كتب : أبو العز توفيق
أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية نتائج جلسة الصلح العرفية التي عقدت مساء الاحد الماضي 28 أكتوبر بعزبة ماركو طلا التابعة لمركز الفشن جنوب محافظة بني سويف على خلفية اعتداء مسلمين على مصلين مسيحيين من خارج العزبة. وانتقدت المبادرة المصرية رعاية ومشاركة القيادات الأمنية بالمحافظة والمركز لجلسة الصلح التي فرض خلالها الطرف المعتدي شروطه على الطرف الضعيف، وبالمخالفة لنصوص الإعلان الدستوري والقانون التي تكفل وتصون حرية الاعتقاد وأبسط مبادئ العدالة.
وكانت اعتداءات قد وقعت صباح الأحد 28 أكتوبر على مصلين مسيحيين أثناء خروجهم من كنيسة مار جرجس بعزبة ماركو طلا. وقام عشرات من مسلمي .العزبة والقرى المجاورة – بينهم عدد كبير من الملتحين - بمهاجمة المصلين من خارج القرية عقب انتهاء القداس، وذلك باستخدام العصي والشوم والحجارة، بينما حمل عدد منهم جنازير وأسلحة بيضاء. وجاء ذلك بسبب رفض مسلمي عزبة ماركو طلا قدوم مسيحيين من القرى المجاورة، والتي لا توجد بها كنائس، للصلاة داخل كنيسة مار جرجس بالعزبة. وقد تدخل مسلمون عقلاء لمنع أهالي العزبة المسيحيين من الخروج من الكنيسة خشية تعرضهم للأذى أثناء الاشتباكات مع المسلمين المحيطين بالكنيسة من الخارج.
وقد أسفرت الاعتداءات عن إصابة إبراهيم صادق بكسر مضاعف في اليد نتيجة ضربه بجنزير، بينما أصيب عادل محروس وروماني توفيق بكسور وجروح مختلفة، وجميعهم يعالجون بمستشفى الفشن العام. كما تم تحطيم زجاج سيارتين مملوكتين لمسيحيين.
يذكر أن العلاقة بين مسلمي ومسيحيي عزبة ماركو قد شهدت توترات سابقة خلال شهر رمضان الماضي لنفس الأسباب، وعقدت جلسة صلح عرفية اتفق خلالها على عدم دخول المصلين من خارج القرية لحين انتهاء شهر رمضان وهدوء الاوضاع. ويوم الأحد الماضي جاء نحو عشرة أقباط من عزبتي راجي والزرايب المجاورتين، فتم الاعتداء عليهم.
وقال القس شاروبيم شهاب راعي الكنيسة إن العزبة بها نحو 27 أسرة مسيحية من بين نحو مائتين أسرة تقطنها، وإن الكنيسة أنشئت منذ سبع سنوات بمعرفة الجهات الأمنية والأهالي، ومخصص لها كباقي الكنائس حراسة دائمة من قبل وزارة الداخلية كانت موجودة أثناء الاعتداءات. وقد اتصل القس بالجهات الأمنية فور وقوع الأحداث حيث كان داخل الكنيسة، ووصلت الشرطة إلى مقر الكنيسة بعد ساعة تقريبا من الإبلاغ.
انتقلت قوة أمنية بقيادة اللواء زكريا أبو زينة رئيس مباحث بني سويف ومأمور قسم شرطة الفشن العقيد محمد رستم وأحاطت الكنيسة من جوانبها المختلفة. وأفاد شهود عيان بأن رئيس المباحث قال للمسيحيين: "احمدوا ربنا أن الأمور جت عند هذا الحد، فيه بلاد تانية فيها ناس بتموت.
وعقد كبار عائلات العزبة والقرى المجاورة جلسة صلح عرفية برعاية ومشاركة العميد محمد رستم مأمور قسم شرطة الفشن والرائد مصطفى أبو عقرب رئيس المباحث بالقسم تم خلالها الاتفاق على عدم قدوم أقباط من القرى والعزب المجاورة للصلاة داخل الكنيسة لحين صدور قرار جمهوري بالكنيسة المقامة بالفعل، حيث يعتبر أهالي العزبة المسلمين الكنيسة بمثابة جمعية أهلية تقام فيها الشعائر الدينية المسيحية وليست كنيسة، ومن ثم لا يجوز أن تستقبل مصلين من خارج العزبة. كما تضمن محضر الصلح العرفي التزام المعتدين بإصلاح السيارتين اللتين تم الاعتداء عليهما وأن يتنازل المسيحيون عن المحاضر التي حررت بالاعتداءات مع توقيع شرط جزئي بمبلغ خمسمائة ألف جنيه لمن يبادر بالاعتداء مرة أخرى.
وقال إسحق إبراهيم، مسئول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية: "تواطأت الأجهزة الأمنية مرة أخرى في فرض حلول غير قانونية وقصيرة المدى. على الدولة أن تمكن مواطنيها من ممارسة شعائرهم الدينية لا أن تفرض عليهم قيودا تعسفية وتنفي الحق الذي يضمنه لهم الدستور والقانون."
وقالت المبادرة المصرية إن الدولة مسئولة عن حماية أرواح المواطنين وحقهم في ممارسة شعائرهم الدينية، كما أن القانون لا يحظر استقبال دور العبادة لمصلين وزائرين من أي مكان. كما حذرت المبادرة من تكرار هذه الممارسات التي تفرض فيها الأغلبية شروطا مجحفة على مواطنين مسيحيين، لاسيما أن أحداث قرية ماركو طلا ليست الأولى من نوعها. فقد شهدت قرية البصرة بمركز العامرية في مايو الماضي أحداثا مشابهة وطُلب من مسيحيي القرية عدم استقبال زائرين من خارج كنيسة الأنبا ونس. كما وثقت المبادرة المصرية حالات طلب فيها مسلمون من مسيحيين تغيير رجال الدين بالكنائس الموجودة بقراهم أو حاولوا فرض نمط معين من الملابس عليهم.
وأكدت المبادرة المصرية أن ما حدث يلقي بالضوء على المشاكل الناتجة عن القيود التي يفرضها القانون على المواطنين المسيحيين لبناء الكنائس لممارسة شعائرهم الدينية.
وطالبت المبادرة المصرية الرئيس محمد مرسي بضرورة الإسراع بتقنين الكنائس المقامة بالفعل والتي يصلى فيها منذ سنوات، تمهيدا لإصدار قواعد تشريعية عادلة وواضحة ومحددة لبناء دور العبادة. كما طالبت النيابة العامة بالتحقيق في الأحداث وعدم الاعتراف بمحضر الصلح العرفي وعدم تجاهل المحاضر التي حررها الضحايا بقسم شرطة الفشن