الأقباط متحدون - العيد والهم والوطن
أخر تحديث ٠٧:٤٧ | الخميس ٢٥ اكتوبر ٢٠١٢ | ١٤ بابة ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٢٤ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

العيد والهم والوطن

بقلم : محمد زيان
يطل علينا هذا العام عيد الأضحى المبارك
وسط أجواء صعبة.. هذا هو الواقع ولو كان العيد يدري أن هذه الأوضاع تنتظره لكان فر هاربًا راجعًا إلى الوراء، لكنه القدر أن يأتي إلينا هذا العام وسط حالة من الركود السياسي والاقتصادي في مصر، وارتفاع جنوني للأسعار، هذا من زاوية، ومن زاوية أخرى، فمصر تمر بمرحلة انتقالية غاية في الصعوبة، إذ أن هناك لايزال في الأفق سيناريوهات متوقعة للبلاد تطل برأسها على مجريات العملية السياسية والاقتصادية وعلى الحراك الشعبي الدائر الان الرافض للأسعار وهذا التذمر الكبير في قطاعات الدولة المترامية من أقصاها إلى أقصاها والمظاهرات الفئوية تي تمتد بين اقصى البصر وأقصاه أيضاً والطموح السياسي الذي يكاد أن يخرج عن السلمية في الوصول والإحلال إلى اجهزة الدولة، هذا كله على الصعيد الداخلي الامر الذي يبعث بوادر قلق شديدة عند المواطن المصري الذي سينزل للاحتفال بالعيد وهو مثقل بالهموم في أحيان، وفي أحيان اخرى سيظل حبيس الجدران خائفا على اولاده لئلا اذا نزل بهم في الشارع حدث مالا يحمد عقباه جراء حالة الانفلات الأمني التي نعيشها منذ احداث يناير ٢٠١١.

اما الاشتباك والتماس الهمومي عند المواطن المصري فيبدو في الروافد الاجتماعي الممتدة بين أطراف الدول العربية وبعضها، فانت تعيش في القاهرة وشقيقك يعيش في سوريا، وشقيقك في ليبيا ورابع من إخوتك واقرب آيك يعيشون في بلدان هبت عليها رياح التغيير لكن مهموم هذا الذي له قريب في سوريا او أخوة وأصدقاء.. الوضع جد خطير يلقي على الهم المصري بحمل ثقيل قد لا يخرجه من منزله للاحتفال ويثقله بالهموم والأسعار التي وصلت عنان السماء.
 
العيد جاء هذا العام على أوطان كانت موحدة وأناس كانوا يمشون او يركبون يتنقلون بين المحافظات والأقاليم ليمارسوا فرحة العيد مع أقاربهم لكنه جاء هذا العام واوصال الاوطان مقطعة في السودان ومبعثرة في ليبيا وجؤاح كثيرة ودماء في الاراضي سورية وهموم الانقسام والنفرق تطل مع شبح الفتنة الطائفية والتمييز وانفجار الذي يمارس معمته في ذبحةالوطن الجريح كل يوم هنا في مصر، العيد هذا العام وصل الينا مستنكرا على تفسه.. مكسوفا منا فليس لدينا شهيد واحد او قتيل او جريح وليس البشر وحدهم هم المذبحون او الموتى وفقا للطبيعة وحق العمر، لكن هناك سكين التقسيم والمؤامرات واصلت مهمتها في ذبح الوطن.. الاوطان. انسان العرب كل الانسان مقتول ومصلوب ومذبوح على الهوية، فالنفط يحرك الثورات ويقف خلف مخططات التقسيم التي تنتشر من اقصا المنطقة إلى اقصاها تلعب مهمتها الخبيثة في لحم الوطن، القطار لم يصل إلى هذه المحطات بالورود والبالونات للأطفال، ولم يعط لطعم الأضحية اي شيء يذكر الا انها مجرد عادة من عاداتنا الطينية التي وجدنا عليها آبائنا الذين هم غير موجودون في هذا العام او مقتولون في بلاد الهم العربي.. او منشقون بفعل المعارضة ومليون في غياهب الجب.. موجودون في أطراف اخرى للتقسيم لسنا نحن موجودون فيها.. وكلنا معذبون يخشى العيد أن يطل علينا بفرخة فنزل لها رافضون.

أتصور أن كل ادمغتنا قد أثقلها هذا الكم الهائل من التفكير حول الوطن وغد والمستقبل وطال هذا السلوك الجنوني المسمي بالتفكير يومنا فقد زحفت الهموم بنا إلى الامام لنضع تصورات لما سيحدث من نوازل بنا وصرنا ننسى الجانب الإيجابي الذي صار هو أيضاً في عداد العدم، مهمومون نحن في منازلنا، أعمالنا، مع أصدقائنا، مهمومون داخل هذه العلبة الصغيرة المسماه بالدماغ والتي نتمنى كثيرا أن ينطبق عليها قانون العدم جراء ما ثقلت به موازينها من هم وتطلع إلى أن تمر الايام بسلام، مهمومون مع آبائنا وامهاتنا وأولادها وبناتنا وكل الذين ينتمون لنا وقد لا نجدهم في المستقبل بحكم الزحف الدائر على حدود الوطن ومحاولات تقسيمه.. يزورها الهم في الصباح ولا يغادرها إلى الصلاح التالي فيظل معنا حين نصبح ونمسي.

لقد اعيانا التفكير في لقمة العيش والخوف على ما هذا النبت الخارج من التربة حديثاً المسمى أبنائنا ،فالهم حين نستيقظ على بكائهم صباحا حين الجدل مع امهاتهم عند الذهاب إلى المدرسة، والخوف عليهم حين يدخلونها وحين يخرجون.. لازال الهم يطاردنا.. ملعون نطارده نحن فنحنو عليهم ولا يحنو علينا الزمن.. مهمومون بوطن من الممكن أن تستيقظ يوما ولا من وطن!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع