بقلم: محمد حسين يونس
عندما إستلم عسكر يوليو الحكم كانت عدد الحقائب الوزارية 21 حقيبة (مارس1954)ثم ظلت تتراوح بين 22و25وزارة حتي (يونيو 1967) حين قفزت الي 36 حقيبة وإستمرت تدور حول أعداد مقاربه تقل حقيبة أو حقيبتين حتي أخر حكومة شكلها الاخوان(2012) والتي تضم 35 وزيرا .
قبل انقلاب52كانت الحكومات تتكون من18 الي 20 وزارة أى نصف الوضع الحالي ومع ذلك كانت تدير مصر بكفاءة -أصبحت اليوم مفقودة- ،مدارس منضبطه نتعلم فيها بأفضل الاساليب التربوية ، مستشفيات متيسرة تقدم خدمات عالية الجودة ،كهرباء،غاز،مواصلات، قطارات منتظمة كلها تديرها شركات أجنبيه ،نظيفة،رخيصة،شوارع مرصوفة مكنوسة،مرشوشه مضاءة ،أمنة ،عمارات علي واجهاتها إعلان ((شقة للايجار)) ويدلل أصحابها السكان ليستمروا في شغلها ،مياة شرب نقية ،صرف صحي لا يطفح ويلوث الشوارع ،مياة الرى توزع بحكمة ،نأكل من خير الريف ولا نستورد ، زراعة القطن الافضل والقمح الذى يكفي ويفيض والبرسيم الذى يطعم الاف الرؤوس من المواشي للبن واللحم ، وزارة عدل لا تؤجل القضايا ومدن القاهرة ،الاسكندرية،المنصورة،المنيا، القناة باهرة ساهرةعامرة تعتبر مضربا للامثال في جمالها وبهائها ،المهندس،الطبيب،المحامي وكل مهنة شريفة أخرى يوقرها الكبير قبل الصغير ومحترمة يعيش أصحابها في مستوى إقتصادى وإجتماعي متميز ،كل هذا بعدد18 وزيرا فقط،ووجود جنود الاحتلال علي ضفاف القنال.
عندما قرر عبد الناصر أن يتحول الي إقتصاد رأسمالية الدولة التي تحتكر جميع الانشطة الانسانية أصاب الحكومة(التي ستدير العزبة) تضخما كما لو كانت الليفيازانleviathan خارجا من البحر يأكل ويزداد وزنه حتي لم تعد أطرافه قادرة علي حمله فيفقد القدرة علي الحركة ويقعد في مكانه يتسول طعامه من المحسنين .
العمالة المرصوصه في مرافق الدولة، مع المرتبات المنخفضة جعلت الحكومات المتتالية غير قادرة علي مزاولة مهامها فالعمل الذى يقوم به فرد تخصص له القوى العاملة ثلاثه وكلهم لا يعملون، فزيادة العمالة تشكل ضررا علي كفاءة سير العمل أكبر من نقصها .
مع الانفتاح الساداتي والصراع علي جمع الاموال لمواجهه مصاريف المجتمع الاستهلاكي بعد تدهور القيمة الشراءية للجنية تحولت دواليب العمل- من قمتها لقاعها -الي عصابات نهب،تزوير،سرقة ،إختلاس لم تشهد مصر مدى فسادها من قبل .. ومع بناء دولة المبارك البوليسية أصبح العاملون في تأمين حياته وحراستة بالالاف ينفق عليهم المليارات دون خجل ليشاركوا في وليمة اللئام ،اليوم رغم أن الرئيس الجديد كشف صدره في الميدان فإن أجهزة الامن أقنعته بأن حياته مهددة وأن عليهم مضاعفة الحراسات التي كانت مخصصة لسلفة ليستمرإهدار الاموال العامه لطمأنة- أصحاب الحل و الربط -علي حياتهم.
الانفاق علي جهاز أمني اخطبوطي- وجد لحماية فرد- لا يتلائم مع وضع التسول الذى يجعلنا نمد أيدينا لكل من هب ودب في سبيل حسنة أو قرض.
