بقلم: مصطفى عبيد
ليست وحدها قاتلة البراءة، داعية النفور من الدين. ليست وحدها غليظة القلب، الفظة، المستبدة، المتحدثة باسم السماء، ومانحة صكوك الجنة وموزعة عقود جهنم.
كلنا خاطئون ومشاركون فى الجريمة بالصمت والسلبية. من منكم بلا تهاون فليرمها بنظرة مندهشة وكلمات عتاب.
ايمان الكيلانى، تلك المدرسة المنتقبة التى قصت ضفائر تلميذتين بالمدرسة الابتدائية بالأقصر لأنهما لا ترتديان الحجاب، واحدة من ملايين العقول السطحية المنتشرة والمسيطرة على حياتنا من توشكى الى رشيد، ومن رفح الى السلوم.
إيمان الكيلانى واحدة من مدرسة الجهل المحتشد تحت رايات السنة. مثلها مثل أبو اسلام الذى أحرق الإنجيل ظناً أنه ممن يحسنون صنعا، أو عبد الله بدر الذى أغلق أبواب السماء ونذر نفسه وكيلا عن الله فى إثبات تهمة الزنى على من شاء، أو غيرهم العشرات المطلين علينا كل صباح عبر فضائيات التطرف المنفّرة.
فى كل يوم يتمدد القبح هانئا مطمئنا بطول الوطن لأن أحدا لا يقاومه. يغزل التطرف أبسطته فى غيبة الرقابة الوطنية على تمويل البداوة المتدفق ليل نهار عبر جمعيات الخير ومساجد أهل السلف الصالح. تحت رايات صحيح الاسلام يُضرب الاسلام، وتُختطف سماحته ولينه ووسطيته. يُنزع الرفق وتُحجب الرحمة والسماحة وترفع سيوف الترهيب الدنيوى والأخروى.
تعلو العصا ويستبعد الحوار، وتسقط اللعنات على كل محتج. هم «بتوع ربنا» كما يقولون ، وكأن غيرهم «بتوع الشيطان».
لم يتغير الخطاب المتشدد السطحى بانتخاب رئيس مدنى ذى خلفية اسلامية. تغوّل الجهلاء، وأطلق المتأسلمون رصاص السباب واللعن على مخالفيهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ايمان الكيلانى موجودة فى كل مكان ، بنفس الآحادية والتشدد والصلف والتنفير والإرهاب. فى كل قرية، ومركز، ومدينة. فى كل مصلحة حكومية، وفى كل شارع مصرى دون مقاومة أو مواجهة أو محاولة للتصويب.
حتى الآن، لم تفتح الدولة فمها للرد على ما يذاع من غثاء كل يوم على فضائيات تتحدث باسم الاسلام. حتى الآن لم تفتش الدولة عن التمويل الاجنبى المقدم بلا حساب لجمعيات ترفع شعار الدفاع عن السنة. لم يقل لنا أحد كيف أثرى هؤلاء الشيوخ البسطاء ذلك الثراء؟ كيف بنوا القصور الملوكية واقتنوا السيارات الفارهة؟ كيف اختصروا أصول الدين فى تعدد الزوجات وإطلاق اللحى وتنقيب حواء!
تظاهر النشطاء تخويفا للاخوان، وندد الناصريون بخطاب الرئيس مرسى الى رئيس اسرائيل، ووقف الصحفيون مساندين لزميلهم رئيس التحرير المقال، وطالب العمال المؤقتون بتثبيتهم فى وظائفهم، واحتشد الأطباء البيطريون طلبا لتحسين أحوالهم. ولم يقف واحد رافعا كلمة «لا» لايمان الكيلانى.
ألم أقل لكم.. كلنا ايمان الكيلانى.
mostafawfd@hotmail.com