Oliver كتبها
- النيروز عيد فرعونى قديم هو عيد النهر(نى يارؤو) و تحولت إلى ني ياروس أو نيروس بإضافة حرف السين كعادة اليونانيين حين إحتلوا مصر. كان مجئ الفيضان الجديد هو موعد بداية السنة الزراعية الجديدة.أما عيد النيروز الفارسى فهو (نى أى جديد- روز أى سنة) لأنه عيد رأس السنة الفارسى لكنه يأتى يوم عيد شم النسيم المصرى.أيضاً يحتفل الأكراد بعيد (نوروز) رأس السنة الكردية و يوافق عيد الربيع أيضاَ.
-الكنيسة بإرشاد الروح القدس قامت بتعميد المفاهيم بشأن هذا العيد. فالسنة الزراعية صارت عندها السنة الكنسية.بدلاً من فيضان النهر لبدء السنة الفرعونية صار فيضان الدم الذى تدفق أيام دقلديانوس بدء التأريخ القبطى فصارت سنة الشهداء.جعلت القراءات الليتورجية مرتبة بدءاً من هذا اليوم متدرجة لحرث القلوب بإعتبارها الخليقة الجديدة التى ستنزرع فى المسيح يسوع.صارت أغانى تدفق النهر ألحاناً لطلب صلاح المسيح ليبارك إكليل السنة بصلاحه.رتبت الأعياد بحكمة البابا القديس ديمتريوس البسيط حتى أن من يتتبع و يعيش المناسبات المرتبة كنسياً يصل إلى يوم الحصاد عيد حلول الروح القدس فيصير ثمرة ملكوتية.ينمو فى القامة فى بقية مناسبات السنة القبطية لأن التقويم القبطى تغذية متوالية للإيمان بالإنجيل.
-هذا العيد الجميل لم يكن جميلاً بل مؤلماً فى أكثر العصور.فى العصور الرومانية كل عام كانت الكنيسة تجمع العارفين لكى تدون شهداء كل العام.كانت الكنيسة تحسب ما قدمته من ذبائح حية مرضية قدام عرش الله.لكى تقف مفتخرة بالرب قائلة ها أنا و الأولاد الذين أعطانيهم الرب.
-لما غزا الإسلام مصر صارت مأساة من نوع آخر.كان كل طفل يولد فى الكنيسة يمثل عبئاً جديداً و جزية جديدة مفروضة عليها.كانت الحقول تصادر من الأقباط لعجزهم عن دفع الجزية .كل نيروز يتحول بعض أصحاب الحقول إلى عاملين فيها بالسُخرة لصالح ولاة لا يعرفون سوى لغة القهر. .يأخذون العاجزين عن الدفع أسرى و عبيد.يأخذون نساءهم و بناتهم جوارى.كان النيروز مواجهة علنية مع الشيطان حتى كانت بعض النفوس تضعف تحت وطأة القهر و السيف.كان النيروز مرتبط بسداد الديون لذلك تلاحظ فى مدائح النيروز طلبات لأجل سداد الديون و الأسرى و الذين ضعفوا.لأن الكنيسة لا تترك لحمها للوحوش بل تصلي لمن يسترد الحملان من الذئاب,هكذا كان النيروز عيد بلا إحتفالات بل بإنكسار قدام الله و تسليمه متاعب الكنيسة حتى أن مرد مديحة عيد النيروز هو (يا رب إرفع غضبك عنا).و هو مرد غير معتاد فى أى عيد.
- مرد إنجيل قداس النيروز هو (بارك إكليل هذه السنة بصلاحك يا رب) لأن صلاح الرب هو علاج الظلم.لنرى فى ختام أواشى الصلاة من أجل الطبيعة و يمكن تسميتها بأواشى النيروز( المياه- الزروع- الثمار) و هى ترجمة للمعاناة التى تصلى فيه الكنيسة مجتمعة قائلة: بارك إكليل السنة بصلاحك من أجل فقراء شعبك(العاجزين عن أداء الجزية والذين فقدوا أملاكهم) من أجل الأرملة و اليتيم(أسر الشهداء الذين بتر السيف حياتهم)و الغريب(الذين هربوا و تغربوا لعجزهم عن دفع الجزية أو تم أسرهم و نفيهم) و الضيف(الذى حل محل صاحب الأرض) لكي يكون صالحاً مع شعب الله.طبعا هذه الفئات أخذت الآن المعنى الإجتماعى بينما كان لها أصل تاريخي فى القداس.
- حقاً إن دوام الإيمان فى الشرق الأوسط و خصوصاً فى مصر هو من أكبر المعجزات التى صنعها الرب يسوع للكنيسة.لذلك كل نيروز هو إضافة جديدة لهذه المعجزة الحية الدائمة.و الكنيسة عاشت كل نيروز كأنه خطوة فى طريق الجلجثة.فإستندت على المصلوب متمتعة بشركة آلامه و قيامته.
-فى كل العصور نجد الكنيسة تعتنى بروحانية الحياة مع الله. فكل ترتيب قراءات السنة الكنسية هو لأجل بنيان شعب الله فى المسيح يسوع.لهذا يجب أن نقلل جداً بهرجة الإحتفالات و نجعلها بسيطة لا تؤثر على قداسة الإنسان و المكان.لأن إحتفالات الكنيسة المثمرة هى التى فيها توبة و سكون و صلاة و تسبيح و قداسات تنقلنا للسماء.لا نعارض أى إحتفال لكن نعارض كل مبالغة ننسى فيها لماذا لنا كنيسة حية.
فليكن لكل مسيحى نيروز خاص.فيضان الروح القدس فى قلبه.النهر الحى الذى ثمرته الخلاص و الفرح الأبدى.فلتكن لنا قراءاتنا الروحية التي لا تتوقف بل تستمر كالنهر لكى تعمل فينا كلمة الله كل الأيام.