البابا فرنسيس: في عالم تعصف به الحروب والشرور نحتاج لأفعال تكشف روائع الله ومحبته
محرر الأقباط متحدون
كان الاندهاش أمام الجمال والذي هو تعبير عن الله محور كلمة البابا فرنسيس إلى فناني هيئة العروض الذين استقبلهم اليوم.
استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين وفدا من مؤسسة هيئة العروض لمناسبة احتفالها بعامها الخامس والسبعين. وعقب ترحيبه بالجميع وشكره رئيس المؤسسة الأب دافيدي ميلاني سلَّم الأب الأقدس ضيوفه كلمة أعدها لهذا اللقاء ثم أعرب لهم عن إعجابه بما يقومون به من عمل في مجال السينما والفن، عمل محوره الجمال الذي هو تعبير عن الله. وفي حديثه عن الجمال توقف البابا فرنسيس عند التناغم والذي هو عمل الروح القدس، تناغُم في التنوع لا يلغي الاختلافات ولا يجانس. وأكد قداسته لضيوفه أن التناغم بين ما هو مختلف هو أسمى من كل شيء، وهذه هو الطريق الذي يسير عليه عملهم، وشجعهم البابا على مواصلة هذا السير.
وفي الكلمة التي سلمها لضيوفه ذكَّر البابا فرنسيس بما لدى العالم الكاثوليكي من خبرات في مجال الاتصالات الاجتماعية وبشكل خاص السينما. وأشار في هذا السياق إلى أن حركة العمل الكاثوليكية قد أسست منذ العقود الأولى للقرن الماضي مراكز في مجال العمل الإذاعي والمسرحي والسينمائي وبعد ذلك التلفزيوني، وكانت هذه سنوات تَنَبَّه فيها البابوات في تعليمهم إلى تأثير الفن السينمائي الجديد على الأشخاص وعلى المجتمع.
وتابع الأب الأقدس متحدثا عن نشاط المؤسسة والذي يُدرَج في هذا الإطار الغني من المبادرات والجمعيات، وأضاف أنه بتفكيره في المؤسسة عاد إلى سفر التكوين والذي نراه يمر أمامنا وكأنه فيلم حيث الله هو المؤلف والمشاهد في الوقت ذاته. فهو يبدأ عمله صانعا كل شيء، السماء، الأرض، النجوم، الكائنات الحية وأخيرا الإنسان، إنها قصة جمال وشغف، قصة محبة، قال البابا. ثم تابع أن في نهاية عمل الخلق يقوم الله بفعل مفاجئ، يصبح مشاهدا لعمله ويتأمل فيه ويعبِّر عن تقييمه: "رأى أن ذلك حسن"، أما تقييمه للإنسان الذي خلقه على صورته ومثاله فكان أكثر شغفا: "رأى أنه حسن جدا". وقال البابا لضيوفه الفنانين من مخرجين وممثلين وعاملين في السينما إننا نجد في هذه الصفحات المقدسة معنى عملهم، فهناك من جهة العمل الإبداعي، ومن جهة أخرى ذلك التأملي والتقييمي.
وفي حديثه عن لوحة الكتاب المقدس الجميلة هذه دعا البابا فرنسيس الحاضرين إلى التأمل فيها حيث يمكن استنتاج أمور كثيرة، وتوقف تحديدا عند الدهشة، فالله ذاته يبدو مندهشا أمام جمال الخلائق، وخاصةً عندما يتأمل في الإنسان. وعاد البابا فرنسيس هنا إلى فيلم شهير وهو فيلم "أندري روبلييف" للمخرج أندري تاركوفسكي حول الرسام الشهير والذي صمت بسبب مأساة الحرب حسب ما تابع البابا فرنسيس، فلم يَعد يرسم ولا حتى يتكلم. ويذكر البابا مشهدا في الفيلم حيث ومع أول دقة لجرس كنيسة ينفتح قلبه مجددا ويعود إلى الكلام والرسم، فقد ملأ هذا الصوت روح الفنان بالدهشة حيث لمس في هذا الصوت بشكلٍ ما صوت الله الذي يدعوه إلى الانفتاح.
وفي ختام كلمته تحدث البابا فرنسيس عن عالم اليوم الذي تعصف به الحروب وشرور كثيرة والذي يحتاج إلى علامات، إلى أفعال تثير الدهشة وتكشف روائع الله الذي لا يتوقف عن محبة خلائقه والاندهاش أمام جمالها. وحذر الأب الأقدس من خطر فقدان القدرة على الاندهاش.