-كيف تجتمع العقول الرجعية مع دستور عصري؟!
-"الثورة" أزالت "الحزب الوطني الديمقراطي"، ليأتي بعده حزب "الحرية والعدالة"!
-نحتاج تيارًا مدنيًّا قويًّا يحافظ على تراث هذا البلد.
-المعركة البرلمانية القادمة "لحظة حاسمة" في وجة التيار الإسلامي.
-لسنا بحاجة إلى "إمام مسجد" بل لمَن يبني مصر!
كنا قد تحدثنا في الجزء الأول من هذا الحوار الممتع الثري مع دكتور "محمد محفوظ"، الناشط السياسي، والحاصل على درجة "الدكتوراه" في الإعلام من جامعة القاهرة، عن دوره في "حركة ضباط لكن شرفاء"، وعن الدور الذي لعبته الولايات المتحدة الأمريكية، في صعود تيارات الإسلام السياسي إلى سُّدة الحكم، وعن مسؤولية الشعب المصري عما آلت إليه أوضاع البلاد في ظل حكم الإخوان، وعن التلاعب باسم الدين على مشاعر البسطاء لكسب تعاطفهم.
ونتطرق في هذا الجزء من الحوار إلى مناداته التيار المدني بضرورة التحالف؛ لأخذ حقوق الشعب المصري، ومناشدته الجميع لأن يدركوا حقيقة أن رئيس مصر هو رئيس لمصالح كل المصرين، وإلى بعض الموضوعات الأخرى الهامة، التي حاورناه فيها، فحملت إجاباته البساطة والعمق والجرأة. فإلى الحوار..

 حاورته: إسبرانس مراد
برأيك الشخصي.. كيف تنظر للعلاقات المصرية الأمريكية بعد الثورة؟ وهل ترى أن هناك كان تدخل من "أمريكا" في اختيار الرئيس المنتخب، وبخاصة بعد إعلان الرئيس فوزه في ميدان التحرير، قبل ظهور التنيجة الانتخابات؟!
-الحقيقة أن هناك تيارًا سائدًا نتيجة شرعية "أمريكا" كقوى عظمة، أنها تتبع "نظرية الموأمرة"، وأساس التدخلات الأمريكية في الشرق الأوسط ككل هو "حماية مصالحها الشخصية"، وعقب ثورات الربيع العربي، لم تجد الولايات المتحدة الأمريكية؛ ونتيجة لظهور التيار الإسلامي، الذي استغل فقر الشعوب العربية، وجهلها والخنوع بداخلها تجاه الحكام المستبدين، لم تجد تيارًا قويًّا سوى التيار الإسلامي؛ لكي تتحد معه، ومن ثم تدعمه وتقف إلى جانبه؛ من أجل السيطرة التامة على مصالحها الشخصية، وضمان الاستقرار للشعوب العربية!

ما تعليقك على الشكل العام للجمعية التأسيسية للدستور؟
-الجمعية التأسيسية للدستور لا تتناسب مع القرن الحادي والعشرين، والبنود التي يناقشها الدستور لا تتناسب مع هذا العصر، والقائمون عليها ينتمون إلى العصور السابقة، والكتب التي ترجع إلى 1200 عام! فكيف تجتمع العقول الرجعية مع دستور عصري؟!
 
-إذا اطلعنا على الدستور الأمريكي الذي وضع منذ 200 عام، سوف نذهل من كم الحريات والوعي الديمقراطي الذي يتناوله. أما نحن في الوقت الحالي، والدستور القائم، فنعيش في الماضي، وليس المستقبل، فعندما أسافر إلى الخارج، أشعر أنني قد سافرتُ في الزمان وليس المكان.
-أيضًا هناك مشكلة ليست بالسيطة، إذ إن 50% من ممثلي الجمعية التأسيسية للدستور من تيار واحد، وهو التيار الإسلامي، فلا تمثل جميع طوائف الشعب، فكيف يرضى عنها الشعب الذي سال دمه بالتحرير، وهو لا يشعر بوجوده؟!
 
