في حوار خاص لـ"الأقباط متحدون":

- اللجنة التأسيسة للدستور ناقشت عديدًا من القضايا الإيجابية والسلبية التي ظهرت عبر وسائل الإعلام المختلفة.
- زواج القاصرات قضية ليس لها قيمة في ظل دستور سوف يحكم أجيالًا!
- أرفض حزب "الإخوان المسيحيين" بشدة.
- مستقبل "الأقباط" في يد الله.
 
حاورته: إسبرانس مراد
د. عيسى جرجس.. هو أحد أهم الشخصيات المؤثرة في المجتمع القبطي بصفةٍ عامة، والمجتمع السكندري بصفةٍ خاصة، فهو عضو المجلس الملي السكندري منذ سبعينيات القرن الماضي. وهو العلماني الأمين على كنيسته، والغيور على كرسي ماري مرقس، فهو الذي نادى بعدم ترشح الأساقفة للكرسي البابوي، وأكد على ضرورة مشاركة "الأقباط" في الحياة السياسية، وضرورة أخذ حقوقهم كاملة بداخل وطنهم العزيز "مصر".
 
هو الذي رصد وحلل مختلف القضايا السياسية الخاصة بالمجتمع و"الأقباط"، وأوضح رؤيته في تكوين لجنة من العلمانين؛ لمناقشة قضايا "الأقباط" المُعلقة أمام محاكم الدولة، وكذا القضايا التي ظلت حبيسة الأدراج لأكثر من عشرين عامًا، وهو الذي شدَّد على أن هناك خطوطًا حمراء، لا يجب على أحد أن يتخطاها، لا الدولة، ولا غيرها، كالتدخل في شؤون وأموال الكنيسة.
هو الخادم، والعلماني، والطبيب الذي ناقش بصراحة وواقعية، العديد من قضايا الساعة.. فكان لـ"الأقباط متحدون" شرف هذا الحوار الممتع معه..
فإلى الحوار.. 
 
ما تقييم سيادتكم للوضع العام للجنة التأسيسة للدستور؟
- حقيقة.. أنا أرى أن اللجنة التأسيسية للدستور يجب أن تُحل، حيث إنها لجنة غير متكافئة، ولا تمثل الشعب المصري بكل طوائفه واتجاهاته السياسية والأيدولوجية؛ لذلك نرى أن عديدًا من القضايا المطروحة ليست ذات قيمة، لكنها ذات طابع اجتماعي، قد يختلف من زمن لآخر. فكيف ينص دستور على قضايا مثل هذه؟ مثلًا قضية "زواج القاصرات"، أنا أعتبرها قضية ليست ذات أهمية، كي يهتم بها الدستور، والفكرة الأساسية التي كان يجب ببساطة طرحها "هل زواج القاصرات يتناسب والظروف الحياتية في هذا العصر؟".. إذن فما أهمية هذه القضية في ظل دستور سوف يضع أسسًا وقوانينَ تحكم أجيالًا؟
 
كيف ترى تمثيل الكنيسة القبطية في هذه اللجنة؟
- تمثيل الكنيسة في هذه اللجنة ضعيف من حيث القيمة العددية، فهي قليلة جدًّا، أيضا من حيث الشكل القانوني.. فأين حقوق "الأقباط" في الدستور؟ لذلك أرى أنه يجب أن يكون داخل اللجنة التأسيسة للدستور أساتذة في دراسة الدستور، ومتخصصون يستطيعون وضع لوائح وقوانين يحترمها الجميع، وأيضًا دستور يواكب العصر، ويُلبِّي الاحتياجات المناسبة لهذا الوقت، ويهتم بقضايا ذات موضوعية تهدف لبناء لوطن.
 
برأيك.. ما هي البنود التي يجب أن يحتويها الدستور بشأن "الأقباط"؟ وما هي مطالب "الأقباط" من الدستور؟
- ليست مطالب للأقباط، بل حقوق لهم داخل وطنهم الغالي "مصر"، وهي المواطنة، وحرية العبادة، والمساواة..
 
أولًا: المواطنة الفاعلة:
وهي التي يتبعها الشعب بأمانة وإخلاص، والتي تمثل حلًا للعديد من المشكلات الطائفية التي نراها باستمرار، فهي أيضًا تخفف من حالة الاحتقان الطائفي داخل الشعب. فعندما يجد "الأقباط" حقوقهم كاملة داخل وطنهم، لن يفكروا بالهجرة للخارج.
 
ثانيًا: حرية العبادة:
لابد من وضع أسس وقوانيين ثابتة، تعطى بالطرق اللائقة من الناحية الدينية والإنسانية؛ كي لا نجد تمييزًا بين "الأقباط" وغيرهم، إذ يجب المساوة في بناء الكنائس، وأخذ الحقوق، في شغل المناصب السيادية مثلًا لدى الدولة، حتى المنتخب الرياضي المصري، لا نجد به حتى الآن لاعبًا قبطيًّا واحدًا، على الرغم من وجود عديدٍ من "الأقباط" المتفوقين في كرة القدم.
 
ظهر في الأونة الأخيرة عديدٌ من قضايا عُرفت بـ"ازدراء الأديان" أخذت حيزًا وجدلًا حول طرق تنفيذيها.. فكيف تنظر لهذه القضية؟
- هذه القضية أتت وتأتي من الفراغ والتمييز بين أبناء الوطن الواحد، فعندما يُهان الدين المسيحي مثلًا، لا نجد قضية "ازدراء أديان"، حتى لو كان الجناة معروفين، فنجدهم أحرارًا متروكين، أما لو حدث شيء عابرًا كان، أو كبيرًا لغير المسيحيين، حينها تقوم الدنيا ولا تقعد، بل يؤخذ بالباطل مَن لا ذنب له، مع مَن له ذنب.
 
