د.تغريد سامي تكتب.. المواطن الرقمي
ذاتك على شبكات التواصل الاجتماعى وذاتك الحقيقية ليستا بالضروره متماثلتين .

على شبكات التواصل الإجتماعي قد يلجأ البعض لصنع صورة مزيفة عن ذاته ( تلك التي يريدها و ليست الحقيقية ) . تلك الذات التى ربما قد نفشل فى تحقيقها فى الواقع أو التى نطمح إليها ، وكم من أشخاص يقدمون أنفسهم كشخصيات مغايرة تماما للحقيقة بينما تساعدهم وسائل التواصل فى إخفاء الحقيقة .

من هو المواطن الرقمى :
 هو شخص لا يعرف سبيلاً آخر للحياة بخلاف ثقافة الإنترنت . فجوة خطيرة تتكون بين الذات المشيدة عن عمد على شبكات التواصل والذات الحقيقية ، ينتج عن هذه الفجوة انفصال وعزلة عن المجتمع و الأسرة . و الحياة على الصفحات الرقمية لا تسمح فقط بإخفاء الذات الحقيقية ولكنها أيضا تسمح بالتحرر من قيود الأعراف الاجتماعية والسلطة الهرمية . مع الوقت وباستمرار التواجد على الإنترنت تصبح إستجابة الأفراد متماثلة حتى على مستوى المفردات والردود والأمثلة والحكايات والنوادر التي يلقيها ويتشاركها الجميع .

فتنطمس مميزات الفرد وهويته الحقيقية .

** تأثيرات على المجتمع كله :
تقدم وسائل التواصل الإجتماعي سبيلاً سهلاً لإمكانية اتخاذ هوية مزيفة ، والهوية المزيفة قد تسمح بتجاوزات لا تسمح بها الهوية الحقيقية ، وقد تجرد البعض من أبسط القيم الأخلاقية ، العنف ..التحرش .. التنمر و غيرها من انتهاكات نفسية و ايذاء لمستخدمي وسائل التواصل أحيانا يكون بشكل جماعي إذاء شخص ما أو موضوع ما وبالتالى تقل مسئولية الفرد حتى أمام ذاته وتخفف من الجرم فى حق الآخر .

بالإضافة إلى وجود فرق واضح بين مجتمع تثرية طرق العيش المختلفة والمتناقضة أحيانا ، وبين مجتمع يتشارك فيه الجميع مثالية زائفة.

* كيف يتغير العقل فى ظل الإدمان الرقمى :
الدماغ البشرى يتكيفا مادياً باستمرار مع الأنماط السلوكية المتكررة بزيادة كثافة التشابكات العصبية . وهو فى ذلك يشبه العضلات التى تنمو وتزداد كفاءتها مع التمرين المستمر ، بينما إدمان التواجد على صفحات التواصل الاجتماعى يعد انسحاباً من الحياة الإجتماعية مما يحرم الدماغ من تعزيز تكويناته العصبية خاصة فى السنوات المبكرة من العمر .

** كيف نتعامل مع الآثار الإجتماعية السلبية أو نتلافاها كأفراد ، وكمجتمع :
كما أن المشكلات تحدث من غياب الوعى أو تشتيته فالحل أيضاً يكمن فى التوعيه والإرشاد لخطورة إدمان البقاء المستمر على مواقع التواصل الاجتماعى .

ولأن أسوأ تأثير فردى هو غياب أو تضاؤل الشعور بالهوية الذاتية الحقيقية ، فالتأكيد عليها من الوالدين والأهل والمدرسة والنادى والإعلام أمر فى غايه الأهمية .

ضرورة إيجاد و تفعيل قالقوانين التي تحمى المواطنين من التعرض للعنف أو الأبتزاز أو أى صورة من صور الأيذاء أو الأنتهاك .

دور المجتمع المدنى فى التوعية وإيجاد أنشطة جماعية مفيدة وفعالة تخرج الشباب من عزلتهم الرقمية وتدربهم وتصقل مهاراتهم الإجتماعية ، وخبراتهم الإنسانية .

الإنترنت والتواصل الرقمى مثل كل الأدوات متاحة أمام البشر لمزيد من الانجاز والتقدم ، غير ان إساءة الإستخدام تندرج تحت بند الإدمان بما فيه من فقدان سيطرة واسراف استهلاك وتخطى الحدود حتى ارتكاب الجرائم . الفاصل بين الأمرين فقط هو الإنسان .

وعيه ... وذاته الحقيقية .

لذا وأنت على مواقع التواصل الإجتماعي تأكد أنك لست أنت السلعة التى يتم تداولها .

د.تغريد سامي
عضو روتاري سوهاج

نقلا عن هارموني توب إيجيبت