زهير دعيم
" و سوف تسمعون بحروب وأخبار حروب ، انظروا لا ترتاعوا لأنه لا بُدّ أن تكون هذه كلّها ، ولكن ليس المُنتهى بعد، لأنه تقوم أُمّةٌ على أُمّةٍ ومملكة على مملكة وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن، ولكن هذه مُبتدأ الأوجاع ..."
خبرٌ صاعق هزَّ كياني وأدمى فؤادي وأزعجني ... خبر الزّلزال المشؤوم الذي ضرب بعنفٍ وبدون رحمة فجر اليوم الاثنين جنوب تركيا وشمال وغرب سوريا ؛ زلزال بقوة 7.8 درجة على سلّم ريختر فأودى حتى الآن بحياة أكثر من 1800 انسان من كلا الدولتين وعشرات الآلاف من الجرحى وآلاف المفقودين تحت الرّكام وهدم مئات الأبنية .
خبر أعادني الى انسانيتي وأعاد العالم اليها ؛ هذه الإنسانية التي أحبّها وانتمي اليها ، والتي تجعلني أحزن على كلّ ضيق يحيق ويحيط بأخوة لنا في الانسانيّة أينما حلّوا وسكنوا وعاشوا ..
مشاهد الدّمار صادمة ، صاعقة والأكثر صدمة هو الخيال الذي يأخذني بعيدًا الى ما تحت الرُّكام ، حينما أرى بعين اللاوعي طفلًا صغيرًا يبكي ، أو عجوزًا ينتحب ، أو أمًّا تنادي أولادها وما من مجيب ، فأروح أدمع أو أكاد ، وأنا أرفع صلاةً الى ربّ السّماء كي ما يُعزّي ، ويُخفّفَ ، ويهدّئ ، ويُسكّن، ويلّم الشمل، ويُضمّد ويزرع الأمل من جديد، بل ويُرمّم الخِرب ويتعهدها بحنانه ومحبته.
المصائب ...نعم المصائب رغم وقعها المرير ، ورغم زمجرتها المقيتة ، لها في بعض الأحيان بعض المزايا الجميلة !!! فهي تلمّ شمل الإنسانية ، فتروح الدّول من هنا وهناك تتدافع وتتسارع لمدّ يد العون ومحاصرة الدّمار وتخفيف وطأة المصيبة بعيدًا عن المصالح الخاصّة والسياسة .
حمانا وحماكم الله جميعًا ، ووقانا ووقى البشرية جمعاء من كلّ شرّ ، وبلسم جروح أهلنا في تركيا وسوريا ببلسم السلام والعزاء .