الأقباط متحدون - رحلتي من السلفية الجهادية إلى العلمانية -3-
أخر تحديث ٠٠:٥٧ | الثلاثاء ٢٣ اكتوبر ٢٠١٢ | ١٢ بابة ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٢٢ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

رحلتي من السلفية الجهادية إلى العلمانية -3-


بقلم: أسامة عثمان 

الحب الضائع وأنا من ضيعته !!

علاقتي بالجنس الآخر بدأت مبكرا في المرحلة الابتدائية ، فقد كنت أحب فتاة جميلة في فصلي ، ولكنه كان حبا من طرف واحد فقط ، فكانت لا تشعر بي، كنت أراها كل يوم في الفصل صباحا ، ومساءا في أحلامي ، كنت أعشق ضحكتها المشرقة ، وروحها المرحة ،وخدودها البينك في الشتاء .

انتهت المرحلة الابتدائية ، وبعد حب صامت دام ثلاث سنوات لم أعد أراها ، ولكن المشاعر ظلت معي فترة حتى تلاشت مع الوقت ، ولكن الذكريات لم تتلاشى ، فحتى الآن تتراءى أمام ناظري كل فترة .

وفي المرحلة الإعدادية قابلت فتاة كانت زميلتي في الفصل في المرحلة الابتدائية ، كان أحد الشباب يلاحقها فاستنجدت بي ، وأبعدته عنها ، ونشأ بداخلي تجاهها بعض المشاعر ، وانشغلت بها لمدة عام من الصف الثالث الإعدادي وحتى الصف الأول الثانوي ، واكتشفت بعدها أني كنت مثل روميو لأنني كنت أمر كثيرا من تحت بلكونتها حتى أراها ، وانسلت المشاعر من داخلي تجاهها بعد هذا العام لأنها أيضا كانت من طرف واحد .

وبعد انضمامي إلى الجماعة الإسلامية ، وفي منتصف عام 1992 ، وقعت في العشق .

قبل هذا الحدث الرائع والمؤلم في نفس الوقت كنت منغمسا في الجماعة بكل جوارحي ومشاعري ، وفي منتصف العام تقريبا اعتقل أمير ومؤسس الجماعة في المطرية عماد زكي وتأثر نشاط الجماعة بسبب اعتقاله تأثرا ملحوظا ، وتقلصت النشاطات الدعوية لفترة .

وفي أحد الأيام الجميلة لاحظت أن أحد الفتيات تلاحقني بنظراتها ، وابتساماتها الرقيقة ، في الأول لم أصدق أن هذه النظرات لي ، فكنت ألتفت حولي كي أجد من تبتسم له ، فلا أجد أحدا ، وسبب عدم تصديقي أنني لم أكن منشغلا بأي شيء غير الجماعة ، والعمل معها ، ولم أكن أشغل بالي بالفتيات ، وكنت محافظ على غض البصر ، فلا أنظر إليهن .

لما تأكدت أنها تقصدني فرحت بداخلي جدا ، ولكني حاولت إظهار عدم الاهتمام لأني كنت مقتنعا وقتها أن هذا حبا محرما ، لأنه خارج إطار الزواج ، ولكني مع ذلك كنت أتحين الفرصة لرؤيتها ، ومشاهدة الحب في عينيها ، والاستمتاع بابتسامتها الرقيقة ، والاندهاش من جرأتها المؤدبة في إظهار مشاعرها . لم أستطع المقاومة كثيرا فبنظرة حب لقيتني بحب وبدوب في الحب ، وهنا كانت المشكلة !! .

يا إلهي ماذا يحدث لي ، أصبحت كالغريق في بحر من العسل ، ولكنه حسب أفكاري عسلا محرما ، أصبحت مختنقا من الشعور بالذنب .. ماذا أفعل ؟ أنا لا أقوى على البعد عن هذا الحب ، وأيضا لا أقوى على عذاب الله بسبب هذا العشق الحرام . 

كنت بدأت أظهر لها مشاعري ، وكلمتها أني أريد مقابلتك ، وبعد تركها أجلد نفسي وأعاتبها عما فعلت ، والشعور بالذنب يقتلني لأني أصبحت مدمنا لحبها ، ومن مكابدتي الليالي في التفكير فيها ، كنت أرى صورتها وأنا على فراشي بابتسامتها الرقيقة فأفرح ، ولا يلبث هذا الفرح أن ينقلب غصة بسبب تأنيب الضمير . كان حبا عذريا لا أتذكر في مرة واحدة أني نظرت لها نظرة اشتهاء ، كنت كعمرو واكد في فيلم (( لي لي )) الذي جسد فيه شخصية إمام مسجد في حارة شعبية ، ووقع في عشق امرأة أمام المسجد .

