هاني صبري - المحامي
شاب يشوه وجه فتاة تُدعي إسراء تبلغ من العمر 18 عام بالقليوبية ، حيث سكب على وجهها مادة حارقة “مياه نار” وذلك انتقاماً منها بسبب رفضها الزواج منه ، وعندما حاولت جدتها أن تدافع عنها ونهرته ألقى عليها باقي الزجاجة على وجه المرأة المسنة.
تجدر الإشارة إن والد المتهم توجه إلى منزل إسراء وطلب من والدها عدم قبول طلب ابنه وذلك لأنّه ليس مستعداً للزواج بعد، وهذا ما حصل بالفعل. وبعد رفض والد إسراء طلب الخطوبة، كان المتهم يمرّ من أمام منزل الشابة ويُهدّدهم بالسلاح الأبيض، ويقول لهم بأنّها ستندم على ما فعلته به وسينتقم منها، ونفذ جريمته الشنعاء التي تعتبر من أبشع أشكال العنف ضد المرأة ، ويجب معاقبة المتهم بكل حزم وفقاً للقانون.
وقد تمكنت الأجهزة الأمنية بالقليوبية من إلقاء القبض على المتهم، واعترف بارتكاب الواقعة .
وأمرت النيابة العامة بحبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيقات لاتهامه بتشويه وجه فتاة عن طريق إلقاء مادة حارقة على وجهها، وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة ، وجار استكمال التحقيقات.
في تقديري: إذا ثبت علي المتهم هذه الجريمة فإنه يكون قد ارتكب جناية أحداث عاهه مستديمة لها ، المعاقب عليها بالمادة 240 من قانون العقوبات .
جدير بالذكر إن القانون لم يرد فيه تعريف للعاهة المستديمة واقتصر على إيراد بعض أمثلة لها إلا أن قضاء محكمة النقض قد جرى على أن العاهة في مفهوم المادة 240 من قانون العقوبات هي فقد أحد أعضاء الجسم أو احد أجزائه منه وظيفته كلها أو بعضها أو فقد منفعته أو تقليلها أو تقليل قوة مقاومته الطبيعية بصفة مستديمة . كذلك لم يحدد القانون نسبة معينة للنقص الذي يكفي وقوعه لتكوينها، بل ترك الأمر في ذلك لتقدير قاضي الموضوع ، فيكفي لتكوين العاهه ان يثبت ان منفعه احد الأعضاء فُقدت بصفة مستديمه ولو جزئيا، مهما يكن مقدار هذا الفقد.
وفقاً لصحيح نص المادة 240 عقوبات ان كل من أحدث بغيره جرحا أو ضرباً نشا عنه قطع او انفصال عضو من اعضائه، أو نشأت عنه أى عاهة مستديمة يستحيل برؤها يعاقب بالسجن من ثلاث سنين إلى خمس سنين . أما إذا كان الضرب أو الجرح صادراً عن سبق إصرار أو ترصد أو تربص فيحكم بالسجن المشدد من ثلاث سنين إلى عشر سنين.
أن المتهم اعتدي على المجني عليهما عمداً "بمياه نار" أعده سلفاً لارتكاب جريمته فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي.
إن ما اقترفته المتهم يشكل جريمة أحداث عاهة مستديمة مع توافر ظرف مشدد هو سبق الإصرار ، والترصد:-
١- توافر ظرف سبق الإصرار لدى المتهم بارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير في هدوء وروية، وبحث هذا الظرف من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من وقائع الدعوى وملابستها والظروف المحيطة بها والأمارات والمظاهر الخارجية التي تأتيها المتهم وتنم عما يضمره فى نفسه، ووجود خلافات بين المتهم والمجني عليهما وإعداد المادة الحارقة لتنفيذ قصده، والتخطيط المسبق والتصميم على ارتكاب الجريمة.
٢- توافر ظرف الترصد قبل المتهم، والترصد معناه تربص المتهم للمجني عليهما فترة من الزمن طالت أو قصرت فى مكان يتوقع قدومهما إليه ليتوصل بذلك إلى مفاجأتهما بالاعتداء عليهما، وكان جماع ذلك كله إنما ينصرف إلى اعتبار جوهر ظرف الترصد هو انتظار الجاني للمجني عليهما لمباغتتهما والغدر بهما لتحقيق غاية الإجرامية. دون أن يؤثر في ذلك أن يكون الترصد في مكان خاص بالمتهم نفسه أو خاص بالمجني عليهما .
إن جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوفر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه مساس بسلامة جسم المجني عليهما أو صحتهما ، ومن ثم فالمحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاداً من وقائع الدعوى .
لذلك يجب إحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية العاجلة ، وإذا ثبت ارتكابه لتلك الجريمة نطالب بتوقيع أقصي عقوبة مقررة في المادة 240 من قانون العقوبات ، وذلك لتحقيق الردع العام والخاص ولمنع من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم.
كما يجب تقديم الدعم للسيدات اللائي تعرضن لحروق وتقديم العلاج الطبي والتأهيل النفسي والدمج المجتمعي مرة أخرى بعدما تم تشويه وجوههن وفقدان الثقة بأنفسهن، بجانب تأهيلهن للقيام بمشاريع تمكين المرأة لمواجهة تداعيات تلك الجريمة .