تعددت، عقب الثورة، الأحزاب السياسية، لكن دون جدوى، ولم نعد نرى سوى دماء شهدائنا.. فما تقييمك لأداء التيار المدني في هذة الفترة الحرجة من تاريخنا؟
-القوى المدنية حتى الآن ترى الخطر أمام أعينها ولا تتحرك بالشكل الذي يتناسب مع هذا التوقيت، فنحن الآن في عنق الزجاجة، وفي لحظةٍ حاسمة، فيها هوية ومناخ المجتمع المصري تتأرجح بين تشكيل دولة مدنية، بها حقوق وواجبات، ودولة دينية في يد تيار يرجع فكره إلى 1200 عامًا مضى، ومع ذلك، نجد الكبرياء مسيطرًا على أصحاب القوى المدنية!
-ما نحتاجه تيارًا مدنيًّا قويًّا يتحد في صورة رجل واحد، يحافظ على تراث هذا البلد!
 
إذن كيف نفعِّل تواجد التيار المدني؟
-هذا لن يتحقق إلا لو كان هناك توجه لتحقيق العدالة الاجتماعية، يأتي بعده اتحاد القوى المدنية، وبهذا نقضي على أي تيار له فقط أغراضه السياسية، التي تحركها فقط مصلحته الشخصية؛ لأننا لو لاحظنا فـ"الثورة" أزالت "الحزب الوطني الديمقراطي"، ليأتي بعده حزب "الحرية والعدالة"! وهنا على التيار المدني أن يواجه "التيار الإسلامي"؛ لأن مطالب "الثورة" كانت الكرامة والعدالة الاجتماعية لا "القمح والزيت والسكر"! فكرامة المواطن هي التي ستعطيه حقوقه الواجبة له من الدولة، ولن تأتي إلا بالحفاظ على كرامتنا، وليس "استغلال أصواتنا"!
 
نواجة الآن تنافسًا بين التيار السلفي وتيار الإخوان المسلمين.. فما توقعك لتواجدهم في الانتخابات البرلمانية القادمة؟
-المعركة البرلمانية القادمة لحظة حاسمة في وجة التيار الإسلامي، الذي سيعمل جاهدًا على ترتيب صفوفه وتحالفه مع السلفيين؛ لمواجهة التيار المدني؛ لأن هذه المعركة ستشهد إما إعلان "دولة دينية" أو "دولة مدنية".
-لو لم يتماسك التيار المدني ويخض الانتخابات بكتل متلاحمة متحدة، فلن يقوى على مقاومة هذا التيار! وإذا لم يتحد التيار السلفي مع الإخوان، وظلوا في تنافس وصراع، فسيُضعف هذا مقاومة التيار الإخواني؛ لذا على التيار المدني الانتباه!
 
ماذا تقول للرئيس المنتخب د/ محمد مرسى؟
-أقول للرئيس "محمد مرسي مبارك".. مصر عانت كثيرًا من استبدا الحكام، الذين كانت تحوم حولهم دوائر كثيرة من الانتهازين، وأنت الآن تسير على نفس خطى طريق النظام السابق، ولم تأخد عظة أو تعتبر مما حدث لـ"مبارك" و"إمبراطوريته".
-لسنا بحاجة لرئيس لكل المصرين؛ لأن كل مصري هو رئيس نفسه! والرئيس المصري هو رئيس مصالح كل المصرين.
-عليك وبدلاً مما تنفق من أموال في كثرة السفر، وتوطيد العلاقات الخارجية، أن تهتم أولاً بالداخل، ودراسة موارد البلد، ومن ثم استثمارها. عليك أيضًا أن تبحث في الثورة السمكية، وكيفية استغلالها، فلدينا البحر الأحمر والمتوسط، ومع ذلك، اليابان تنتج 25% من إجمالي السمك على مستوى العالم!
-عليك أن تنظر إلى أزمة الإسكان، وتستثمر صحاري مصر، التي تبلغ أكثر من 80% من مساحتها.. لسنا بحاجة إلى إمام مسجد، بل نحتاج لمَن يبني مصر من تلقاء نفسه لا بتيار ينحاز له!