نادر شكرى
لم يتخيل أحد هذا التعصب الاعمى ، فى الاصرار على فرض القيود على الطفل شنودة فاروق ، وحبسه داخل دار الايواء ، رغم كافة المحاولات لتسليمه لوالديه اللذان تبنيه ، ومنذ فبراير الماضى ، حكم على الطفل ان يعيش خلف اسوار مغلقه بدار تابعة للتضامن الاجتماعى ، ومنعه من رؤية والديه الذى عاش معهما أكثر من اربعة سنوات منذ العثور عليه داخل احد الكنائس التابعة لايبارشية شرق السكة الحديد بالقاهرة.
الطفل شنودة ، لم يشغل الرأى العام المحلى فقط بل الدولى ، وتناولت كافة وسائل الاعلام الدولية قصة هذا الطفل المسكين ، الذى ارد الله انقاذه بعد ان تركته امه داخل احدى الكنائس والهروب دون معرفة هويتها ، ليجد من يتحنن عليه ويعوضه وينقذه من مصير ومستقبل مجهول ، فتتبنى اسرة قبطية لم ترزق بنعمة الانجاب ، هذا الطفل ، ليعيش معهما حياة امنة تملىء بالحب والحنان ، ينمو يوما وراء الاخر ، وهو داخل كنيسته ، ولم يتخيل ان استخدام القانون بدون رحمة فى نزع الطفل من والديه ، بحجة عدم وجود قانون للتبنى ، وليس هذا فقط ، بل يستخدم تشريع لا اساس له من الصحة سوى فى فكر الجماعات المتطرف ، بأن اى طفل فاقد الاهلية هو مسلم بالفطرة ، علما ان الطفل وجد داخل الكنيسة وربما الكاهن المتوفى كان يعلم تماما امه ، ولكن ربما هربت خوفا من فضحية أو ظروفا عائلية .
وتستمر القسوة ضد هذا الطفل ، الذى كان يصرخ بدموع تكسر القلوب عندما تركت يده يد امه وهو يستنجد بها ، حتى لا يفارقها ، ولكن بقلوب تملىء بالقسوة والتعصب ، يتم ايداع الطفل بدار للايواء ، ورغم محاولات الام ان ترى طفها ، وتذهب يوميا امام باب الدار ، وهى تترجى المسئولين رؤية طفلها ، الا ان الدار الذى قام بتغير اسم وديانة الطفل ، رفض رؤية الام والاب للطفل حتى لا يتذكرهما ، ورغم تقديم عدة طلبات حتى لاخذ الطفل فى اطار الكفالة ، لكن فشلت كافة محاولاتهما .
وتضطر الاسرة لرفع قضية بمجلس الدولة وفتحت التحقيقات ، وتقدمت هيئة الدفاع ممثلة فى الدكتور نجيب جبرائيل والمستشار احمد ماهر وكرم غبريال ، بعدة طلبات لعودة الطفل والكشف الطبى عليه للتأكد من سلامته وايضا مدى صحة ازالة الصليب من يده ، باستخدام مادة كاوية ، هو بمثابة جريمة تعذيب اذا ما صحة الواقعة .
والسؤال هل اصبح الطفل شنودة اسيرا لهذا التعصب ولماذا الاصرار والتمسك به ، رغم ان مستقبله مع اسرته ورغم تدخل العديد من الاعلاميين والمفكرين ورجال الدين الاسلامى ان الطفل الافضل له ان يعود لوالديه ، الا ان وزارة التضامن الاجتماعى " ودن من طين وودن من عجين " ، ورغم اتصال وزيرة التضامن بوالدة الطفل عن طريقة أحدى الشخصيات ، ووعدت بالسماح لها برؤية لطفل ، الا ان الوزيرة تنصلت من وعودها ، حتى الان لم يسمح للطفل برؤية اى شخص ، رغم تشكيل لجنة من حقوق الانسان ، والذهاب لدار الايواء ، الا ان الدار رفض بحجة منع الزيارات ، فلماذا هذا التعنت والاصرار على أن الطفل غنيمة لا يجب التفريط فيه ، فمصر بها الالاف من الاطفال بالشوارع هم الاحق بهذه الدار ، ولا يجدوا من ينقذهم ، فهم الاحق ان يتم ايداعهم وحمايتهم ، وعودة الطفل شنودة لاسرته ، حفاظا على مستقبله ، فالقضية ليست قضية دينية ، فهى قضية انسانية ، ارفعوا الحصار عن الطفل ، واسمحوا له أن يعيش حياته مع أقرب الناس له ، لمن اعطوا له كل شىء ، ومازالوا يصرخون ويبكون ويطرقون جميع الابواب من أجل عودته .