ظللت في هذا الشقاء لمدة ستة أشهر ، كنت أبكي لله تضرعا حتى يصرف عني هذا العشق ، فلا أنشغل بغيره وبغير دينه ، تعذبت كثيرا بسبب الصراع الداخلي بين حبي لها ، وحبي لله ولدينه حتى تغلبت على هذا الحب وتسرب من داخلي بعد عناء شديد مع نفسي ، والغريب أني بغبائي أحسست بالفرح بعدها أني انتصرت على نفسي ، وأخلصت حبي لله .

يا إلهي لماذا تركتني أفعل في نفسي هذا الفعل وأضيع من يدي هذه المشاعر الجميلة ، أي أفكار هذه التي يعادي بها الإنسان نفسه وفطرته .

بداية الاعتقالات

بعد هذا الحب الضائع وفي خلاله كان قد جاءنا أميرا آخر بدلا من عماد زكي اسمه ثروت ، كنت اعتقد في أول الأمر أنه اسمه الحقيقي ولكن بعد فترة اكتشفت أنه اسم حركي يستخدمه للتخفي وأن اسمه الحقيقي حجاج .

كان ثروت من الشخصيات المخلصة جدا كان يعشق الشهادة في سبيل الدين ، وضحى في سبيل الدعوة في سبيل الله بالكثير ، وكان من المطاردين بشدة من أمن الدولة لأنه كان قد قبض عليه صدفة ، وعرض عليه الضابط أن يصبح جاسوسا له ، فخدع الضابط ووافق حتى يطلقوا سراحه ، وفعلا أخرجوه ولكنه اتصل بالضابط بعدها واستهزأ به وقال له أمك في العشة ولا طارت ، لذلك كانوا يريدون الانتقام منه .

كان صاحب ورشة إصلاح عدادات السيارات على ما أذكر وكانت ظروفه المادية جيدة ، ولكن بسبب المطاردات الأمنية ، فقد عمله لأنه لم يكن يستطيع الانتظام فيه خوفا من القبض عليه ، وكان يهرب هو وزوجته وأولاده .

كان هذا التوقيت في بداية عام 1993 عندما تولى المسئولية بدلا من عماد ذكي والذي كان مسئولا عن عدة مناطق هي المطرية والأميرية وعين شمس الغربية .

في شهر مارس أو إبريل على ما أذكر جاءنا أمر أنه سوف نقوم بمظاهرة في جامعة القاهرة لا أذكر سببها ولكن تم حشدنا كقطيع الخراف لها ، وكان أحد المسئولين عن تنظيم المظاهرة تم القبض عليه في الليلة التي سبقت يوم المظاهرة ، وذهبنا هناك ووجدنا قوات الأمن تواجدها كثيف ، لم نكن ندري أن هناك من قبض عليه وأبلغ عن المظاهرة وتوقيتها ، حتى لم يكن هناك من الحصافة عند أحد أن يفسر التواجد الكثيف للأمن بأن هناك خطر ينتظرنا ، ولكن الغباء المستحكم عند من يمتلكون الحقيقة المطلقة لا يمكن وصفه ، جلست أنا ومجموعة على انتظار إحدى محطات الباصات أمام الجامعة وفجأة وجدتنا محاطين بالقوات الخاصة بزيها الأسود الشهير وفي أيديهم المدافع الرشاشة ، وأمرونا بإظهار البطاقات الشخصية ، كي يتعرفوا على من جاء من مناطق بعيدة فيتم القبض عليه ، كنت أحمل مطواة للدفاع عن النفس عند أي اشتباكات ، قمت من على كرسي انتظار المحطة كي أطلع بطاقتي الشخصية في الوقت الذي كان هناك باصا يقف في المحطة ، ورأيت أحد أصدقائي ينسل من بين المتواجدين على المحطة مستغلا الارتباك الواضح على أفراد القوة التي أحاطت بنا متجها إلى الباص ليركبه ، فمشيت من بين الجنود وراءه ، وركبت الباص وكأنني أحد المواطنين الذاهبين إلى أعمالهم ، ونجوت من هذا المأزق .

