هاني صبري - المحامي
مقتل أماني الجزار طالبة تبلغ من العمر 19 عاماً على يد شاب يدعي احمد فتحي أبوعميرة 29 عاماً لرفضها الخطوبة منه لأنها كانت تدرس في الجامعة ، وهم جيران ومقيمين في نفس الشارع بقرية طوخ طنبشا بمركز بركة السبع في محافظة المنوفية .
واثناء سير المجني عليها في الشارع باغتها المتهم بمنتهي الغدر واطلق عليها طلق خرطوش من سلاحه في الظهر فسقطت أرضاً قاصداً إزهاق روحها، محدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها ، وهرب المتهم ، وتم نقلها لمستشفي بركة السبع.
أماني تلقي مصير نيرة أشرف ، وسلمي بهجت وهي جرائم ارتكبت في الآونة الأخيرة، وتلك الواقعة التي أعادت للأذهان قضية مقتل الطالبة نيرة أشرف على يد زميلها محمد عادل، الصادر بحقه حكم بالإعدام، وفى انتظار نظر الطعن امام محكمة النقض ، وأيضاً واقعة مقتل "سلمى" على يد زميلها "إسلام محمد" ، وتجري محاكمته والقضية مازالت بالجلسة.
والجريمة الماثلة قتل المتهم احمد فتحي المجني عليها أماني الجزار تعد جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد ، وثابت في حقه جريمة القتل العمد من قيامه بإطلاق طلق خرطوش إلى المتوفاة إلى رحمة مولاها بسلاح قاتل، وتوافر في حقه ظرف سبق الإصرار كونه أعد سلاحا للجريمة، وكان يتعمد اعتراضها لمحاولة إقناعها بالخطوبة وكانت ترفض انتظرها في مكان قدومها للغدر بها والنيل منها بغرض قتلها .
عدم قبول الشاب مرتكب الجريمة من جانب الضحية، هو السبب الرئيسي لقتل الطالبة أماني الجزار فقد عقد الجاني النية للقتل والدليل على ذلك وجود سلاح معه في مكان الجريمة، فهو أكبر دليل على أنه يحاول الانتقام منها، وهو ما يؤكد توافر ركن الإصرار، ونؤكد أن الانهيار الثقافي وغياب الوعي من أهم أسباب انتشار الجرائم المماثلة، وذلك لأن الجناة لم يتقبلوا فكرة رفض الضحية وعدم تقبل الزواج منه ، فيقوم الجاني بقتل المجني عليها، وذلك حتى لا تكون لغيره، بسبب عدم نضوج شخصيته، وغياب الوازع الديني والإخلاقي عنده .
وبنفس السلاح الذي ارتكب به المتهم جريمته انتحر به.
في مثل هذه الجرائم نجد من يخرج إلينا ويدافع عن الجناة بزعم إن المجني عليها هي من جعلته يصل إلى هذه الحالة لارتكاب جرمه، لرفضها الارتباط به، يظن البعض أن القتل بدافع الحب ؟! فأى حباً هذا الذى يؤدى للقتل أي شخص يزُعم إنه يقتل باسم الحب فهو نفساً كاذبة تدثرت برداء حب زائف، واختلطت عنده المفاهيم، والرغبة صارت حباً والقتل لأجله انتصارا لأنانيته ولخياله المريض وهذا المجرم تجرأ على قيم المجتمع وعلي القانون وعلى معاني الحب الحقيقية .
إن ما ارتكبه هذا القاتل يعد جناية قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد ومقترنة بجنحة حمل سلاحاً نارياً وأن هذه مثل الأفعال الإجرامية من قبل المتهم تعد جريمة نكراء يندي لها الجبين وانعدمت منه الإنسانية والرحمة، وليس للقاتل ثمة أي مبرر لإزهاق روح إنسانة بريئة مسالمة لا ذنب لها .
لكن بانتحار المتهم تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم عملا بالمادة 14 من قانون الاجراءات الجنائية ، ويجب الحكم بالمصادرة في الحالة المنصوص عليها في المادة 30 بالفقرة الثانية من قانون العقوبات إذا حدثت الوفاة أثناء نظر الدعوى.
فإذا توفي المتهم أثناء نظر الدعوي تعين الحكم بانقضاء الدعوى العمومية بالنسبة إليه لوفاته ، فالمحكمة لا تستطيع بسبب وفاة المتهم إلا أن تقف بالدعوى الجنائية عند هذاً الحد ، فالحكم لا يمكن أن يكون لميت أو على ميت.
فإذا تبين أن المتهم لا يزال على قيد الحياة فيعتبر الحكم الذي صدر بأنقضاء الدعوي الجنائية لوفاته , انما هو مجرد خطأ مادی من سلطة محكمة الموضوع , فلا يصح القول بأن هناك حكماً حاز قوة الشئ المحكوم فيه ، وسبيل ذلك الرجوع الى المحكمة التي أصدرته لتستدرك هي خطأهاً . إذ لا يجوز أن يلجأ إلى محكمة النقض لتصحيح مثل هذا الخطأ ، كما لا يصح القول بأن هناك حكما حاز قوة الشئ المحكوم فيه لا يصح العدول عنه لان الحكم صدر غيابياً بغير إعلان لا فاصلاً في خصومه أو دعوی.
إذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها.
ويستفاد ذلك من المادة 259 من قانون الإجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها ، ومفاد ذلك أنه إذا انقضت الدعوى الجنائية لسبب من الأسباب الخاصة بها كموت المتهم ، فلا يكون لذلك تأثير في الدعوى المدنية وتستمر المحكمة الجنائية في نظرها إذا كانت مرفوعة إليها قد تهيأت للحكم في موضوعها وهذا الأمر لم يتحقق في الجريمة الماثلة.