفاظ على الأرواح والاستقرار الذى يتمناه كل محب للسودان الحبيب.
نقلا عن المصرى اليوم