رجعنا إلى المطرية وقابلت ثروت وعندما سمع بالخبر أصيب بصدمة وحزن شديدا على من قبض عليهم ، وأمرنا ألا يبيت أحد من الباقين في المنطقة ولم يقبض عليه في بيته ، وفعلا ذهبت أنا وأخي إلى بيت جدي في حي النزهة خلف ملاهي السندباد .

مكثنا هناك عدة أيام نرتاد المسجد القريب من البيت في كل صلاة ، وبعد عدة أيام وأنا نائم في سريري وجدت من يوقظني من نومي قبل الفجر ، كان أحد ضباط أمن الدولة .

استيقظت فوجدتني محاطا بالقوات الخاصة وضباط في زي عادي وهم ضباط أمن الدولة ، طلبت منهم أن أرتدي ملابسي ، فسمحوا لي وأخذوني أنا وأخي على مبنى مباحث أمن الدولة بلاظوغلي .

الغريب أنني لم أشعر بأي خوف وقتها كما شعرت في بداية انضمامي للجماعة حين تم اقتحام صلاة العيد كما ذكرت من قبل ، يمكن بسبب ترسخ قدمي في الجماعة بعد مرور عامين ونصف معهم تقريبا .

أخذوني أنا وأخي على الدور الثاني في لاظوغلي ، وهو المسئول عن النشاطات الإرهابية في القاهرة كلها ، وكان الدور الرابع هناك هو الجحيم بعينه ، فقد كان مخصصا لمكافحة العمليات العسكرية والتحقيق مع القيادات ، وكان به إدارة أمن الدولة على مستوى الجمهورية ،ولأن موضوعي كان صغيرا فكان نصيبي من لاظوغلي وقتها الدور الثاني فقط .

وصلنا في الصباح وتركونا حتى قبل الظهر مع بداية التحقيقات ، وكان ما يشغلني كيف عرفوا مكاننا فنحن هاربون من منطقتنا للاختباء في منطقة أخرى لا يعرف عنها أحد من أصدقائي في الجماعة شيئا ، فهل كنا مراقبين من المنطقة حتى بيت جدي ، ظللت أضرب أخماس في أسداس ، ومترقب لوقت التحقيق ولا أدري ماذا سيكون الوضع ، ومن أين سيبدأون معي إلى أن جاءت اللحظة المنتظرة ونادوا على اسمي .

دخلت غرفة التحقيقات وأنا بداخلي رهبة فهذه أول مرة أتعرض للتحقيقات ، وكذلك متحيرا ماذا عندهم من معلومات عني حتى لا ألخبط الدنيا على نفسي وعلى أصدقائي في المطرية ، والذين لا يعرفون أننا قبض علينا ، فأضطر أن أدلي بمعلومات عن أحد منهم تحت وطأة التعذيب .

بدأ الضابط يسألني عن بياناتي وأين أسكن ، ولماذا أقيم عند جدي ، وكان أحدهم يضربني في جنبي بقبضته ، وقتها كنت أظن أن هذا تعذيبا ، ولكن اتضح أنه مزاح بالنسبة لما رأيته بعدها بساعات ، فقد تركوني بعد التحقيق معي لمدة ساعة تقريبا أدركت ساعتها أنهم لا يعلمون عني شيئا ، وأنني مشتبه فيه فقط بسبب ظهوري في منطقة جديدة ، وتظهر علينا سمات الملتزمين دينيا من جلباب ولحية عند أخي لأنني وقتها لم يكن لي لحية فقد كانت بعض الشعيرات المتناثرة الخفيفة . 

أدخلوني بعد ذلك مرة أخرى بعد صلاة العصر ، وقد كان الضابط متعجلا ، ولم أكن أدري السبب فضغط علي في التحقيق ، والضرب ، وجعلني أخلع ملابسي وظللت بالشورت فقط ، وزاد من ضغطه عليا كي يطلع مني بأي نتيجة ، أو لو كان هناك شيئا مختبئا فليظهر بهذا الضغط ، فأمر العساكر بتقييد يدي من خلف ظهري ، وعلقوني على الباب من عند الرسغين ، وأصبح كل جسدي محملا على أكتافي .

أحسست بألم فظيع لم أكن أتوقعه ، وأحسست بأكتافي ستنفصل عن جسدي ، وبدأوا يحركون قدمي ، وهي مسدلة في الهواء حتى يزداد الضغط والألم على أكتافي ، وظللت أتوسل للضابط كي ينزلني ، وهو يقول لن أنزلك حتى تعترف ، وأنا أقول له بماذا أعترف ؟ .

