ياسر أيوب
لم تكن الدراجات وسيلة للبهجة والفرحة خلال أيام العيد فى العريش فقط .. إنما من الأقصر إلى الإسكندرية ومن سيوه إلى الغردقة وباقى مدن الدلتا والصعيد إلى القاهرة .. ولم يكن ذلك حدثا استثنائيا فى مصر التى بدأت تعرف الدراجة منذ 1890 .. فالدراجة التى كانت مجرد فكرة للإيطالى يوناردو دافنشى منذ خمسمائة عام .. وبدأ الفرنسى دى سيفراك تنفيذها وأضاف الألمانى فون سامر أداة القيادة والإسكتلندى ماك ميلان البدال والفرنسى ميشو الفرامل وساوى الإنجليزى ستارلى بين العجلتين الأمامية والخلفية ثم أضاف الأيرلندى دانلوب الإطارات المملوءة بالهواء ليمتلك العالم أخيرا فى 1888 الدراجة كما نعرفها الآن .. وجاء الغرباء الأجانب بدراجاتهم إلى مصر وتعلم منهم المصريون استخدامها وزاد عددها حتى اضطرت الحكومة فى 1893 وضع قانون خاص بالدراجات وتم اعتماده فى يناير 1894 ..
 
وبمقتضى هذا القانون أصبح راكب العجلة ملزما بالسير جهة اليمين وأن يخفف سرعته عند تقاطعات الطرق ولا يجوز له أن يصعد بالدراجة فوق الرصيف إلا عند دخول المنزل ومنع القانون التسابق بين راكبى الدراجات فى الطرقات وأيضا النزول من الدراجة فى وسط الطريق أو عدم الوقوف حين ينادى رجال البوليس على راكب الدراجة .. وقرر القانون غرامة لمن يخالف هذه البنود تتراوح من 25 إلى 100 قرش .. ومنذ قرابة مائة عام .. شهدت الدراجات فى مصر التحول الهائل سواء اجتماعيا أو رياضيا بعد قرار الدولة الاعتماد على الدراجة فى توزيع البريد بدلا من الحمير .. ولم يؤد ذلك إلى مزيد من انتشار الدراجات فى المدن الكبرى فقط إنما فى مختلف المدن والقرى المصرية .. وتحولت الدراجة إلى وسيلة سهلة ورخيصة للتنقل .. وفى نفس الوقت تأسس الاتحاد المصرى للدراجات بعدما تحولت الدراجة أيضا إلى لعبة لها سباقاتها وبطولاتها .. وهو ما يعنى أن الدراجات فى مصر بدأت عصرا جديدا ..
 
يستخدمها كثيرون جدا من العمال والموظفين ويهوى الكثيرون سباقاتها .. ولهذا كان من الطبيعى أن تشارك مصر فى دورة باريس الأوليمبية 1924 بثلاثة لاعبين للدراجات هم أحمد سالم حسن ومحمد مدكور ومحمد على محمود .. وليست هناك أسباب واضحة ومؤكدة ومقنعة لعدم المشاركة الأوليمبية للدراجات المصرية بعد باريس 1924 إلا فى دورة سيدنى 2000 .. لكننا أصبحنا نعرف ونملك التفسير لتغيير رؤية المجتمع المصرى بشكل عام للدراجة والفتاة أو المرأة .. ففى عام 1968 تم افتتاح مصنع للغزل والنسيج فى قنا ولأنه كان بعيدا عن العمران كان هناك اقتراح بأن تستخدم العاملات الدراجات فى التنقل بين المصنع وبيوتهن ..
 
ورفض الرجال تماما ما يجرى ورفعوا وقتها شعار .. على الدوار بنات المصنع جابولنا العار .. ودارت الأيام والسنون ليأتى عام 2016 وتصبح الدراجات المصرية كلها ممثلة فى دورة ريو دى جانيرو بفتاة وبطلة مصرية اسمها ابتسام زايد .. ولم تكن ابتسام إبنة السويس هى الممثلة الوحيدة للدراجات المصرية فى دورة ريو دى جانيرو 2016 .. بل كانت الوحيدة أيضا التى شاركت دورة طوكيو الأوليمبية الماضية.
نقلا عن المصرى اليوم