- فحيثما توجد المساواة وعدم التمييز، لن نجد قضية جنائية لم يُحاكم فيها الجناة، تمامًا مثلما حدث في جميع القضايا الخاصة بالأقباط منذ حادث الكشح، وحتى الآن، فالقضايا دون أوراق أو حتى جناة يُحاكمون.. أليس هذا إجحافًا؟!! 
 
تعدد نشاط الدعوة السلفية عبر الفضائيات، ونادى كثيرون بأحقية الدولة في المراقبة على أموال الكنيسة.. فما تعليقككم على هذا الخبر؟ وهل ترون أن للدولة
أحقية التدخل في شؤون الكنيسة؟
- أرفض تمامًا هذا الكلام، حيث إن من مهام الدولة أن تشرف على الأموال التي تخصها فقط.. أما أموال الكنيسة، فهي تبرعات يُقدمها "الأقباط" للكنيسة برضا وسرور، ولا يقبل مَن يقدمها أن يضع أحد "أنفه" في هذا الشأن، مهما علا شأنه.. فهي أموال يُقدمها الإنسان في حالةٍ من السرية التامة بينه وبين ربِّه، ويعلم أين ستذهب.. إذن ليس للدولة أو غيرها حق التدخل في هذه الأمور، فهناك خطوطُ حمراء ليس من حق أحد أن يتخطاها!
 
وبماذا ترد على الداعية السلفي الذي قال "لا يجب أن يأخذ "الأقباط" مناصب سيادية؟"
- هذا نوع من عدم التقدم الفكري الذي سيؤدي إلى تاخر الدولة فكريًّا وحضاريًّا، فهم الخاسرون، لا نحن. والنتيجة واضحة أمام الجميع، فبرغم عدم أخذ "الأقباط" كافة حقوقهم قبل ثورة يناير، إلا أن الدولة كانت متقدمة نسبيًّا. أما الآن، فتسير إلى الخلف.. ودعونا ننظر إلى ما سيحدث الأيام المقبلة!!
 
ما رؤيتكم السياسية تجاه حزب "الإخوان المسيحيين"؟
- أنا شخصيًّا، لا أوافق على هذا الحزب، فلا يجب، برأيي، أن تتدخل السياسة في الدين، والعكس صحيح؛ لأن السياسة تعتمد في ممارستها على المكر والدهاء و"الفهلوة" والمحاورات، وهذه أمور تتعارض ومباديء الدين.

ظلَّ عديدٌ من ملفات "الأقباط" حبيس الأدراج في عهد الرئيس السابق لسنوات طويلة مثل "القانون الموحد لبناء دور العبادة"، وأيضًا "قانون الأحوال
الشخصية".. فما مصير هذه الملفات في الوقت الحالي؟
- عدم مناقشة هذه الملفات، في الواقع، هو إحدى أساليب الضغط على "الأقباط"، وتضييق الأمور عليهم؛ لذا أرى ضرورة تشكيل مجلس علماني من أبناء الكنيسة المخلصين والمتخصيصين، يأخذ صلاحياتٍ من الكنيسة؛ للمطالبة بحقوق "الأقباط" أمام الدولة.. وأنا أؤمن أن وراء كل حق مطالب، ولا بد أن ينال المُطالِب حقه، إن كان يسعى للحصول عليه، مهما طال الوقت أو قصُر.
 
ما رؤيتكم لمستقبل "الأقباط" عقب ثورة "25 يناير"؟
- مستقبل "الأقباط" في يد الله، ونحن نثقُ بوعودِه الأمينة. فـ"الأقباط" كانوا قبل "ثورة يناير"، صابرين على كل ما يحدث لهم، حتى جاءت اللحظة الحاسمة، عقب تفجير كنيسة "القديسين"، وأثناء صلاة الجناز على شهداء وضحايا تفجير الكنيسة، عبَّروا عن عدم رضاهم عما يحدث، ورفضوا شكر الأجهزة المسؤولة.
 
- وكأن السماء قد فتحت أبوابها لهذه الصرخات، وبعدها فقط بـ"25 يومًا"، شارك "الأقباط" في أحداث الثورة، ومنذ هذه اللحظة، خرج "الأقباط" خارج الكنيسة، وشاركوا في الحياة السياسية بشكل مباشر دون تدخل من الكنيسة.
 
بصفتك عضو المجلس الملي السكندري، ماذا تقول للأساقفة المرشحين للكرسي البابوي؟
- أقوال للآباء، ومع كامل احترامى لهم: "يجب أن تنسحبوا فورًا، ومن تلقاء أنفسكم؛ حفاظًا على قدسية مراكزكم، ومصداقية مجامع آبائنا القِدام، ومجمع نيقية "سنة325م".. فما أسباب تلك الضرورة القصوى التي تستدعى ترشيح أسقف، ومخالفة قانون الكنيسة؟
 
ما الصفات التي تأملها في البابا القادم؟
- أتمنى أن يضع لوائح لتنظيم العمل الكنسي. ويضع لائحة لمحاكمة "الإكليروس"، وأن يُعدِّل لائحة "1957"، وأن يُشكل لجنة من العلمانين؛ لتفقد أحوال "الأقباط" بالدولة.