ظللت معلقا على الباب قرابة عشر دقائق كانوا بمثابة عشر سنوات من الألم ، وفجأة حدث ما لم أكن أتوقعه ، فقد أمر الضابط العسكري أن ينزلني من على الباب كي يدركوا المباراة ، وكانت وقتها يوجد مباراة مهمة بين مصر وزيمبابوي في فرنسا الفائز فيها سوف يؤهل لكأس العالم ، وكانت مباراة معادة بعد حدوث بعض الشغب من جمهورنا في القاهرة أدت إلى إلغاء نتيجة المباراة والتي كنا فائزين فيها .. شكرا لكي أيتها المباراة .

أنزلوني من على الباب ، وأخرجوني من غرفة التحقيقات ، ووضعوني على الأرض في الممر أمام غرف التحقيقات ، وأعطوني ملابسي ، حاولت أن ألبس ملابسي فلم أستطع فقد أصيبت يداي بشلل مؤقت ، ولم أكن أستطع أن ألبس ملابسي ، جاءني أحد الجنود وأمرني أن ألبس ملابسي ، فقلت له أنني لا أستطيع ، فقال للضابط أني مش قادر ألبس ملابسي ، فقال له الضابط اتركه فسوف يستطيع لما أكتافه تفك ، ظللت عدة ساعات على هذا الوضع إلى أن بدأت أشعر بأكتافي وقمت بلبس ملابسي بصعوبة .

تركونا حتى الليل مرميين على الأرض حتى جاء الضباط في الليل ، ووجدته يستدعيني ، ويسألني ماذا يشتغل خالي ؟ فقلت له في الاستيراد والتصدير فقال لي هات تليفونه ، فأعطيته التليفون وأخرجوني ، جلست بالخارج عدة ساعات إلى أن استدعوا خالي ، وجاء لاستلامنا ، وخرجنا معه بعد 24 ساعة عصيبة ،عرفت بعد خروجي أن خالي له صديق ضابط أمن دولة تدخل لخروجنا ، واستجابوا لوساطته .

الأمير الصغير

عندما تعرفت على الجماعة الإسلامية كنت أعتبر في عرف الجماعة مدعو جديد يقومون بتهيئتي فكريا ونفسيا لأكون عضوا فاعلا ، وقد تم ذلك في فترة وجيزة بسبب ما أمتاز به من همة عالية ، وبسبب الطاقة الفوارة التي أحسست بها بداخلي كما ذكرت .

في الأول أصبحت عضوا في أحد المجموعات التي تتكون منها الجماعة في المنطقة ، فانكببت على قراءة الكتب المقررة علينا ، ودراستها ، وكذلك التحاقي بحلقات تعليم تجويد القرآن ، سواء على يد أحد من أفراد الجماعة أو على يد أي شيخ من شيوخ المنطقة الغير منتمين ، وأذكر شيخا في منطقتنا اسمهه الشيخ جمال السلكاوي كان أحد الذين ساعدوني كثيرا في تعلم أحكام قراءة القرآن ، وفي فترة وجيزة تعلمت أحكام التجويد ، بل أصبحت أعلم الآخرين خاصة المنتمين الجدد ، حتى أصبحت مميزا في هذا الأمر، وبسبب نشاطي العالي في تحصيل العلوم الشرعية المقررة علينا وقتها ، وكذلك بسبب نشاطي في دعوة أفراد جدد إلى الجماعة أصبحت أميرا لأحد المجموعات في المنطقة ، كانت المجموعات وقتها تشكل حسب الاقتراب في السكن ،فكل مجموعة أفراد يسكنون بجوار بعضهم يشكلون مجموعة .

كانت طاقتي أعلى كثيرا مما أسند إلي من مهام ، فقمت بإنشاء مجموعة أخرى من المدعوين الجدد ، وهم من صغار السن في المرحلة الإعدادية كنت أقوم بتعليمهم أحكام تجويد القرآن ، وتعليمهم ما كنت أقرأه في أي كتاب جديد ، كان هذا بمثابة تهيئة لهم لضمهم للجماعة فيما بعد كأعضاء أساسيين .

أصبحت مميزا جدا في الدعوة الفردية ، واستقطاب أفراد جدد إلى الجماعة ، والدعوة الفردية تعني إقامة علاقة مباشرة بين الداعي والمدعو ، وهي الأساس في ضم الأفراد الجدد ، على العكس من الدعوة الجماعية ، والتي تقوم على الخطابة وإلقاء الدروس الجماعية ، وهذا لم أكن أجيده ، فليس من مواهبي الخطابة على ملأ من الناس ، أما النقاش الفردي ، والاقتراب من الناس بصفة شخصية مما يمهد لاستقطابهم فكنت مميزا فيه .

انقضى عهد عماد زكي ، وبدأ عهد ثروت والوضع كذلك ، نشاط غير عادي في الدعوة ، وأميرا بصفة رسمية على مجموعة أساسية من أفراد الجماعة ، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من المدعوين الجدد قمت بإنشائها بصفة غير رسمية كنشاط إضافي .

بعد خروجي من اعتقال اليوم الواحد رجعت إلى المنطقة ، وقابلت الشيخ ثروت أنا وأخي وحكينا له عن اعتقالنا ، وخروجنا بالواسطة ، وفرح جدا لنا لأن المنطقة كانت تأثرت من الضربة الأمنية لمظاهرة جامعة القاهرة ،فكان نصيب منطقتنا منها حوالي 4 أفراد من الأساسيين ، فلا يحتمل الوضع اعتقال المزيد . 

رجعت إلى النشاط الدعوي مرة أخرى ، ولم أفكر ولو للحظة واحدة لترك الجماعة بسبب ما لاقيته في الاعتقال ، لأن الأمر أصبح لي أمر دين ، أمر جنة ونار ، فلا يحتمل مني مجرد التفكير في النكوص عن الدعوة في سبيل الله ، هذا بالإضافة أن أمر الجماعة أصبح مساويا عندي للإسلام ، لأنها حسب تشكيلي الفكري الذي ذكرته سابقا هي الممثل الحقيقي للإسلام .

ولكن هل هذا كل شيء ؟ 

في علم النفس يذكر العلماء أن كل سلوك لابد له من دافع وراءه ، وقد تتعدد الدوافع للسلوك الواحد ، ما ذكرته سابقا كتفسير لاستمراري مع الجماعة بالرغم مما تعرضت له بسبب اعتقالي ما هو إلا دافع واحد ، وأظن أنه كانت هناك دوافع أخرى ، وهو دافع الشعور بالمسئولية تجاه الأفراد الذين أصبحت أميرا لهم سواء في المجموعة الأساسية ، أو المجموعة الملحقة بالأساسية من المدعوين الجدد صغار السن ، والذين أصبحت لهم شيخا ، ومعلما ، وأخا أكبر ، فلا خيار لي إلا الصبر على البلاء ، والاستمرار والثبات على الحق حتى لا أكون سببا في فتنة غيري بنكوصي عن الحق .

من أكثر الآيات التي كانت تشكل وجداننا وتفكيرنا (( واجعلنا للمتقين إماما )) فكان أمل كل واحد منا أن يكون رمزا في هداية الناس .. ولكن هنا وقفة لابد منها ..

وهي أن الكثير منا – إن لم يكن كلنا – كان يختلط بداخله شيئين ، وهما هل نريد أن نكون أئمة للناس من أجل هدايتهم فعلا ؟ ، أم نريد أن نكون أئمة لهم من أجل حظوظ أنفسنا ، ومن باب حب الرئاسة على الناس ، والوصاية الدينية عليهم ؟ !!

الإنسان قد تخفى عليه دوافعه ، ويرى نفسه مدفوعا لسلوك معين بسبب ظاهر وواضح ، ولكن في حقيقة الأمر تكمن بداخله دوافع أخرى قد تخفي عليه هو نفسه ، فلا يراها .

أظن أن الشعور بالمسئولية تجاه المجموعتين اللتين أترأسهما لم يكن شعورا حقيقيا بالقدر الكافي ، بل كان مخلوطا به الخوف من فقد هذه المكانة إذا أنا تراجعت عن إكمال هذا الطريق .

لم تكن هذه الحقيقة واضحة في ذهني وقتها ، ولكني توصلت لها متأخرا بعد مراجعاتي التي لم تكن فكرية فقط ، بل كانت مراجعات نفسية كذلك بالغوص في نفسي ، ومحاولة تحليل دوافع سلوكي في هذه التجربة .

ثورة نهد

أن يكون الإنسان ملتزما دينيا ، ومحافظا على غض البصر لا يجعله ذلك بمنأى من فتنة النساء ، فهناك صنف من النساء يعجبهن هذا الستايل ، ويحاولن التقرب منهم ، والتعرف عليهم ، وكما قال المثل الشعبي ( كل فولة ولها كيالها ) .

