قرية الحوض الطويل تفقد 10 من أبنائها في مركب هجرة غير شرعية
كان حاتم بالحاج، موظف بوحدة الإنقاذ البحري بطلميثة – ليبيا، يقضي يومه بشكل اعتيادي حتى وصله نداء من أحد الوحدات المترجلة على شاطئ الساحل الشرقى بمدينة طليمثة، يخبره أن هناك شيء ما يطفوا على المياه، يبدو من بعيد كأنه شخص يطلب استغاثة، على الفور توجهت وحدات الإنقاذ إلى الموقع لتكتشف غرق مركب تعمل بالهجرة غير الشرعية.
قبل أيام، بالتحديث يوم الجمعة 27 أغسطس، تعرض مركب للغرق في الساحل الشرقي لمنطقة طلميثة حيث تم العثور على 6 من الشباب، الذين كانوا على متن المركب أحياء، فيما لا يزال الباقي وعددهم 21 في عداد المفقودين.
تواصلت «المصري اليوم» مع رئيس وحدة الإنقاذ البحرى، المسؤول عن انتشال الضحايا والجثث، للتعرف أكثر على التفاصيل الخاصة بإنقاذ 6 أفراد من مركب الهجرة غير الشرعية.
يقول حاتم بالحاج: «في تماما الرابعة مساء، وصلني نداء استغاثة من أحد الفرق المرتلجة على الساحل الشرقي، على الفور انتقلنا برفقة وحدة الإنقاذ إلى حيث يوجد الناجي الوحيد قبيل بدء عملية الإنقاذ، استقللنا مركب خاص وشرعنا في عملية الإنقاذ».
بالرغم من ضعف الإمكانيات إلا أن الدافع الإنساني أقوى من أية تحديات تواجه وحدة الإنقاذ، تحرك بالحاج سريعا ووصل إلى الشخص الناجي الوحيد، وبعد عملية الإسعافات الأولية بدأ الناجي في سرد تفاصيل الليلة المريرة التي عصفت بحياة 27 فرد.
يقول بالحاج: «أخبرنا الناجي الوحيد الذي عثرنا عليه أنه برفقة 27 شخص أخر كانوا يستقلون مركب هجرة غير شرعية وغرقت في عرض البحر مساء يوم الجمعة وتشتت أفرادها في المياه، تباينت أعمارهم ما بين 15 عاما إلى 37 عام، 26 فرد مصريين الجنسية وفرد وحيد سوداني الجنسية».
تستغرق رحلة الهجرة غير الشرعية من مصر إلى إيطاليا قرابة الـ 9 أيام، تبلغ تكلفة سفر الفرد قرابة الـ 100 ألف جنيه، يتم تحويلهم إلى السمسار قبيل تحديد نقطة الإلتقاء.
على مدار أسبوع كامل بدأت وحدة الإنقاذ في مباشرة عملها، وتمشيط الساحل الشرقي، ونجحت في انتشال 13 جثة، فيما وجدت 6 أشخاص ما زالوا على قيد الحياة، يقول رئيس وحدة الإنقاذ: «عندما وجدنا أشخاص على قيد الحياة قدمنا لهم الإسعافات اللازمة وتم نقلهم إلى مستشفى المرج، وتم التنسيق مع الجهات المسؤولة لتولي القضية، استطعنا العثور على 19 شخص، منهم 13 تم انتشال جثثهم، و6 ناجين، فيما لم نعثر على باقي الجثث المتبقة».
موت وخراب ديار
حاولت المصري اليوم التواصل مع أحد عائلات الشباب الذي لقى حتفه جراء الهجرة غير الشرعية إلا أنه فضل الصمت ورفض التعليق على الحادث كان الرد الوحيد.
وفي محاولة للتعرف أكثر على تفاصيل الفاجعة، تواصل المصري اليوم مع عماد محجوب، أحد أبناء قرية الحوض الطويل الواقعة بمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، والتي راح 10 من أبنائها ضحية الهجرة غير الشرعية.
يقول المحجوب: «موت وخراب ديار هو ما حدث في تلك الليلة عندما علم أهالي القرية بغرق المركب التي تحمل أبنائهم إلى إيطاليا على الحدود البحرية الليبية، ولفت المحجوب إلى أن الامر معتاد في قريته حيث يهاجر العديد من أبنائها إلى إيطاليا بحثا عن لقمة العيش.
تولى عماد المحجوب مسئولية التواصل مع عماد بالحاج لموافاته بتفاصيل الحادث، والتعرف على أسماء المتوفيين والناجيين ومعرفة مصيرهم، يقول المحجوب: «بالرغم من خطورة الأمر إلا أن العديد من أبناء القرية يصر على السفر إلى إيطاليا بحثا عن الحياة الرغدة وأن يكون خير معين لإعالة أسرته، ولكن ما حدث هو موت وخراب ديار«.
خرج من القرية 10 أفراد، أصغرهم سنا كان 15 عاما، وأكبرهم كان 21 عاما، تم عمل عزاء مجمع في القرية وخيم الحزن على منازل العائلات، يقول المحجوب: «في كل عام في نفس الوقت تنتعش تجارة الهجرة غير الشرعية في القرية والقرى المجاورة، البعض يبيع الماشية من أجل توفير المبلغ الكافي للسفر إلى إيطاليا، الحزن يخيم على القرية بأكملها، بيوت اتشحت بالسواد، وعائلات فقدت فردين وثلاثة من أبنائها».
ينتظر الناجين الـ6 التحقيق معهم من قبل سلطات الهجرة غير الشرعية في ليبيا ومن ثم البدء في عملية ترحيلهم إلى مصر مرة أخرى.