سحر الجعارة
من يعرفها -مثلي- جيداً يعرف أنها «وجدان» فى جسد «أنثى».. وأن قلبها يطل من عينيها، وأنها أقرب ما تكون لشخصية «الأم تريزا».. تغلف مشاعرها بأوراق الورد وتوزعها «بالعدل» على من حولها.أحياناً أشعر أنها لم تغادر خانة «الطفولة»، وأنها نفس «الصبية» التى تحرص على مشاعر محبيها فلا تصدمهم بالخروج عن سيناريو «العادات والتقاليد» فى حياتها الشخصية.. ولا تجرح صورتها الذهنية على الشاشة!. هي «سفيرة الحب» في الوسط الفنى، أول من تجدها فى الأزمات والشدائد قبل الأفراح.. «مجاملة» إلى درجة الخسارة مادياً وفنياً أحياناً.. «ودودة» إلى مرحلة تشعر بالعجز عن مجاراتها.

إنها «يسرا» التى يزداد حبى لها مع المواقف والسنوات، وحين يخونها حدسها فى اختيار عمل سينمائى ما ألتزم الصمت.. لأننى أدرك جيداً أنها ليست «ثرية» كما يتصور البعض إلا بالثراء الإنسانى الذى جعلها «سفيرة للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى».. وأنها قد تقسو على نفسها لمجاملة زملاء المهنة!.أعترف بداية أن شهادتى مجروحة فى «يسرا»، الحب والصداقة يفقدانك «الحياد» أحياناً.. لكنهما أيضاً يجعلانك ترى ما لا يراه الآخرون.. أعترف -أيضاً- أننى ضعيفة أمام من أحبهم، وهذه صفة مشتركة بيننا.

تمردت «يسرا» على نمط الشخصية التى أسرتها لسنوات، وكبلتها فى أدوار المرأة المثالية الناعمة.

وقررت «سيفا» أن تقدم درساً فى «فن الأداء»، استجمعت خبرة السنين وكل «أسلحة الممثل»، وتحدت نفسها وراهنت على وعى الجمهور.. وقدمت الدكتورة «سميحة» فى مسلسل لايت كوميدى «1000 حمدالله على السلامة».

سوف تجد فيه نفس نكهة مسلسل العام الماضى «أحلام سعيدة» مع زيادة جرعة الكوميديا، فى قلب مسلسلات تغلب عليها التراجيديا والأكشن.

هو «الصدق» الذى يجعلنى أنسى للحظة أن «يسرا» تقدم مشهداً سينمائياً، لأنها صادقة حتى النخاع فى كل ثانية من حياتها حتى لو كانت «تمثيلاً»!.

إنها مثل لؤلؤة نادرة لم نكتشف قيمتها الحقيقية حتى اليوم، فلا يزال لديها الكثير لتقدمه.. تلك الموهبة السخية التى اختبأت طويلاً خلف ثياب المرأة الحكيمة والمظلومة أحياناً.لقد عايشت مواقف عديدة مع «يسرا» كانت تناشد المجتمع الدولى لحماية أطفال فلسطين، وتؤازر مرضى الإيدز والمعوقين، وتعمل بجدية لأجل المهمشين.. لم أرَ فيها أى تصنع أو تكلف كانت تبادر بحب وحس إنسانى رفيع بمعاناة الآخر.. وكأنها تحقق «أمومتها» بالعطاء لكل المحرومين والمحتاجين.عشت معها مواقف تعرضت فيها لأزمات وظلم من البشر ومن الصحافة.. فلم تكن إلا صبورة محبة واثقة من أن الله لن يخذلها.. فلديها طاقة غريبة تتجاوز بها عن أخطاء الآخرين وتسامح وتغفر الإساءة!.

هى نفسها «طاقة حب» تمنح قلبها دون أن تنتظر المقابل أو تسعى لأى منفعة أو مصلحة فى زمن كله نفاق وزيف.. حتى مع الحيوانات تجد «يسرا» كلها فهم وتقدير!.حين توفيت أمى رحمها الله كانت «يسرا» من أوائل من دقوا بابى للعزاء.. دخلت فوجدت فى طريقها كلبتى الصغير «بيسكى».. احتضنتها وقالت جملة لا أنساها حتى اليوم: «لو أملك لوضعت الحيوانات على رأسى»!.. وظلت تحتضنها حتى انتهت الزيارة. كل لفتة أو نظرة أو إيماءة من «يسرا» فى المسلسل قيمة فنية فى حد ذاتها.. لأنك -ببساطة- تلغى ذاكرتك وتنسى ما قدمته من أدوار مقهورة أو جسدت فيها المرأة الجميلة.. وتصدق أنها «سميحة».

أحب «يسرا» حين ترقص أو تغنى.. حين تبكى أو تصرخ.. أو حتى تصمت.. أحب بريقها مع النجم «عادل إمام».. وأعشق جنونها مع المخرجة «إيناس الدغيدى».. لكننى أحببت أكثر كسرها للقالب الذى ألفناه وتعودنا عليه.

أدرك جيداً صعوبة أن يخرج مسلسل «1000 حمدالله على السلامة» بأبطال يحملون عبء البطولة أمام يسرا لأول مرة (شيماء سيف، محمد ثروت).. الأهم من ذلك وجود شباب وُلدوا نجوماً «مايان السيد، آدم الشرقاوى».. أما النقيب حسام «أحمد عبدالوهاب» فلعله أكثر شخصية أخذت حقها فى الكتابة والأداء.. المسلسل تأليف «محمد ذو الفقار» والمخرج «عمرو صلاح» قدّما كوميديا اجتماعية خفيفة للبيت المصرى ليس فيها إفيهات فاقعة ولا ضحكات صارخة.أما «يسرا» فأقول لها كلمة واحدة: «وحشتينى».
نقلا عن الوطن