في أحد الأيام لاحظت أن هناك فتاة من الحي تسكن بجوار أحد أفراد المجموعة الملحقة التي كونتها تلاحقني بنظراتها ، كانت فتاة من نوع آخر غير فتاة حبي الضائع التي عشقتها ، كانت فتاة طاغية الأنوثة ، لم تحرك في المشاعر ، بل حركت غرائزي الكامنة ، والتي أحاول كبتها حتى لا تشغلني عن مهمتي الرسالية ، انشغلت بهذه الفتاة لفترة ، كان انجذابي لها شديدا ، ولكنه لم يكن حبا ، بل كان اشتهاءا ، كانت ذات قوام ممشوق ، ونهدين مكتنزين ، حلمات ثديها نافرة لم يكن يجدي معها في إخفائها لا براه ولا غيره ، خدودها ذات حمرة متوهجة ، وشفاهها ظمأى ، شعرها أسود لم يكن بالناعم ، ولا بالخشن ، كان في انسداله يعبر عن ثورته الخاصة ، فكان يأبى الانسياب الكامل ، والخضوع ، فكان ككل شيء فيها فائرا ثائرا ، كنت عندما أراها أحس بفوران الشهوة في عروقي ، وارتفاع في ضربات قلبي لما يعانيه من ضخ متسارع لدمائي المشحونة بهرمونات الذكورة التي تسبب في إفرازها هذا النهد الثائر .

حاولت مقاومتها كثيرا داخليا – لأنني لم أكن أظهر لها اهتماما – ولكن أنوثتها الطاغية كانت أقوى من مقاومتي ، وفي أحد الأيام ذهبت لأصلي الظهر في مسجد أمام بيتها مع صديقي الذي يسكن بجوارها ، فرأيتها في بلكونتها تنظر إلي بعينيها ، فكانت كالقوس أرسلت لي سهام ملتهبة ، فأصابت الهدف ، دخلت إلى المسجد لصلاة الظهر ، وخرجت دون أن أحس بوجودي داخل المسجد ، فقد كنت أفكر فيها .. خرجت فوجدتها لا زالت واقفة في بلكونتها ، فشاورت لها كي تنزل لأكلمها ، وفعلا نزلت ، واتفقت معها على مقابلة وقت الغروب ، وتركتها وذهبت إلى بيتي أفكر في هذا اللقاء .

دخلت إلى غرفتي ، واستلقيت على سريري كي أنام قليلا فقد كان وقت القيلولة ، حاولت جاهدا أن أنام ، ولكن صورتها كانت أمامي بكل تفاصيلها المثيرة ، حتى تحولت الصورة إلى جسد نابض بالحياة بين يدي ، أحسست بأنفاسها الحارة ، وسمعت ضربات قلبينا المتسارعة ، وضعت يدي على جسدها البض ، وظللت أتحسسه في رفق ، ووجدتني دون تفكير ألثم شفاهها الظمأى ، أغمضت عينيها ، وتركت لي شفتها السفلي أرشف من عسلها ، كانت كقطعة البسبوسة المشربة بالعسل ، وعلى استحياء ووجل أدخلت يدي تحت التيشيرت ، وتحسست بشرتها الناعمة كالزبد ، مررت يدي على ظهرها الناعم المتناسق من آخره إلى أوله ، ثم مررت بيدي من تحت إبطها حتى وصلت إلى مرادي ، وصلت إلى النهد الثائر ، اقتربت بأناملي في رفق ووجل منه ، كنت في رهبة شديدة ، ضغطت عليه ضغطة خفيفة زادت بسببها أنفاسها الحارة ، وازداد لذلك تسارع ضربات قلبي ، أمسكت بحلمتها النافرة - التي فعلت بي الأفاعيل - بأطراف أناملي ، فتأوهت ، كل ذلك ولا زالت أرتشف من عسل شفتها السفلى ، زاد ضغطي على نهدها ، وزادت تأوهاتها ، حتى حانت لحظة التحامي بمنبع الحياة ، وقدس الأقداس .. وفجأة .. دخلت علي أمي غرفتي فأيقظتني من أحلى حلم يقظة في حياتي .. سامحك الله يا أمي .

قبل موعد لقائي بها وبعد صلاة العصر قابلت أميري الشيخ ثروت فعهد إلي ببعض المهمات التي أضاعت علي موعدي ، وهدأت نفسي قليلا ، وأشغلت نفسي بما كلفت به ، واعتبرت ما حدث لحظة ضعف ، والحمد لله أني لم أنساق وراءها ، وعاهدت نفسي أن أبتعد عن هذه الفتاة حتى لا تضيع علي ديني .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter