حمدي رزق
خلصنا من رضاع الكبير، مسكنا فى رضاع الصغير، حديث الرضاعة يسرى، يطرح سؤالًا مُلِحًّا: متى يبلغ المجتمع سن الفطام؟!.
متى نكف عن الأسئلة الطفولية، التى تَشِى بعبثية بها مسٌّ من نزق الأطفال؟.
متى نكف عن قلقلة هدوء البيوت الساكنة، المغلقة على ما فيها من سكن ومودة ورحمة؟!.
متى نقدم «الفضل» كخلق زوجى كريم على حسابات مادية ضيقة؟!. «كم بكم يساوى كم؟» معادلة تجارية لا تليق بالمعاملات الزوجية ألبتة؟!.
ربنا رزقنا بنفر من المُدَّعِين بالحق النسوى يجولون ببضاعتهم صائحين فى الفضاء الإلكترونى يتبضّعون لايكات وإعجابات تترجم مشاهدات مليونية مدفوعة، وكله على حساب «البيت المصرى»، الذى صار كمَن ضربته رياح السموم، سمّمت آبار البيوت، يبخون سُمًّا فى آنية الطعام!.
طعم البيوت تغير، مياه البيوت ملحت، كيف يُقاس «الفضل»، الذى ترجمته المودة والسكن والعطف والرحمة، بالمعادلات الحسابية، الرضاعة، وغسل الثياب، ورعاية الأولاد، بجعل معلوم، يدفعه الزوج طائعًا أو صاغرًا.. والويل والثبور.. وأبغض الحلال قنبلة موقوتة تحت السرير؟!.
ما هكذا يا سادة تُورَد الإبل، ما هكذا يا سادة تتحدثون بحقوق المرأة فى بيتها، المرأة فى بيتها ملكة متوجة لا تطلب أجرًا، وتبذل مضحية، ومنى عينيها راحة وسعادة زوجها وأولادها.. قرة عينيها.
أبدًا ليست خدمة ولكنها من قبيل الفضل، ولا تنسوا الفضل بينكم، قاعدة قرآنية بليغة، من القواعد السلوكية التى تدل على عظمة هذا الدين، وشموله، وروعة مبادئه.
الفضل ما تؤسَّس عليه البيوت، القاعدة التى دلَّ عليها قوله تعالى: (ولا تنسوا الفضل بينكم)، وهذه الآية الكريمة جاءت فى سياق آيات «الطلاق» فى سورة «البقرة»، والمعنى أن الله تعالى يأمر مَن جمعتهم علاقة من أقدس العلاقات الإنسانية، علاقة الزواج، ألّا ينسوا- حتى فى غمرة التأثر بالفراق والانفصال- ما بينهم من سابق العشرة، والمودة والرحمة، وطيب المعاملة.
هذا فى حالة «أبغض الحلال»، فما بالك والزوجة فى بيتها مُعزَّزة مُكرَّمة، سيدة البيت، الراعية، المديرة المدبرة، إذا دخلت الحسابات المادية من الباب، تبخرت «الحنية» من الشباك، صعب جدًّا الحساب بـ«كم» بين شركاء الحياة، الزواج شركة مساهمة محدودة، يتشاطرون فيها متاعب الحياة.
الدخول على خط العلاقات الزوجية هكذا عنوة تحت تأثير دعاوى تُعد من النوادر يضر كثيرًا باستقرار البيوت، البيوت فيها ما فيها، ومش ناقصة، الأزواج يتشاطرون عذابات الحياة فقط لتوفير قليل من السعادة للأولاد، الأزواج يختصرون سنوات حيواتهم فى تربية الأولاد.
المراهقة النسوية الفكرية تظلم المرأة، كرامة المرأة ليست فى حقوق الرضاعة، كرامتها فى رعايتها حق الرعاية، ومعاملتها حسن المعاملة، ومشاطرتها أعباء الحياة.
الحديث الشريف عن سيدنا النبى، (ص)، على روايتين: «إنَّ أعظم الصدقة لُقمة يضعها الرجل فى فم زوجته»، و«إنك لن تنفق نفقة تبتغى بها وجه الله إلّا أُجِرْتَ عليها، حتى ما تجعل فى فم امرأتك».
وكان من سُنَّة رسول الله، (ص)، أن يُحسِن عشرة زوجاته، وأن يربط خير المؤمن بقدرته على تقديم الخير لأهله؛ فقد روى الترمذى، عَنْ عَائِشَةَ، رضى الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى».
نقلا عن المصري اليوم