بقلم- شريف منصور
كنا في طريقنا لرحلة عمل لمدينة بورسعيد في مطلع الثمانينات عندما كانت مدينة حرة، تطرقنا لمشكلة العملة الصعبة التي كانت أحد أكبر العقبات للنهضة الاقتصادية لمصر، قلنا السياحة من أهم مصادر العملة الصعبة وبالتالي لابد أن يعمل المصريين علي دعم السياحة، أولا كشعب وثانيا الدولة بالطبع، وأن كلية السياحة و الفنادق تعد من أهم الكليات في هذه المنظومة، ولكن لا تستطيع الدولة ان تفتح معامل تفريخ من هذه الكليات دون ان يكون هناك خط منظم لاستيعاب الخريجين ما فائدة شهادة دون خبرة و بدون فرص عمل.
من تجربتي في أوروبا و أمريكا تعلمت شيء مهم جدا عن نظام التعليم هناك التعليم العملي وهناك التعليم النظري، التعليم العملي عن طريق المعاهد المتخصصة في إخراج خريجين جاهزين للعمل فورا ، لا يحتاجوا لأي نوع من التدريب علي ممارسة المهنة، مثال التمريض و الحدادة و النجارة و الكهرباء و تركيبات الغاز.. الخ مما يطلق عليها العمالة المدربه و الماهرة.
وبالتالي السياحة تعتمد علي عديد من العمالة ، بدأ من استقبال السائحين في المؤاني إلى توصيلة للفندق الذي يستقبله عن طريق عمالة مدربة في كل شيء لا تستطيع الفنادق أو شركات تأجير السيارات أو حتي شركات نقل السائحين أن تقوم بتدريب الكوادر التي تستهلك وقت وأموال تحمل هذه الصناعة تكلفه فوق الطاقة مما يجعلها لا تستطيع المنافسة العالمية في سوق اسمه سوق السياحة.
هذا الحديث اعادنا إلى مشكلة كبيرة جدا في موارد العملة الصعبة ووجدنا أنفسنا وكان بيننا في هذا الحديث أحد أكبر رجال الأعمال المصريين.
وجاءت فترة صمت تدل علي أننا نحاول حل مشكلة معقدة جدا لان كل أطراف المشكلة لا يدرون عن دورهم في صناعة السياحة شيء وكل ما تشمله.
ضربت لهم كيف تحولت واجهة مصر بعد عام ١٩٧٥ إلى دولة دينية متطرفه طاردة للزوار . بدأ بمصر للطيران ومنع الخمور ورفض الطاقم تقديمها وبث دعاء السفر الخ من الدروشة الدينية المستمرة إلى يومنا هذا بل تستفحل ، هذا التدين المظهري ، نري كيف أصبح الشباب في حالة هياج جنسي لدرجة التحرش بالسيدات سواء سائحات او من الوطن .
اتذكر زوجة احد اساتذتي الأمريكان في الجامعه الأمريكية كانت تسير في نهاية السبعينات و في شنطة يدها "قالب طوب أحمر"!
كانت الشنطة وسيلتها للدفاع عن نفسها من التحرش في الشوارع المحيطة بالجامعه الأمريكية، للأسف و حتي مكان السكن في المعادي.
في النهاية لاننا شعرنا أننا وصلنا الي طريق مسدود ، ليس لاننا عاجزين عن تقديم وتنفيذ افكار عمليه ، إنما السؤال تقدم الافكار دي لمن ومن سيعطيك الفرصة لتنفيذها وبالذات ان كنت مواطن من مواطنين الدرجة الذمية.
ما علينا لتلطيف جو الحديث ، اقترحت ان نضيف قسم جديد لكليات السياحة و الفنادق اسمه قسم النشالين و النشالات. ونرسل الخرجين بعثات للدول الخارجية يجمعوا لنا العملة الصعبة علي اختلاف أنواعها.
ضحك رجل الأعمال الكبير الله يرحمه لدرجة ان دموعه نزلت! فقلت له عجبتك الفكرة للدرجة دي؟ قال لا انا بس فكرت بعد ما يسافروا وينشلوا ! مين النشال الغبي دا اللي حيرجع علشان يجيب العملة اللي سرقها ، فضحكت انا كمان لاني فهمت ان العملة اللي حيجبها النشال من دول النشال حيسرق نصفها و البيه اللي حيستلمها منه يسرق نص النص و هكذا لن يصل شيء الخزينة.
الكلام دا من سنة ١٩٨١ وإحنا النهاردة ٢٠٢٣ يعني ٤٢ سنة و لا السياحة اشتغلت ولا فيه عمله صعبة ولا فيه إنتاج ولكن اخر قرار هو ٤٠٠ جنية بدل ارتقاء المنبر … دي بلد عاوزة تفلح و تنفع ان كان دا كل التفكير في التحفيز علي اعتلاء المنابر … بائعين كلام وياريت كان منه فائدة، اتحدي ان حد يقدر يجيب لي دليل واحد فقط علي عائد ايجابي من هذا التصرف .