محرر الأقباط متحدون
ننشر فيما يلي مقتطفات من مقابلة الكاهن الأرجنتيني غييرمو ماركو مع البابا فرنسيس في بيت القديسة مارتا في الفاتيكان والتي أعدها لموقع "Infobae"
أجرى الكاهن الأرجنتيني غييرمو ماركو المتحدث السابق باسم بيرغوليو عندما كان رئيس أساقفة بوينس آيرس، مقابلة مع البابا فرنسيس في بيت القديسة مرتا في الفاتيكان نُشرت على موقع "Infobae" تحدّث فيها عن دعوته وحياته الكهنوتيّة، ووجّه في ختامها بعض الرسائل إلى الشباب والوالدين والمسنين.
في جوابه على السؤال حول ما يجذبه في اتباع يسوع قال البابا فرنسيس لا أستطيع أن أُعبِّر عن ذلك شفهيا. ما يمكنني قوله هو أنني عندما أكون في حالة انسجام معه أشعر بالسلام وأشعر بالسعادة. عندما لا أتبعه، لأنني متعب، ولأنني أحدد له وقتًا محددًا أو حدًا زمنيًا، أشعر بالفتور. يبدو الأمر كما لو أنني ممتلئ بحياتي... لقد قال لي أحدهم ذات مرة "إنَّ الله يمنحك الحرية، هو يمنحك الحرية على الدوام، ولكن ما إن تتعرف على يسوع حتى تفقد حريتك". وهذا الأمر وضعني في أزمة. لا أعرف ما إذا كنت قد فقدتُ حريّتي أم لا، لكن الطريقة التي يدعوك بها الرب ويقيم فيها حوارًا معك تجعلك تقول "لا، لن أذهب إلى أي مكان آخر بعد الآن، هذا يكفيني". لذلك أشعر بهذا التوازن بالمعنى الجيد لمصطلح السلام، وليس بالمعنى النفسي، حتى في تلك اللحظات التي يكون فيها عدم التوازن كبيرًا بسبب المواقف الصعبة التي يجب عليَّ مواجهتها.
تابع الأب الأقدس مجيبًا على سؤال حول الشيء المميّز الذي شعر به في دعوته في كرسي الاعتراف في رعية القديس يوسف وقال إنه أمر مثير للفضول لأنه بعد تلك الخبرة في الحادي والعشرين من أيلول سبتمبر، واصلت حياتي دون أن أعرف ما كنت سأفعله. ولكن كان هناك شيء مختلف وكان يفرض نفسه ببطء. لم أخرج من هناك لكي أذهب إلى الإكليريكية لا ... وإنما مرت ثلاث سنوات. إنها مثل عملية تغير توجهاتك ومراجعك. يدخل الرب حياتك ويعيد ترتيبها، بدون أن يسلبك حريتك. فأنا لم أشعر أبدًا بأني لست حرًا.
أضاف البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول ما يعجبه في دعوته الكهنوتيّة وقال أن أكون في الخدمة. قال لي ذات مرة أحد الكهنة - كان يعيش في حي فقير جدًّا، وكان بيته في الرعية بالقرب من الكنيسة - إنّه عندما كان يُضطر لإغلاق الباب، كان الناس يطرقون على النافذة. ثم قال لي: "أريد أن أغلق تلك النافذة لأنهم لن يتركوني بسلام". إنَّ الناس لن يتركوك أبدًا بسلام. ومن ناحية أخرى، قال لي إنّه لو أغلق النافذة فلن يكون أبدًا بسلام وإنما أسوأ بكثير. لأنك بمجرد دخولك في إيقاع الخدمة، ستشعر بالسوء عندما تأخذ شريحة من الأنانية لنفسك. إن الدعوة إلى الخدمة هي كذلك نوعًا ما، لا يمكنك أن تتخيل حياتك إلا في الخدمة التي تقوم بها. لن أستبدل كوني كاهنًا بأي شيء آخر بعد خبرة كوني كاهنًا، بمحدوديّتي وأخطائي وخطاياي وإنما كاهن.
تابع الأب الأقدس مجيبًا على سؤال حول ما قد يقوله للكهنة وقال ما أقوله للكاهن هو "كن كاهناً". وإذا لم تنجح في ذلك، فابحث عن طريقة أخرى، إنَّ الكنيسة تفتح لك أبوابًا أخرى. لكن لا تصبح موظّفًا. يطيب لي أن أقول هذا: كن راعيًا للشعب وليس موظّفًا.
