كشف تفشي وباء "الكوليرا" في لبنان عن ثغرات عدة في البنى التحتية ساهمت في انتشار الوباء، ويرد الخبراء تفاقم الأمر إلى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ عام 2019.

 
وتقول أحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة اللبنانية إنه جرى تسجيل 718 إصابة مثتبة أو مشتبه بإصابتها بوباء "الكوليرا"، فيما سجلت ببنين  شمالي لبنان 6 وفيات على الأقل من جراء الوباء.
 
ماذا عن البنية التحتية في لبنان؟
يعتبر مصدر خاص في مجلس الإنماء والإعمار (منظمة حكومية لبنانية) في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن البنى التحتية في لبنان ليست معدومة، كما يعتقد البعض.
 
ويضيف: "صحيح أن الأزمة أثرت سلبا على وتيرة العمل، إنما لا تزال هناك مشاريع تنفذ في بيروت والمناطق الجنوبية وفي صيدا والشمال"، مرجعا تفشي الكوليرا إلى الظروف التالية:
 
الانقطاع الكلي للتيار الكهربائي عن البلاد من أقصى جنوبها إلى أقصى الشمال منذ أكثر من سنة.
أدى هذا الانقطاع إلى توقف ضخ المياه وعدم تشغيل محطات التكرير، وبالتالي توقف تكرير مياه الشرب التي باتت تصل المنازل عبر الصهاريج الملوثة.
ماذا تقول وزارة الطاقة والمياه؟
 
لم تنف مستشارة وزير الطاقة لشؤون المياه، المهندسة سوزي حويك، أن انقطاع الكهرباء السبب الأبرز لما وصلت اليه الأمور.
 
ترجع حويك لموقع "سكاي نيوز عربية " الأمر إلى أسباب عديدة منها:
 
انعدام إمكانية الوزارة تزويد المواطنين بالمياه المكررة النظيفة بسبب عدم توفير الكهرباء.
 
 العديد من محطات الضخ تعمل على الكهرباء وتعتبر كلفتها خيالية على المولدات البديلة، مما ساهم في توقفها بشكل شبه كلي.
 
 لجوء المواطن إلى مصادر مياه غير آمنة مثل مياه الآبار الخاصة والصهاريج الملوثة.
 
تتابع حويك: "إضافة إلى ما تقدم يتمتع لبنان بأرضية خصبة لاستقبال الوباء نتيجة عدم جهوزيته واعتماده على مصادر غير آمنة، كما أن تفشي الكوليرا قد يتبعه أوبئة لا تقل خطورة عنه طالما الجراثيم موجودة بوفرة في المياه".
 
 حلول طارئة
تكشف حويك لموقع سكاي نيوز عربية عن "خطة سريعة لإيجاد حلول طارئة".
 
وتوضح: "اجتمعنا كوزارة طاقة مساء الاثنين مع رئاسة الحكومة والجهات المعنية واتخذ قرارا سريعا بتأمين التيار الكهربائي بدءا من آخر الأسبوع الحالي لمدة 3 ساعات مداورة يوميا تزامنا مع وصول أول شحنة وقود من العراق".
 
أوبئة مستوطنة
في سياق متصل، يقول رئيس مختبر ميكرو بيولوجيا الصحة والبيئة في الجامعة اللبنانية الدكتور منذر حمزة لموقع "سكاي نيوز عربية": "الكوليرا بكتيريا مرتبطة بالماء وإن حمى التيفوئيد مستوطنة في لبنان قبل الكوليرا، وأن البلد الذي تستوطن فيه "حمى التيفوئيد المعوية" يؤشر إلى أن البنى الأساسية فيه ليست سليمة".
 
ويشير حمزة إلى أن "مياه المجارير تذهب في معظم المناطق في لبنان مباشرة إلى تلويث الشاطئ وأن كثيرا من المناطق تصب مجاريها في الأنهر كما الحال في نهر أبو علي وسط مدينة طرابلس شمال البلاد".
 
ويلفت حمزة إلى دراسات أعدت في المختبر الذي يديره اعتمدت على عينات من مزروعات سهل عكار، ومن مياه الآبار العذبة التي تستخدم لري المزروعات، تبين في الدراسة أن "نسبة 100 بالمئة من العينات كانت ملوثة جرثوميا بشكل مخيف وإن المزروعات حملت الجراثيم".
 
ويوضح أن "75 بالمئة من المصابين بالكوليرا في لبنان بلا عوارض وهنا الخطورة".

دراسة وأرقام
ويقول الناشط والخبير البيئي، جورج عقل، لموقع "سكاي نيوز عربية" إن ظروف الكوليرا تختلف هذه المرة عن سابقاتها لهذه الأسباب:
 
 تلوث معظم المصادر المائية المستخدمة في الري والشرب والاستخدامات المنزلية على حد سواء، في حين بقاء العرض دون الحد المطلوب، هذا ما سرّع في انتشار الوباء في معظم المحافظات اللبنانية.
 
يواجه لبنان حاليا أزمة في البنية التحتية لقطاع المياه بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
 
يستند عقل في حديثه إلى دراسة إحصائية أجريت العام 2018 مصدرها "البيئة وآفاق المستقبل في لبنان 2020"، تشير إلى أن 67 بالمئة من سكان شمال لبنان تصلهم مياه الشفة من مصادر غير آمنة".
 
ووفق الدراسة، "يصل خسائر الفاقد المائي من شبكات مياه الشفة إلى ما نسبته 55 في المئة في بعض المناطق اللبنانية".
 
ويقول عقل: "تفاقمت أزمة الصرف الصحي مع ازدياد حدة انقطاع التيار الكهربائي عن معظم محطات تكرير الصرف الصحي، ما جعل ضخ ومعالجة المياه الآسنة صعبا".
 
ويستطرد: "من بين 78 محطة تكرير الصرف الصحي موزعة في معظم المحافظات اللبنانية بسعة 664 متر مكعب/ اليوم، 11 محطة تعمل فقط على المعالجة الأولية للمياه المبتذلة، بينما تصرّف الكمية بأكملها نحو المسطحات المائية المفتوحة المجاورة لها في ظل ارتفاع أسعار شراء قطع الغيار والأجهزة المشغل لقطاع المياه".