كتب - محرر الاقباط متحدون
القى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر،كلمة في ختام أعمال ملتقى البحرين للحوار : الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، بحضور البابا فرنسيس وملك البحرين، وجاء بنص كلمته :
ملتقى البحرين تاريخي لما يضمه من قامات كبرى من العلماء والحكماء وقادة الفكر وكبار السياسيين والإعلاميين وغيرهم من شرق البلاد وغربها، وكذلك هو يستحق أن يتوقف التاريخ عنده ليسجل كلماته وتوصياته بأحرف من نور.
هذا الملتقى، صوت ينبعث من البحرين، هذا البلد العريق صاحب الميراث التليد في الجنوح إلى السلام والتسامح وتعايش الحضارات والثقافات وحواراتها وتحويل ما يلائم منها إلى مصدر طاقة خلاقة مبدعة تصب في اتجاه الاستقرار المجتمعي والتطور الاجتماعي البناء.
ليس هناك حاجة الى ان اكرر احاديث الصراع الذي تعيشه الانسانية في الشرق والغرب، وثمراته المرة يجنيها انسان القرن الحادي والعشرين : حروبا ودماء وتدميرا وفقرا بل ثقلا ويتما وترملا وتشريدا ورعبا من مستقبل مجهول.
سبب هذه المآسي، غياب ضابط العدالة الاجتماعية الذي وضعه الله قانونا لاستقرار المجتمعات وتحقيق توازن الانسان جسدا وروحا على هذه الارض والا تحولت المجتمعات الانسانية الى ما يشبه مجتمعات الغاب والاحراشد
يشهد العالم ضحايا الحروب التي يصنعها اقتصاد السوق واحتكار الثروات وجشع التملك والاستهلاك وتجارة الاسلحة الثقيلة والفتاكة وتصديرها لبلدان العالم الثالث وما يلزم لترويجها من ترويج للنزاع الطائفي والمذهبي وتشجيع للفتنة والنزاع وزعزعة الاستقرار .
السياسات التي تثمر هذه المآسي أصبحت تدعمها نظريات فلسفية نزلت إلى واقع المجتمعات الغربية وحكمت تصورات الدول الكبرى في علاقاتها الدولية مع الشعوب النامية والفقيرة.
وتأتي في مقدمة هذه النظريات، نظرية صراع الحضارات ونظرية نهاية التاريخ ونظرية العولمة وكلها نظريات استعلائية تمهد لميلاد نظام عالمي جديد وتمكن لاستعمار حديث لا نعرف قوادمه من خوافيه.
ومنذ أيام قليلة فقط سمعنا تصريحات لأحد كبار المسؤولين في الغرب يقول فيها ما معناه إن أوروبا حديقة غناء والعالم من حولها أدغال وأحراش.
مثل هذه التصريحات غير المدروسة انما تدل على جهل واضح بحضارات الشرق وبتاريخها الذي يضرب بجذوره إلى أكثر من 5 آلاف عام .
وليس فقط إلى 300 أو 400 عام، على أن جل كل هذه المخاوف التي تساور نفوس الشرقيين اليوم من الحضارة الغربية تساور عقول نخبة متميزة من مفكري الغرب وكبار قادته.
وقد أدرك بعضهم أن السياسة الغربية لم تعد مجدية في معالجة الأزمات العالمية لما تتسم به من تشنجات تقوم على استعراض عضلات السلاح المدمر الذي يهدد الإنسانية.
واقترح هذا البعض أن تحل الثقافة محل السياسة في العلاقات الدولية لما للثقافة من قدرة على فهم الإنسان واستيعاب أبعاده المتعددة جسدا وروحا وعقلا ووجدانا.
ولكن ورغم كل ذلك علينا ألا نيأس من ان يأتي يوم قريب تستعيد علاقات الشرق والغرب صحتها وعافيتها لتصبح علاقة تكامل وتعاون متبادل بعدما تقاربت المسافات وتلاشت الحدود ولم يعد اي من الغرب والشرق بمعزل عن الاخر كما كان في الماضي.