مودي حكيم
هذا العام اجتمع المسلمون والمسيحيون فى وقت واحد حول الإيمان بالله سبحانه وتعالى، كلٌّ حسب عقيدته. تداخل الأذان مع أجراس الكنائس، واقتربوا أكثر من بعضهم بعضًا، يصومون رمضان والصوم الكبير، يمتنع فيه بعض المسيحيين عن تناول الطعام والشراب أمام المسلمين فى أماكن العمل والجامعات وغيرها، والبعض يؤجل موعد طعام أسرته لحين إطلاق مدفع الإفطار احترامًا للشهر الكريم وجيرانهم الصائمين، والبعض الآخر يصوم عن الطعام تضامنًا، فالوطن هو المظلة التى تجمع أبناء مصر. وفى كل ليلة يصلى المسلمون صلوات التراويح فى المساجد، والمسيحيون يصلون صلوات «البصخة» فى أسبوع الآلام، وتأتى الأعياد متقاربة بينها أسبوع واحد. وبصرف النظر عن معتقدات كلٍّ منهم، فالمسيحيون يحتفلون بأحداث الجمعة العظيمة وأحد القيامة ليسوع الناصرى، تم جلده وصُلَب، ثم غُرَز رمح فى جنبه للتأكد من موته، ووُرى جثمانه فى قبر جديد، وقام بحراسته قادة من وحدات المائة لدى الرومان. وبعد يومين اختفى الجثمان، وأفاد من يعرفونه بأنهم رأوه وتحدثوا إليه. وقصة بعْثه الحياة من جديد لا تشكل فقط أساس المسيحية، بل أيضا تشكل لغزًا استحوذ على اهتمام المؤرخين على مدى أكثر من ألفى عام. القصة تناولها العديد من الأفلام السينمائية أشهرها الرداء The Robe عام 1953، وفيلم يسوع الناصرى Jesus Of Nazareth عام 1977، وفيلم The Passion of The Christ عام 2004.
The Robe فيلم ملحمى إنجيلى أمريكى أنتج عام 1953 يحكى قصة أطربون عسكرى رومانى يقود الوحدة التى ستصلب يسوع المسيح. تم إنتاج الفيلم من قبل فوكس للقرن العشرين ويشتهر بكونه أول فيلم صدر بتقنية سينما سكوب للشاشة العريضة. ومثل أفلام سينما سكوب CinemaScope المبكرة الأخرى، فقد تم تصوير الفيلم عن طريق هنرى كريتيان بعدسات هايبرجونار البصرية.
فى مقاطعة يهودا الرومانية خلال القرن الأول، فى هذه الملحمة التوراتية، يربح الرومانى المخمور Marcellus Gallio المكلف مع مجموعة من الجنود الرومان بصلب المسيح ويلعب دوره Richard Burton، ويفوز بعد إتمام المهمة فى لعبة النرد برداء يسوع، وهى عادة رومانية كانت تتم باقتسام ثياب المصلوب.
لم يكن مارسيلوس أبدًا رجل إيمان مثل العبد ديمتريوس (فيكتور ماثيور)، ولكن عندما هرب ديمتريوس بالرداء، يواجه مارسيلوس رؤية مزعجة ويشعر بالذنب بسبب أفعاله. مقتنعًا بأن تدمير الرداء سيشفيه، شرع مارسيلوس فى العثور على ديمتريوس، واكتشف إيمانه المسيحى على طول الطريق، وتتراءى له كوابيس مخيفة تقلب حياته رأسًا على عقب، فماذا يفعل؟ وهو لايزال لم يؤمن به. يقرر السفر إلى فلسطين ليتعلم الكثير عن الرجل الذى ساهم فى قتله. بمجرد وصوله إلى فلسطين، تأخذ القصة منعطفًا آخر حيث يغمر العبد اليونانى الذى يمتلكه مارسيليوس ديمتريوس (فيكتور ماثيور) بنظرة من المسيح فى أحد الشعانين، ويقضى مساء الخميس المقدس يركض يائسًا فى الشوارع المظلمة فى محاولة للعثور على يسوع وتحذيره. ثم تأتى لمحة ربانية مثيرة للاهتمام، فيجد Marcellus أنه لا يستطيع ارتداء رداء المسيح. فى وقت لاحق يعود إلى روما، وقد سحرته نظرة يسوع، وصراعه الداخلى يهدد بتحطيم سعادته مع ديانا (جين سيمونز). يسعى مارسيليوس إلى تحرير نفسه، ويتواصل مع المجتمع المسيحى المبكر.
الفيلم من بطولة ريتشارد بيرتون، جين سيمونز، فيكتور ماثيور، مايكل رينى، وجاى روبنسون، والفيلم من إنتاج شركة فوكس للقرن العشرين. الفيلم تكلف وقتها 4.1 مليون دولار وحقق أرباحًا 32 مليونًا. أخرج الفيلم هنرى كوستر، وتولى إدارة الإنتاج فرانك روس. تم اقتباس السيناريو من قبل جينا كوس، ألبرت مالتز، وفيليب دان من رواية لويد دوجلاس حملت نفس الاسم. تولى تأليف الموسيقى ألفريد نيومان، والتصوير السينمائى ليون شامروى.
■ ■ ■ ■
لم يكن فيلم Jesus of Nazareth عن حياة يسوع والذى يظهر فيه بعض أكبر الأسماء فى تاريخ الأفلام مجرد حلم، ولكنه فى الواقع تم تحويله إلى أحد أفضل الأعمال المتعلقة بحياة يسوع. ضم فريق التمثيل النجمين آن بانكروفت فى دور مريم المجدلية، لورنس أوليفييه فى دور نيقوديموس، أنتونى كوين فى دور كايافاس، رود ستيغر فى دور بيلاطس البنطى، مايكل يورك فى دور يوحنا المعمدان، وروبرت باول يلعب الدور الرئيسى بالفيلم شخصية يسوع. أصبح الفيلم الذى أخرجه فرانكو زيفيريلى المعيار الذهبى لما هو إنتاج عن حياة يسوع المسيح حتى صدور فيلم آلام المسيح. التقط الفيلم جوهر حياة يسوع والمعاناة والتضحية التى كان عليه فى النهاية تحملها خلال أيامه الأخيرة.
أما فيلم The Passion of The Christ الذى أخرجه ميل جيبسون، فهو يأخذ من الأناجيل الأربعة ويسرد آخر 12 ساعة من حياة يسوع، والتى أبرزتها العاطفة. إنها تبدأ بيسوع فى جثسيمانى، وتشمل خيانة يهوذا الإسخريوطى وصلب يسوع وموته فى نهاية المطاف. لعب دور السيد المسيح الممثل جيم كافيزيل. قال جيبسون، وهو كاثوليكى تقليدى، إنه يلتزم بالعقيدة الكاثوليكية الرومانية. الفيلم تم تصويره فى إيطاليا باللغة الآرامية (لغة المسيح) واللاتينية والعبرية ويحتوى على ترجمات، حقق نجاحًا كبيرًا فى شباك التذاكر فى ذلك الوقت. ومع ذلك، فقد اعتبر البعض الفيلم مثيرًا للجدل بسبب العنف المفرط ومعاداة السامية للطريقة التى يتم بها تقديم أعضاء السنهدريم فى حماستهم للوقيعة بيسوع. لايزال الفيلم المسيحى هو الأعلى ربحًا على الإطلاق. على الرغم من ذلك لم يفز بأى جوائز أوسكار.
■ ■ ■ ■
صلب يسوع هو أهم حدث فى الكتاب المقدس، حدث غيّر مجرى التاريخ. وهناك عدد من الأفلام التى التقطت تلك اللحظة بطريقة مؤثرة ومثيرة. فى الوقت نفسه، فإن تصوير العديد من الممثلين لشخصية المسيح حاز على استحسان الجمهور. الأفلام التى تروق للمسيحيين من جميع الطوائف هى طريقة رائعة للاحتفال بعيد «القيامة» الفصح.
■ ■ ■ ■
دعونا نلتف برداء من المحبة، ونتشح بوشاح المواطنة، نتشارك معا- مسيحيين ومسلمين- فرحة المناسبات الوطنية فى حب وألفة وتبادل إنسانى وحضارى، شركاء فى حب الوطن الواحد، والمصير الواحد، لوقف محاولات الوقيعة والفتنة بيننا.