الأقباط متحدون | "ليون" يصرخ من جديد رجعونا مصر.. رجعونا مصر
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٢٣:٢١ | الاربعاء ٣١ اكتوبر ٢٠١٢ | ٢٠ بابة ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٣٠ السنة الثامنة
الأرشيف
شريط الأخبار
طباعة الصفحة
فهرس مع رئيس التحرير
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : *****
١٥ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

"ليون" يصرخ من جديد رجعونا مصر.. رجعونا مصر

الاربعاء ٣١ اكتوبر ٢٠١٢ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: عزت بولس

تتابعت في الآونة الأخيرة أخبار عن موجات التهجير ألقسري للأقباط، وإجبار بعضهم على ترك منازلهم ومتاعهم، واللجوء إلى أماكن أخرى، فاسترجعتُ في ذاكرتي بطريقة تلقائية ما قرأتُه عن قصص تهجير مصريين يهوديي الديانة، بعد ثورة يوليو 52، والمآسي التي ترتبت على طردهم من بلدهم؛ لانتمائهم إلى ديانة أخرى غير ديانة الأغلبية، مع اتهامهم بالعمالة والخيانة.
 
ومن الكتب الشهيرة التي حققت مبيعات قياسية، كتاب صدر تحت عنوان "الرجل ذو البدلة البيضاء الشارك سكين"، للكاتبة المصرية يهودية الديانة "لوسيت لنيادو"، والكاتبة تروي تفاصيل وقائع خروج أسرة يهودية من مصر.
 
"لوسيت" سيدة يهودية، ولدت، وقضت بضع سنوات طفولتها في مصر، وتسرد، في كتابها، بـ"نستولوجيا" مؤثرة، ما تعرضت إليه عائلتها من قسوة نظام العسكر، وعدم مراعاتهم الناحية الإنسانية، وإغفالهم حقوق الإنسان الأساسية في حقه البقاء في بلده، والتمتع بكامل حقوقه الشرعية، بغض النظر عن انتمائه العقائدي.
 
والشخصية الرئيسة التي اتخذتها الكاتبة، هي والدها، ذاك الرجل الوسيم، الذي كان يمارس حياته، بطبيعية، في مصر الأربعانيات، مصر الليبرالية، ويقطن في إحدى مساكن شارع الملكة نازلي (رمسيس حاليًا). وكان "ليون"، وهذا اسم الأب، يزاول نشاطه التجاري، ويشارك في المضاربات الصغيرة في البورصة.
ويتضح من خلال السرد المليء بالشجن والرومانسية والحنين لفترة الطفولة، كيف أجبروه على ترك مصر، ولم يُسمح له ولعائلته، إلا بأقل القليل من المال عند المغادرة القسرية لبلدهم، إضافة لإجبارهم على توقيع إقرارات بالتخلي عن جنسيتهم المصرية، وعدم العودة مرة أخرى إليها.
 
وتظهر قمة مشاعر الرجل الإنسانية عندما كان على ظهر السفينة التي تعبر به من وطنه إلى بلاد المهجر، عندما صرخ «ليون» أو «الرجل ذو البدلة البيضاء الشارك سكين»، كما أسمته "لوسيت" في مذكراتها، وقال بعامية مصرية ضاربة في الجذور «رجعونا مصر.. رجعونا مصر».
 
ومن فرنسا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تعايشت الأسرة مرغمة مع الحياة الغربية الجديدة بتقاليدها البعيدة عن تقاليدهم الشرقية، ولم تغِب عن ذاكرة الأب حتى يوم وفاته فترة حياته في مصر. 
 
وتمضى الابنة في سرد، وبمرارة شديدة، كيف تحولت حياة الأب كلية، من رجل مجتمع له شأنه وكيانه في في مصر، إلى رجل ارتضى أن يكون بائع "أربطة عنق" في إحدى محطات مترو مدينة نيويورك!
 
وربطت بانزعاج شديد بين ما عانى منه اليهود في الخمسينيات وأوائل ستينيات القرن الماضي، من شعور بعدم الأمان، وإجبارهم على ترك بلادهم، وبين ما يعاني منه بعض الأقباط اليوم، خاصة بعد ثورة 25 يناير، وتزايد النفوذ الإسلامي، أو ما يُسمى بـ"الإسلام السياسي"، وعدم شعورهم بالطمأنينة في بلدهم، كنتيجة لإقصائهم من ديارهم، وإجبارهم على هجرة قراهم ومدنهم، وارتفاع صيحات بعض الشيوخ التكفيرية من خلال ميكرفونات مآذن زوايا الجوامع التي تسخر من معتقداتهم. وزاد من شعورهم بالغربة، وقوف حكومتنا الغراء موقف المتفرج أو العاجز عن حماية أبنائها من التعدي عليهم، وحرق أمتعتهم، وازدراء معتقداتهم. فتنامي شعورٌ لدى المسيحي بأنه شخص غير مرغوب في وجوده بين الأغلبية المسلمة.
 
إن ما يعاني منه الأقباط اليوم من أحداثٍ فاقت كل ما تعرضوا له في الحقب السابقة، يدفعهم لطرق كل الطرق المتاحة للفرار من الواقع المرير الذي يعيشونه اليوم. ويجبر البعض على البحث عن الهجرة الاختيارية لإحساسهم بعدم الأمان لأبنائهم وبناتهم في مجتمع في طريقه إلى الفاشية الدينية.
 
ويتغاضى البعض عن التفكير في المصاعب التي سوف يعانون منها في بلاد المهجر، لكون أن كثيرين منهم لم يتمتعوا لا بالثقافة أو التعليم الكافي، وأغلبهم لا يتقنون أصلاً أيًّا من اللغات الأجنبية، كإحدى نتاج الأنظمة السابقة، التي أوصلت مستوى خريج الجامعة إلى ما لا يساوي طالب ثانوي في إحدى بلاد أوربا أو أمريكا!
 
فيذهبون، وفي اعتقادهم، أن كل مشاكلهم سوف تحل، حال وصولهم للمكان المأمول. ولكن يفاجئون؛ ونظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم أجمع، أن الحُلم قد تحول إلى كابوس، فيصطدمون بالواقع المليء بصعوبات مثيلة لتلك التي قابلها "ليون"، عندما أجبر على ترك بلده مصر، وكيف آل بيه الحال، من شخص مرموق في مجتمعه وبلده، إلى بائع "أربطة عنق" في إحدى محطات نيويورك، ومدى حزنه على ترك بلده.
 
 نحن لا ننصح لا بالهجرة أو عدم الهجرة، فهذا قرار يتخذه الفرد، كلٌّ بنفسه، ويقرره كلٌّ حسب رؤيته وقناعاته الشخصية. بل نتمنى لأبناء وطنا أن يكون لهم وضعهم المميز خارج الوطن عندما يغادرونه، وعلى من قرروا البقاء أن يعملوا بإيجابية؛ حتى يستطيعوا تحقيق التغيير الذي نطمح إليه، وأن لا يتركوا بلدنا المنتمين إليها منذ آلاف السنين لحفنة من الخارجين عن مصريتهم، ليملوا علينا واقعًا يؤدي بنا إلى ظلمات العصور الوسطى وفاشية الفكر!




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :