خالد منتصر
هناك دودة اسمها الدودة المسطحة Planarian، بدأت أقرأ عنها كثيراً عندما نبّهنى إليها مقال عنها كتبه الصديق العزيز «د. المخزنجى» منذ عدة سنوات فى سلسلة مقالاته العلمية الشيقة، و«فيس بوك» ووسائل التواصل الاجتماعى حينما تقرأ كثيراً عن شىء معين، تجد أن الإنترنت يكرم عطاءه معك ويبعث إليك بكل ما يُكتب عن الموضوع وكأنه جالس فى عقلك!لكن بداية ما هى دودة البلاناريا، هى دودة تعيش غالباً فى المياه العذبة، وهى دودة خنثى لديها جهازان تناسليان (ذكر وأنثى)، لكن ليست تلك الميزة الوحيدة، فهناك كائنات خنثى كثيرة، لكن ميزتها العظمى والمدهشة هى قدرتها على التجدّد، من الممكن أن ترد قائلاً «هناك كائنات أخرى تقطع ذيلها فيطلع ذيل آخر.. مش مشكلة»، لا صديقى العزيز، أنت لو قطعت جزءاً من تلك الدودة، لن ينمو الجزء المقطوع فقط، لكن ستنمو دودة كاملة، يعنى لو قطعت رأسها، فهذه الرأس ستصنع دودة من الرأس حتى الذيل!
لذلك هذه الدودة هى نجم معامل البحث فى أهم جامعات العالم الآن، بسبب هذه الصفة الفريدة التى تعود إلى عدد ونشاط الخلايا الجذعية بداخلها، وسبب هذا الشغف العلمى أن بهذا التجدد وبمعرفة سره وميكانيزماته سنجعل من فقد ساقه مثلاً يُجدّد ساقه، وهكذا أى عضو فى الجسم، المدهش أكثر أن تلك الدودة الجديدة التى تم صناعتها من الجزء المقطوع، لا تكتسب فقط المادة الوراثية من الدودة القديمة، بل تكتسب ذاكرتها وخبراتها!فهى بالفطرة تخاف من الضوء، لكن العلماء اختاروا ديدان وجعلوها تقبل الضوء وتتعايش معه، لأنها لا بد أن تمر خلاله للحصول على الغذاء، وعندما قطعوا جزءاً منها ثم نما فى نحو أسبوع لدودة جديدة، صارت تلك الدودة الجديدة لا تخاف الضوء وتتعايش معه!
لو وصل العلماء إلى الجين المسئول عن إعادة نمو وإنبات الدودة الجديدة وأعضائها ستكون ثورة علمية غير مسبوقة، سيصبح زرع الأعضاء من الماضى، فبمجرد حقنة خلايا جذعية فيها هذا الجين السحرى المحفّز، سينمو العضو المفقود الذى كنا نريد زرعه!! سيصبح البتر فى خبر كان، وسيصبح الخلود أملاً يطارده العلماء للحصول عليه.
نقلا عن الوطن