د. أمير فهمي زخارى المنيا
هذا المقال الثالث من سلسله مقالات سأتولى نشرها تباعا... نحكى المثل الشعبي وقصته وما يقابله في الكتاب المقدس من آيات وتأمل بسيط حوله للاستفادة منه في حياتنا ... وسبقه مثالين وهما " من حفر حفرة لأخيه وقع فيها" و " القرعة تتباهى بشعر بنت أختها"
هذا مثل من أمثالنا الشعبية..
مرادف: تكسبه أي ما تكسب به، العبه أي ما تلعب به
معنى: العب بما تكسب به ولا تكترث بشرف اللعبة
تفسير: يقال عمن يستغل كل الفرص للفوز بشيء دون الاكتراث برد فعل الناس.
ونفس المثل السابق فيه عباره يشبهه.. وهي
"الغاية تبرر الوسيلة"
هي عبارة شهيرة قالها الفيلسوف السياسي والكاتب الإيطالي الشهير “نيكولو ميكافيللي” حتى عُرفت باسمه، بل سُمّيَ المبدأ الذي وراءها بالمبدأ الميكافيللي.
والعبارة منتشرة في شتى اللغات؛ فيًقال بالإنجليزية The end justifies the means، وفي العامية المصرية “اللي تكسب به إلعب به”.
وهو مبدأ الغرض منه أن الغايات الحسنة تُبَرِّر الوسائل الشريرة، مبدأ ملأ الأدب العالمي ومن ورائه الفكر العام لدي الناس، فاشتهرت قصص مثل قصة “روبن هود” الفارس الذي كان يسرق الأغنياء ليُطعم الفقراء.
ولأن الإنسان لا يقف عند حد في شرِّه؛ فقد تدهور استعمال هذا المبدأ حتى صار يُستخدم ليبرِّر أي وسيلة، مهما كانت مشبوهة، ما دامت تحقِّق الغرض المطلوب، بغض النظر عن ضررها أو لا أخلاقيتها.
وعندما ننظر الى الكتاب المقدس نجد من ينفذ ذلك المثل وهاقول لكم قصتين باختصار وممكن ترجعوا ليهم:
1- أراد يومًا موسى أن يخلِّص شعبه من العبودية المؤلمة في مصر وقتها (خروج٢). فـ «خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ». وإلى هنا والأمر حسن.
لكن للأسف، الغاية النبيلة التي خرج لها لم تكتمل إذ اساء الوسيلة مستخدِمًا قوَّته الشخصية؛ فكانت النتيجة أن قتل مصريًا، وتدهورت القصة؛ فاضطر للهرب بعيدَا عن المشهد.
لقد أراد الله أن يستخدمه مخلِّصًا لكن ليس بطريقة موسى، بل بطريقة الله.
لذلك كان ينبغي أن يأخذه بعيدًا لأربعين سنة حتى يعلِّمه هذا الدرس، ويعيده من جديد ليستخدمه بطريقته.
وإذ تعلم موسى أن يتبع طرق الله لتحقيق أغراض الله؛ كانت النتائج المجيدة والخلاص العظيم الذي استخدمه الله فيه.
2- قبله أيضًا حاول يعقوب أن يحصل على بركات كان الله يريد أن يعطيه أياها، لكنه قرَّر أن يحصل عليها بطريقته، فاستعمل الحيلة والمكر بل السرقة والخداع أيضًا.
وما أفدح الثمن الذي دفعه حتى تعلَّم الدرس أن الغاية لا تبرر الوسيلة.
وعندما تعلم أن يفعل الأمور بطريقة الله، كانت البركة.
وكم من كثيرين ساروا على نفس الدرب ودفعوا الثمن، بل وإن فتشنا في تاريخنا الشخصي لوجدنا في حياة كل منا هذا المبدأ كثيرًا، وكم دفعنا الثمن غاليًا.
وتأمل بسيط على المثل وأقول:
على المؤمن الحقيقي أن يدرك أن الله رتب لحياته خطة رائعة لخيره، وعلينا جميعًا أن ندرك جيدًا أن خطط الله لا يمكن أن تتم إلا بطرق تليق بالله وبالمبادئ التي تضمنها في كلمته، فحري بنا أن نستمع لنصيحة الحكيم «لاَ تَدَعِ الرَّحْمَةَ وَالْحَقَّ يَتْرُكَانِكَ... فَتَجِدَ نِعْمَةً وَفِطْنَةً صَالِحَةً فِي أَعْيُنِ اللهِ وَالنَّاسِ. تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ. فِي كُلِّ طُرُقِكَ اعْرِفْهُ، وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ. لاَ تَكُنْ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِكَ. اتَّقِ الرَّبَّ وَابْعُدْ عَنِ الشَّرِّ» (أمثال٣: ٢-٧).
وللحديث بقيه.. تحياتي..
د. أمير فهمي زخارى المنيا