جهاز الدولة المتضخم العالة علي مجتمع المنتجين والذى يزيد عدد أفرادة عن نصف إجمالي القوى العاملة في مصر(بعمالها وفلاحيها وتجارها ومثقفيها ) فقد قدرته وسببه الذى أنشيء من أجله بعد الرجوع عن الناصرية وغرق في اليات توفير مرتبات أفرادة وإشباع شرههم للحصول علي أكبر عائد وتبرير فساد وتسيب تبديد أموالا لا طاقة للشعب علي تدبيرها.
وزارات الاعلام ،الثقافة ، النقل ، المجالس النيابية، الحكم المحلي ،البيئة ،السكان،العمل، التجارة الخارجية والداخليه ، التنمية المحلية،الشباب والرياضة ،التخطيط،السياحة،الاثار ،الاستثماروالبحث العلمي كلها وزارات مستجدة بعد انقلاب يوليو تكتظ بالعديد من وكلاء الوزارات والمديرين والموظفين والسائقين والفراشين الذين لا عمل لهم ولا يستفيد منهم- في واقع الامر- دافع الضرائب ،أجهزة تكيف تدور منذ الصباح ،مكاتب فاخرة يشرب شاغليها القهوة و الشاى و الينسون ويأكلون الفول والطعميه والمشهيات طول اليوم ،سيارات،سفريات،مقابلات،بدلات، معارض،استشارات،لجان نوعية،لجان فرعية ولا عائد منها علي مجمل الانتاج المحلي ،مباني، سجون،معتقلات،عشرات الهيئات الحكومية،ألاجهزة التخصصية التي لا تنتج ولا تدير ولاعمل لها ،هذاغيرمايتم إختراعه من وظائف لتسكين المعارف والاقارب وذوى الحيثية، وجيوش العاملين في أجهزة الرقابة التي تضع العراقيل امام المجدين وتمنح الكراسي للمرتشين واللصوص من أصحاب( الوالي) ولم تمنع فسادا ولم تقدم حلولا للمشاكل بل نشرت الرعب والحذر وأتلفت علاقات العمل وأصبحت هي نفسها بدون فائدة تعود من وجودها غير كونها سلاح المبارك ليحكم قبضته من خلالها علي الليفيازانleviathan.
السرقة والعموله وتبادل الهدايا والعزومات والرحلات المجانية لازالت سمة أساسية من سمات أجهزة الدولة ولم ينقذ الوعظ وجيوش الحراسة والامن والرقابة –حتي- الاثارمن التهريب، الاهمال واضح من الحوادث ،إنقلاب السيارات ،العدوان علي سيناء،تجريف الارض ،الاشغالات،البلطجة والبناء في الممنوع.
أجهزة حقوق الانسان (الشكلية ) المجلس القومي للمرأة والطفل ،مجلسي الشعب والشورى،الصحف القومية،ترسانة تنظيمات الحكم المحلي ،مستشارى الريس ونوابه ومعاونيه وأجهزته وحرسه ،وحرس لمستشاريه ونوابه وعائلته و المتحدثين بإسمه و المصلين خلفه،فضلا عن مجلس الشعب، و الجامعات ، يخصص لها أموالا كانت كافية لإعادة الحياة لعشرات القرى الميته ويتبقي الكثيرللصحة والنظافة وتوفيرالوقود ورغيف الخبز.
ِعشرات الالاف من الضباط و الجنود أصبحت وظيفتهم الاهتمام برؤساء،( الوزراء ،مجلس الشعب ، مجلس الشورى ، ومقر الاخوان المسلمين) ينفق ببذخ علي تحركاتهم وعرباتهم ومواكبهم ..ثم لا نجد ميزانية كافية لنصل بالتعليم الي نصف مستوي وزارة (طه حسين) أولحسن تدبيرونظافة شوارع( إبراهيم فرج )و(عثمان محرم) وزيرا الشئون البلدية والقروية في زمن النحاس إنها ظواهر أمراض لعنة الليفيازان leviathan التي تخنق مصر ،فهل من مغيث.