عصام عبد الجواد
أيامى هو عنوان كتاب للأستاذ جمال أسعد عبدالملاك الذى يسرد فيه شاهدته على خسمة عصور، عاصرها بكل حلوها ومرها، وأنا أشهد له أنها كانت أيامنا نحن معه فمن عظيم الشرف لنا أننا من بلدة واحدة، فهو من مدينة القوصية بأسيوط، وأنا من قرية فزارة إحدى قرى القوصية القريبة منها جدًا، والتى لا تبعد أكثر من ثلاثة كيلو مترات فقط ،وكان لى ومعظم جيلى ومن بعدى أجيال أخرى الشرف أننا نشأنا وتربينا سياسيًا وثفافيًا على أيدى الأستاذ جمال أسعد، الذى كان لا يتوانى أبدًا عن تقديم النصح والإرشاد لنا ،خاصة فى حقبة الثمانينيات والتسعينيات التى كانت ذروة انتشار التيارات المتطرفة فى أسيوط خاصة ومدنها عامة.
إلا أنه من نعمة ربنا أن وُجد فى هذا الوقت شخص مثل جمال أسعد الذى كان أحد أهداف المتطرفين سواء من الجماعات الإسلامية أو من متطرفين مسيحيين استطاع أن ينبهنا إلى خطورة التطرف على مصر بلدنا جميعًا، وهى وطن لكل مصرى، الأستاذ جمال أسعد عبد الملاك ابن حوارى القوصية محافظة أسيوط الوطنى العروبى الإنسان شديد التمسك والاعتزاز بكرامته الوطنية والإنسانية، وقد نذر عمره وجهده وعقله ووقته من أجل مبدأ واحد فى حياته بأن يرى مصر بلدًا قويًا متماسكًا متوازنًا فاعلًا فى منطقته بدوره فى المنطقة العربية والإفريقية والعالمية والدولية والإنسانية.
الأستاذ جمال هو قبطى مصرى مسيحى أرثوذكسى تم تعميده ويتناول ويعترف وتزوج وفق مذهبه وأنجب وعمد أولاده ويذهب للصلاة فى الكنيسة ويحترم إكليروسها ولكنه لم يتردد لحظة واحدة فى الانتصار لوطنيته ولمصر الواحدة ثرية التعدد عندما نشبت نيران الفتنة الدينية وظهر المتطرفون من الجانبين.
جمال أسعد عبدالملاك فى كتابه أيامى يسرد فيه قصة حياته بأسلوب سهل ويسير، كما كانت حياته بسيطة وقريبة من الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغنى وكيف بدأ تجربة حياة شاءت فيها الأقدار أن يخرج من بلدته القوصية فى ظروف سياسية مواتية استطاع أن يبحر فى العمل السياسى والحزبى وصولًا إلى عضوية البرلمان انتخابًا وتعيينًا رغم أنه من طبقة بسيطة وانتمائه إلى الأقلية فى مصر وكيف أن كل الصعاب التى واجهته جعلته أكثر قوة وأكثر تمسكًا.
جمال أسعد مع حفظ الألقاب دفع ثمن هذا الاستقلال طوال حياته، ولكنه فى المقابل حظى باحترام وتقدير وحب كل من عرفوه حتى لو اختلفوا معه، هذا الاستقلال الذى كان يحسده عليه بعض السياسيين لم يكن يُحدث أثرًا لولا تمتعه بالإرادة القوية والإصرار الكبير من داخله على تحقيق هدفه، فلم تكن حياة جمال سهلة وبسيطة ويسيرة كما يتصور البعض، ولكنه استطاع أن يشق طريقه وسط الصعاب حتى أنه استطاع أن يخرج من الحارة الصغيرة فى مدينة القوصية بأسيوط ويصبح من السياسيين المعدودين على مستوى الجمهورية.
نعم إنها أيامه وأيامنا التى تعلمنا فيها منه الكثير وحافظنا فيها على وسطيتنا وعلى حبنا لبلدنا ووطننا واستطعنا أن نعرف ونتأكد من خلاله أن مصر هى أغلى شىء فى الوجود، وعلينا أن نحافظ عليها، وأن نبذل كل غالٍ ونفيس من أجل الحافظ عليها، ومهما كتبت عن جمال أسعد عبدالملاك فلن أستطيع أبدًا أن أوفيه حقه، فكيف أوفى حق من كان لنا شعاع نور أنار طريقنا ونحن فى عز الشباب المتطلع إلى المستقبل وسط صراعات طائفية صعبة جدًا لكنه استطاع أن ينير لنا الطريق بكل سهولة ويُسر.
كتاب أيامى يسرد فيه كل تجاربه الحياتية والسياسية والوطنية فى سهولة ويُسر وبساطة متناهية، أطال الله فى عمره، وجعله منارة لكل وطنى شريف يريد الخير لبلادنا مصر الحبيبة.
نقلا عن روز اليوسف