الأقباط متحدون - كل رجال الرئيس تقريبا
أخر تحديث ٠٢:٤٤ | الاثنين ١٥ اكتوبر ٢٠١٢ | ٤ بابة ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩١٤ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

كل رجال الرئيس تقريبا


بقلم:  سعيد السنى


لاجدال ان التاريخ سوف يتوقف طويلا أمام وقائع وتفاصيل موقعة عزل "النائب العام" التى انتهت بهزيمة ساحقة ل"جماعة الإخوان المسلمين", وحزبها "الحرية والعدالة"  , وألحقت بهم خسائر فادحة , طالت مؤسسة الرئاسة ذاتها ونالت من هيبتها , وكشفت ان كل "رجال الرئيس" تقريبا, دون المستوى إلا القليلين منهم , بل والمؤسف أن بينهم الكثير  من رجال القانون , ومع ذلك بدا  أنهم أبعد مايكونون عن القانون , وبين هؤلاء الرجال من  كانوا "سابقا"  يناضلون  من أجل "إستقلال القضاء" , وأعنى فى ذلك  تحديدا  من رجال الرئيس ,  الأخوين المستشار محمود مكى نائب الرئيس, وأحمد مكى وزير العدل , والمستشار حسام الغريانى الرئيس للجمعية التأسيسية  , فقد كان ثلاثتهم  نجوم تيارإستقلال القضاء , وتقدموا الصفوف  ل "ثورة القضاة" عام 2006.
 
ويبدو أنهم كانوا مع آخرين , مجرد مندوبين لجماعة الإخوان المسلمين إختراقاً للتيار المنادى بالإستقلال , وإلا كان عليهم وهم القريبين من الرئيس , أن يمنعوا بكل ما أوتوا من قوة , حدوث موقعة العزل التى كانت مقدمة لمذبحة قضاة جديدة , سيما وأن  قيادات إخوانية أو حزبية بالحرية والعدالة راحت وهى مأخوذة  بنشوة "نصر موهوم" , تنبئ بأن الدور قادم بعد النائب العام على قضاة بمحكمة النقض , والمحكمة الدستورية العليا , وهكذا , وكما يقولون بالبلدى "خيط وهيكُر" .
 
وبدلا من أن يستغل الأخوين مكى والغريانى القرب من الرئيس الدكتور محمد مرسى , ومواقعهم الوظيفية ذاتها , كون الاخوين هما نائب الرئيس والآخر هو وزير العدل المختص بملف موقعة العزل,  والغريانى الذى يتولى رئاسة المجلس القومى لحقوق الإنسان , إلى جانب التأسيسة ,والمعلوم بالضرورة هو أن هذا المجلس لحقوق الإنسان يهدف وبحسب وثيقة إنشائه إلى  الإرتقاء بوضعية حقوق الإنسان بمصر للوصول بها إلى المعايير الدولية , أى حماية  حقوق وحريات المواطن  المصرى , وتفعيلها والحفاظ عليها , وهذا , وبإجماع فقهاء القانون , لايمكن أن يحدث مالم يكن هناك "ضامن" .
 
وهذا الضامن للحريات والحقوق هو إستقلال السلطة القضائية , لأنه بدون هذا الإستقلال عن السلطة التنفيذية تضيع حقوق المواطنين , لأن القضاء  هو الذى يفصل فى المنازعات ويقوم على تطبيق القانون , ويراقب تنفيذ القيود على رجال الضبط عند  المساس بأمن المواطن أو القبض عليه أو التضييق عليه فى ممارسة حرياته , أى أن السلطة القضائية هى التى توقف تغول السلطة التنفيذية حال تعديها على حقوق المواطن , فهى السلطة التى تقيم العدل وتنطق بكلمة القانون الذى يجب أن يطبق على الجميع بدون أى تفرقة , أو إستثناءات , وإذا كنا نعانى قبل الثورة ولازلنا من أن هذا الإستقلال "منقوص" , وأن قانون السلطة القضائية به منافذ وثغرات كثيرة للتدخل , فإن ألف باء الثورة هى أن نحافظ على هذا الجزء اليسير من الإستقلال .
 