أضاف البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول كيف يرى الأخوّة بين الكرادلة وقال على المدى الطويل هناك قرب. قد يكون لديهم آراء مختلفة، لكن الشيء الجيد هو أنهم يخبرونك بما يفكرون به. أنا خائف من الأجندات الخفية. عندما يكون لديك شيء ولا تقوله. أشكر الله أن هناك تواصل في مجمع الكرادلة، بين الكرادلة الجدد والقديمين، وأن لهم حرية الكلام ... لا أعرف ما إذا كانوا يتمتّعون جميعهم بحريّة الكلام، لكن الكثير منهم يقومون بذلك. هناك حوار فضفاض فيما بينهم.
تابع الأب الأقدس مجيبًا على سؤال حول تعبداته الشخصيّة للعذراء مريم التي تحلُّ العقد والقديس يوسف والقديسة تريزيا الطفل يسوع وقال لقد بدأت تعبُّدي لصورة العذراء هذه في الأرجنتين. وقصّتها جميلة جدًّا، وتعود الصورة إلى القرن الثامن عشر الميلادي. أحدُ رسامي العصر الكاثوليك كان يتشاجر دائمًا مع زوجته، وفي يوم من الأيام قرأ نص القديس إيريناوس، والذي يقول فيه إنَّ العقدة التي ربطتها أمنا حواء بخطيئتها قد حلّتها أمنا مريم بطاعتها. وقد أخذ المجمع الفاتيكاني الثاني أيضًا هذه الفكرة وأدخلها، كما أعتقد، في الدستور حول الكنيسة. أُعجب الرسام بهذه الفكرة ولذا راح يطلب من العذراء مريم أن تفك العقد التي كان تمنعه من أن تكون علاقته جيّدة مع زوجته. ولهذا السبب أيضًا رسم في أسفل الصورة رئيس الملائكة رافائيل الذي يرافق طوبيا في بحثه عن زوجته لكي يجدها. وقامت العذراء بالمعجزة وبدأ كل شيء من هناك. وهكذا بدأ تعبُّدي للعذراء التي تحلَّ العقد وكان يبدو لي كما لو أن العذراء مريم هي قادرة على مساعدتي، كما يقول نص القديس إيريناوس، على حل الأمور. أما بالنسبة للقديس يوسف فقد كانت جدتي هي التي وضعت القديس يوسف في رأسي ... وعندما كنت طفلاً كان تجعلني أتلو صلوات القديس يوسف. وقد رافقتني هذه العبادة وبقيت معي. أما بالنسبة للقديسة تريزيا الطفل يسوع فهي لطالما جذبتني... لقد كانت تتحلّى بشجاعة الشخص العادي. إذا سألتني ما هي الأشياء الرائعة التي كانت تمتلكها القديسة تريزيا الطفل يسوع: لا شيء. لقد كانت راهبة فقيرة وعادية. وفي أيامها الأخيرة، تألّمت أيضًا بسبب ظلمات كبيرة وتجارب كبيرة ضد الإيمان، وقد تخطّتها جميعها. لقد كانت امرأة عادية.
وخلص البابا فرنسيس حديثه مع الكاهن الأرجنتيني غييرمو ماركو موجّهًا بضعة رسائل فقال للأطفال اعتنوا بالأجداد. وتحدثوا إليهم واذهبوا لزيارتهم. واسمحوا لهم أن يُدلِّلوكم. وللشباب قال البابا لا تخافوا من الحياة. لا تقفوا مكتوفي الأيدي. سيروا قدمًا. سوف ترتكبون الأخطاء بالتأكيد، ولكن الخطأ الأسوأ هو أن تقفوا مكتوفي الأيدي، لذا سيروا قدمًا. للأمهات والآباء قال الأب الأقدس لا تُضيِّعوا الحب. اعتنوا ببعضكم البعض، لكي تتمكّنوا هكذا من أن تعتنوا بأبنائكم بشكل أفضل. وللمرضى قال البابا اطلبوا من الرب نعمة الصبر وهو سيعطيكم نعمة أن تتحمّلوا كلَّ شيء. وختامًا قال البابا للمسنين لا تنسوا أنكم الجذور. وعلى المسنين أن ينقلوا هذا الأمر للشباب والأطفال والمراهقين. تلك الآية من سفر يوئيل: ما هي دعوتك كمُسنَّ: وَيَحْلَمُ الشيوخ أَحْلاَمًا، وَيَرَى الشباب رُؤًى. وعندما يكونون معًا، يحلم المسنون بالمستقبل وينقلونه، والشباب، إذ يعضدهم المسنون، يكونون قادرين على التنبؤ والعمل من أجل المستقبل. مع الشباب، لا تخافوا من أي شيء. إنَّ المُسنَّ الذي يشعر بالمرارة هو أمر محزن جدًّا. إنه أسوأ من شاب حزين. فهيا إذًا سيروا قدمًا وكونوا مع الشباب.