( 1689- 1755 )
Charles Louis de Montesqueu


إعداد/ ماجد كامل
يمثل الفيلسوف الفرنسي الشهير شارل دي مونتسيكيو ( 1689- 1755 )  قيمة فكرية كبري في تاريخ الفلسفة والاجتماع والتاريخ والقانون والفكر الإنساني بصفة عامة  . فلقد كان كتابه الهام "روح القوانين " De lesprit des lois " والذي صدرت طبعته الاولي عام 1748 .  من الكتب الهامة والفارقة في تاريخ الفكر الإنساني كله كما سوف نري . أما عن مونتسيكيو  نفسه ؛  فلقد ولد في 18 يناير 1689 بأحدي المدن القرنسية  من أسرة ارستقراطية عريقة ؛ وتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتي  حصل علي ما يعادل ليسانس الحقوق حاليا . ولقد سافر إلي ايطاليا وسويسرا وهولندة وأستقر لمدة عامين في انجلترا ؛  ولقد تميز بثقافة موسوعية  شمولية ؛ وأثري المكتبة الإنسانية بالعديد  من الكتب والمؤلفات القيمة ؛ وأستمر في العمل والأنتاج حتي توفي في 10 فبراير 1755 عن عمر يناهز 66 عاما  . ولقد نعته جريدة Evening Post”   "  بهذا النعي " إن فضائله قد أضفت علي الطبيعة البشرية شرفا ؛وكذلك فعلت كتاباته للعدالة ؛ وكصديق للجنس البشري أكد حقوقهم التي لا تقبل الشك أو التغيير في الحرية ؛ حتي في بلده التي كانت كانت  قد عاني طويلا من ألوان الاجحاف الديني والحكومي فيه والذي جازف بإزالته  دون أن يلقي بعض النجاح  في سبيل ذلك " ( جون باول :-  الفكر السياسي الغربي ؛ ترجمة محمد رشاد خميس ؛ مراجعة د . راشد البراوي ؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛ 1985 ؛ صفحة 429 ) .

أما عن قائمة مؤلفاته التي أثري بها المكتبة فهي كالتالي :-
1- تأملات في أسباب عظمة الرومان وانحطاهم : - ولقد صدرت الطبعة الاولي منه عام 1716 .
2- رسائل فارسية :- وهو كتاب ساخر ينتقد فيه أنظمة الحكم في أوربا ؛ وقد جلب له هذا الكتاب شهرة واسعة  وكان سببا رئيسيا في قبوله بالأكاديمية الفرنسية للعلوم ؛ ولقد صدرت الطبعة الاولي منه  عام 1721 .

3- الملكية العامة :- حيث قام فيه بتقسيم الشعوب إلي شمالية وجنوبية  ؛ وقال فيه بنظريته أن المناخ هو السبب الرئيسي  للاختلاف بين شعوب الشمال والجنوب ؛ ولقد صدرت طبعته الأولي عام 1734 .

4- روح القوانين :- وهو أهم وأكبر كتبه ؛ ولقد صدرت الطبعة الأولي منه  عام 1748 ؛ ولقد نشر الكتاب في الأصل دون الإشارة لمؤلفه ذلك لأن أعمال مونتسكيو كانت تخضع للرقابة وقتها ؛ ولقد أستغرق تأليف روح القوانين أكثر من سبعة عشر عاما علي الأقل ؛ ولقد أعتمد مونتسكيو في كتابه علي مجموعة هامة من الكتب والمراجع بالاضافة لحوارته مع الفلاسفة والمفكرين المعاصرين له ؛ مثل كتابي "الجمهورية " لأفلاطون ( 427  ق .م- 347 ق .م ) وكتاب "السياسة " لأرسطو ( 384 ق .م – 322 ق .م ) والاعمال الأخلاقية لبلوتارك (   45 – 127 م   ) وكتاب  "الأمير " لميكافيلي (    1469- 1527 ) "المدينة الفاضلة " لتوماس مور (   1478- 1535 م )  .

والفكرة الجوهرية التي يدعو إليها مونتسكيو في هذا الكتاب هو أنه شرع الفرق بين ثلاثة أنواع من أنظمة الحكم هي :-
1- النظام الملكي :- ويرث فبه الحاكم السلطة .
2- النظام الديكتاتوري :- ويحكم فيه الحاكم وحده دون حدود قانونية .
3- النظام الجمهوري :- وهو النظام الذي يحكم فيه الشعب بنفسه أو ممثلوه .

ويري مونتسكيو أن نظام الحكم الأفضل هوالنظام الجمهوري ؛ ولضمان  حرية الإنسان  يجب الفصل بين السلطات والحفاظ علي التوازن بينهما؛ وهذه السلطات هي :-

1- السلطة التنفيذية .
2- السلطة التشريعة .
3- السلطة القضائية .

ولقد أعتمد مونتسكيو في كتابه علي الدراسة الميدانية لبعض أنظمة الحكم الموجودة فيقول " أنني لم أستخرج مبادئي من أحكامي  السابقة وأنما استقيتها من طبيعة الأشياء " . ولقد آمن مونتسكيو أن الأمم تسير في حركتها وفق قواعد وقوانين  وليس وفق ما أسماه بالقدر الأعمي ؛ فيقول " أن الذين قالوا أن قدرا أعمي قد أبدع كل هذه النتائج التي نراها في العالم أنما قالوا شيئا يتنافي مع العقل وهل هناك ما هو أعظم سخفا من القول أن هناك قدرا أعمي يتمخض عن كائنات عاقلة " . ( جون باول :- الفكر السياسي الغربي ؛ ترجمة محمد رشاد خميس ؛ مراجعة راشد البراوي ؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛ 1985 ؛صفحة 429 ).

ولقد أبرز مونتسكيو  في نظريته أهمية ودور المناخ  في نشأة وتكوين الحضارات ؛ ففي البلاد الباردة تجد الناس أكثر نشاطا وحيوية ؛ وتجدهم أكثر جرأة وشجاعة وثقة في النفس .اما في البلاد الحارة ؛ حيث يقفد الجسم  كثيرا من العرق بسبب الحرارة ؛ وفي البلاد الحارة تبلغ الفتيات في سن مبكرة ؛ ويزول جمالهن في سن مبكرة أيضاح ولكن في البلاد الباردة ؛يتأخر سن البلوغ عند الفتيات ؛ وتقترب شيخوختها مع شيخوخة زوجها ؛لذلك لا تكون في تبعية له علي الدوام ؛ ويصبح مبدأ الزوجة  الواحدة Monogamy والمساوة بين الجنسين أمرا مقبولا في البلاد الباردة . ولذلك نجد تعدد الزوجات ينتشر ينتشر بسهولة ويسر في أفريقيا وأسيا ؛ بينما يقل في أوربا وأمريكا الشمالية . ( لمزيد من التفاصيل :- راجع محمد زكريا توفيق ؛مونتسكيو وروح القوانين ؛موقع الحوار المتمدن ؛ بتاريخ 5 نوفمبر 2010 ) .

وحول تأثير المناخ والظوهر الطبيعية في تشكيل الحضارات كتب يقول " لقد رأينا في قارة أسيا  قيام امبراطوريات كبري ؛أما في أوربا  فأن الامبراطوريات لم تتمكن من القيام . والسبب في هذا أن اسيا مليئة بالسهول الكبري ؛كما أن البحار تفصلها إلي مساحات كبيرة . وحيث أن غالبية أراضيها تقع في الجنوب ؛فأن مصادرها المائية نتضب بسرعة بسبب شدة الحرارة والبحر ؛ كما أن جبالها ليست مغطاة بالسحب الكثيفة ؛ وأنهارها ليست متدفقة بالمياه . ومن هنا كانت السلطة في آسيا  سلطة أستبدادية . ولولا أن الرق في هذه القارة وفير ؛لتطلب الحال تقسيم  الأرض بين كل سكانها وهو أمر لا تتحمله ظروف القارة الطبيعية . أما في أوربا فان الظروف الطبيعة قد خلقت قطاعات جغرافية  ذات مساحات متوسطة تسمح  بقيام دول صغيرة وقوانين خاصة بها . من هنا تولد الشعور بالحرية في أوربا . وكان من الصعب علي أية قوانين أجنبية أن تخضع هذه المساحات لسلطانها لأنها صعبة المنال بحكم ظروفها ...... أما في قارة آسيا ؛فأن روح العبودية تسود فيها ؛ ولم يبرحها الرق أبدا ح ففي كل بلدانها وتواريخها لا نلمس اثرا واحدا يحدث عن روح حرة . أننا لن نري في آسيا سوي بطولة دولة الرق " ( لمزيد من التفصيل راجع  أسحق عبيد :- معرفة الماضي من هيرووت إلي توينبي ؛ دار المعارف ؛ الطبعة الأولي 1981 ؛  صفحة 55 و56 ) .

ولقد ألهمت كتابات مونتسكيو أغلب دساتير الدول الديمقراطية الكبري مثل  دستور الولايات المتحدة الأمريكية ؛ وإعلان حقوق الأنسان في فرنسا .

 ولقد وردت في كتب مونتيسكيو بعض الأقوال  والعبارات المأثورة نذكر منها :-
1- إذا أردت أن تعرف أخلاق رجل فضع السطة في يده ثم أنظر كيف يتصرف بعد ذلك .
2- تنتهي حرية حيث تبدأ حرية الأخرين
3- الحرية هي الحق في ان تعمل ما يبيحه القانون .
4- الحرية خير يمكننا من التمتع بسائر الخيرات .
5- الحرية هي حق فعل كل ما تبيحه القوانين ؛ فإذا أستطاع أحد الناس القيام بما تحرمه القوانين ؛ فلقد فقد الحرية .

أما عن  أهمية احترام القونين فقال :-
6- الالتفاف علي القانون أخطر علي القانون من نزوات الأمير .
7- حينما تخلي الرومان عن القانون ؛وقع الانحطاط عليهم .
8- أن القوانين بأكثر معانيها وأكثرها تعميما هي العلاقات الضرورية التي تنشأ عن طبيعة الأشياء .
9- ما ادعوه فضيلة في الجمهورية هو حب الوطن ؛ أي حب المساواة وليس هذا فضيلة أخلاقية ولا دينية ؛ بل فضيلة سياسية  .

بعض  أسانيد ومراجع المقالة :-
1- جون باول :- الفكر السياسي الغربي  ؛ترجمة محمد خميس ؛مراجعة راشد البراوي ؛الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛ 1985 .
2-  أسحق عبيد :- معرفة الماضي من هيرودوت إلي توينبي ؛ دار المعارف ؛ 1981 .
3- جورج سبابن :- تطور الفكر السياسي ؛ ترجمة علي إبراهيم السيد ؛ مراجعة راشد البراوي ؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛ الكتاب الرابع ؛ 2010 .
4- ليو شتراوس ؛جوزيف كروبسي:- تاريخ الفلسفة السياسية  ؛ ترجمة محمود سيد أحمد ؛مراجعة إمام عبد الفتاح إمام ؛ الجزء الثاني ؛  المجلس الأعلي للثقافة ؛المشروع القومي للترجمة ؛  ؛ الكتاب رقم 810 .
5- بعض المواقع المتفرقة علي شبكة الانترنت .