وهو مايخص حصانة القضاة والنائب العام وأعضاء النيابة العامة ( ماعدا المعاونين) من العزل , وهى على كل حال حصانة مقررة بالدستور , فضلا عن القانون , فإذا سكت المستشار الغريانى وهورئيس القومى لحقوق الإنسان عن عملية عزل النائب العام , فهذا مما يدينه , وينال من مصداقيته , وكذلك الحال لرجلى القضاء الأخوين مكى , فما بالنا وأن "النائب العام" نسبَّ إلى مكى الوزير ,والغريانى المنوط به وظيفياً حماية حريات المواطن وحقوقه , التى لايضمنها إلا الإستقلال وحصانة القاضى , قد قاما بتهديده  لإرغامه على الإستقالة , مجاملة للإخوان أو الرئيس , لافرق, بل وخرج مكى نائب الرئيس مبررا ومدافعا , بدلا من أن يعتذر عن محاولة العزل للنائب العام .
 
ومثل هذا الإعتذار يرفع من مقام المُعتَذر والرئاسة والرئيس , ولاينال منهم .. إلا أنه  وبدلاً من الإعتذار , فإن مكى نائب الرئيس راح يلقى باللائمة على وسائل الإعلام متهماً إياها بالمسؤلية عن الأزمة , وكان وسائل الإعلام هى التى  أعلنت عن قرار الرئيس وأختارت من  "وحى خيالها" سفارة الفاتيكان , التى قرر الرئيس أن  يرسل إليها النائب العام سفيراً لمصر , والرد على هذا الكلام يمكن أن يطول , غير أن زميلة صحفية ماهرة و فى شجاعة تليق بالمرأة  المصرية ,تصدت  لنائب الرئيس وسردت أمام مؤتمره الصحفى أمس فى سلاسة ويسر جملة المعلومات والبيانات بشان العزل , التى صدرت عن مسؤلين سواء بالرئاسة أو مكى الوزير .
 
وكان رد الزميلة الصحفية قوياً ومفحماً, إذ أقامت الحجة على فساد قول نائب الرئيس بشان مسؤلية الإعلام و ولم يرد الرجل وكأنه لم يسمع شيئا , وإن كان تلفزيون الإخوان (المصرى سابقا) , قد سارع بقطع الإرسال , حتى لايسمع بها الناس فى مصر المحروسة , ومع ذلك فقد تكفل موقع "اليوتيوب" باللازم , وتناقلت المواقع الإخبارية على الإنترنت هذا الفيديو تسجيلا لكلمات وموقف الصحفية المصرية التى لم تقبل التزييف الرئاسى والإتهام للإعلام بالمسؤلية عن أزمة هى بالأساس , صناعة رئاسية بالكامل , إذ شارك فيها  كل رجال الرئيس تقريبا , الذين راحوا يجوبون الفضائيات , ويستعرضون عضلاتهم على النائب العام "وهماً "منهم انه سقط ,وبالتالى أراد كل منهم أن يثبت     دوره فى الموقعة .
 
وحين بدأت بشائر هزيمة الرئاسة , راحوا كلهم يبدلون النغمات , والكلمات , بل ويتبادلون الإتهامات , فقد ظهر الدكتور محمد فؤاد جاد الله المستشار القانونى للرئيس خرج إلى التلفزيون متهما مكى الوزير بالمسؤلية عن الازمة , ونافيا علمه , فى حين عاد مكى وزير العدل إلى إحدى الفضائيات زاعما انها كانت مجرد مشاورات وديه (!!!).
 
ومادمنا على ذكر "رجال الرئيس" , فإن هذه الموقعة ليست الأولى التى تثبت أن غالبيتهم ليسوا على المستوى المناسب لإدارة شئون مصر ,فعلى سبيل المثال سبق للدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية العائد من قطر منذ  فترة قصيرة ,  أن أعلن بان الرئاسة تدرس طلب قطر  لتدخل الجيش المصرى فى سوريا , وهو ما أضطرت الرئاسة أن نفيه  لاحقا , وغير ذلك الكثير , من علامات التخبط وعدم الوعى من رجال الرئيس بقيمة مصر , وسوء تقديرهم للامور, والأزمات التى يتسببون فيها للرئيس أو للبلاد على شاكلة موقعة عزل النائب العام ذاتها ,رغم أننا نتحدث عن 100 يوم فقط ..
 
إن هذا كله يوجب على الرئيس الدكتور محمد مرسى أن يعيد النظر فيمن حوله من الرجال ,والتخلص من هؤلاء الهواة ,  وأن يسعى إلى جلب كفاءات لاتزين الباطل ولا تستدرجه إلى كمائن وحقول ألغام ,.. فإن مصر مرهقة ومجهدة ولا تحتمل مغامرات "رجال الرئيس". 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع