بقلم: د. عاطف نوار
و نحن نمر بتلك المرحلة الدقيقة من تاريخ  الكنيسة حيث تترقب القلوب قبل العيون من سيشغل كرسى البابا و يقود سفينة نوح ليعبر بها الطوفان... ونحن نخوض خضم هذه الآيام العصيبة ينبغى أن نرسى قواعدا و نضع أسسا يمشى عليها و يتبعها الربان ال 118 .. من هنا كان ينبغى أن نتكلم مع أبينا باخوميوس القائم مقام ..فالكل شهد ورأى ورع ذلك الرجل و أمانته وزهده و جرأته التى لا تنظر إلى الوجوه و لا تحابى أحدا ..

 عقد القائم مقام إجتماعا مع المرشحين الخمسة لقيادة فلك نوح وسيعقد معهم عدة اجتماعات متوالية .. و هنا .. نتوجه إليه  نحن ركاب الفلك باحتيجاتنا ليوصى البابا الجديد بتلبيتها حرصا على خلاص الكنيسة  و نجاتها من الطوافين المفتوحة عليها.. أبونا القائم المقام  .. لابد أن يتعامل البابا الجديد مع الكنيسة بصفتها جماعة المؤمنين و ليس أبنيتها و مشاريعها .. فالسيد المسيح أرسل تلاميذه ليبشروا جميع الأمم باسمه و ليس ليبنوا و يقيموا المشاريع .. قل له ألا ينسى رعيته .. و أن يعمل على جمع النفوس و لم شمل القطيع داخل الحظيرة .. قل له أن يعمل على تعليم الرعاة و الخدام ما هى الخدمة فى كرم الرب ..قل له أن يعلمهم أن النفوس أولا .. قل له أن يذكرهم بأن المسيح جاء فقط من أجل النفوس.. فإن كنت نيافتك حزنت لما رأيته فى المقر البابوى من تناحر و محبة للعالم .. فالواقع خارج المقر البابوى مرير يدمى القلب ..

 إن المسيح خارج المقر البابوى فى مصر و المهجر خرج و لم يعد..  تحول أغلب الرعاة إلى رجال أعمال يرتدون زى الكهنوت .. شغلهم الشاغل هو جمع المال تحت مسمى العشور .. هدفهم إقامة المشاريع و شراء المبانى و الأراضى تحت مسمى الزحف المقدس للكنيسة .. و الواقع أنها تتحول إلى مشاريع للتربح .. إن الوصية التى تتلى على الكاهن يوم سيامته " لا تكن لك جماعة مختارة من الشعب " يهتم بها دون غيرها ..و الواقع يا نيافة القائم المقام أن غالبيىة الرعاة كل منهم له جماعته المختارة التى تستحق إهتمامه ..هؤلاء هم القادرين على ملء صندوق التعضيدات .. و أما الآخرين فيحظون بالتجاهل المقدس و العبارة المشهورة فى كنيستنا " الكنيسة ملهاش دعوة " .. فبدلا من البحث عن الدرهم المفقود تجدهم يلهثون وراء الجنيه أو الدولار المفقود .. إلى حد فرض ما يشبه الأتاوة على كل أسرة بالتبرع بمبلغ ثابت شهريا   .. تحول الرعاة عن الرعية الغير مختارة لقلوبهم  غير عابئين من سيهتم بهم و أين ..

نجح الرعاة فى اقتناص الأراضى و المبانى من غير المسيحيين .. و جاء هذا النصر على حساب من لا يملأ الصندوق فكانوا من نصيب غير المسيحيين  .. لقد تحايل الرعاة على نصوص ووصايا الكتاب المقدس بما يخدم هدفهم الرعوى الغير رعوى .. تساهلوا فى الخطية دون عقاب كنسى.. حللوا السرقة ليتربح الناس حينئذ يمتلأ صندوق التعضيدات .. حادوا عن الحق و طرحوه فى بحر من الطرمخة تحت مظلة " الكنيسة ملهاش دعوة " من أجل كسب النفوس الممولة لمصلحتهم..أطاحوا بمن ينتقدهم و يوبخهم و أسكتوه بل وبتروا لسانه ..

 يجب أن يعلموا أن الكنيسة لها دعوة فى كل ما يخص خلاص النفوس .. فإيليا وبخ أخاب على قتل نابوت اليزراعيلى من أجل الإستيلاء على أرضه و لم يقل " مليش دعوة " .. و المعمدان وبخ هيرودس على زواجه من هيروديا و لم يتنصل من مسئولية خدمته .. و بطرس لام حنانيا و سفيرة و لم يقل " الكنيسة ملهاش دعوة " .. احتاج أحد ابناء كنيسة المهجر ان يضمنه الكاهن و يخرجه من السجن .. و إذا بالكاهن الأمين يتجاهله فلجأ إلى إمام المسجد الذى أخرجه من السجن و من الكنيسة و صار مسلما بل و داعيا للإسلام ..  طلب أبناء الكنيسة هناك مساعدة الكنيسة لتدبير أمورهم فى العمل و المعيشة .. فكان التجاهل هو الرد فى حين كان البذل موجه فقط للفئات الواعدة التى تمول جيدا .. تحولت الرعاية إلى ( بزنس) .. و تحولت الرعية إلى أماكن أخرى مستعدة للخدمة و العطاء..

 طلب شخص من الكاهن زيارته بعد أن أجرى عملية جراحية و بطبيعة الخدمة فى بيعة المهجر المقدسة لم يسأل عنه أحد فقد كان من محدودى التعضيد .. وبعد أشهر قابل ذلك الأب الحنون صدفة  فعاتبه فكان رد الراعى الباذل نفسه عن رعيته " الكنيسة عايزة رجالة يقفوا معاها" ..أحد القادرين ماديا ارتكب خيانة زوجية و قانون الكنيسة يمنعه من الزواج الكنسى عقاب له و لكن بالسعى المقدس من احد الكهنة  أخذ تصريح زواج و زوجه.. هذه حقيقة الأمرفى الكنيسة أيها القائم مقام .. و هذه أمانة نضعها عليك أن توصى البابا الجديد أن يهتم برعيته ويضرب الذئاب اللابسين ملابس الحملان  و لا يأخذ بالوجوه و ألا يهاب أحد و لا يستمال من أحد.. و للرسالة بقية.