فنون التحنيس والتدليس
بقلم: أماني موسى
جلس عم سعيد وأسرته بعد الفطار ليلتفوا حول الشاشة الصغيرة يشاهدون المسلسلات التافه منها والسفيه وكذا البرامج التي تحكي عن فنون التحنيس والطبيخ واللي هي بالنسبة لسعيد وأمثاله نوع من الترفيه ومش هيشوفها إلا في التليفزيون (مش بقولكوا فنون التحنيس؟) وسال لعاب عم سعيد من مشاهدة ما لذ وطاب من الأطعمة وتساءل في بلاهة حمقاء: هو الأكل دة بيودوه فين بعد التصوير؟ ما يوزعوه عالغلابة والمساكين اللي زي حالاتي، وطبعًا عياله كمان أيّدوه وفي نفس الوقت أنبوه: شايف يا بابا الأكل؟ أهو دة الكلام مش طعمية وفول وبيض وفرخة كل عشر أيام.........
واستكمل الطاهي حديثه عن شرحه لكيفية عمل الكحك والبسكوت في الايام الجاية عشان العيد، فقاطعتهم الست ابتسام وقالت لسعيد: ياللا شد حيلك يا بطل وحضر لنا فلوس لطلبات العيد من لبس وكحك وبسكويت ومتنساش كمان فلوس المدارس والمصاريف... أديني فكرتك عشان يبقى الحمل خفيف.
فغضب عم سعيد وقال لها: منين؟ أجيبلكوا منين؟ إحنا نجيب لبس المدارس والسنة الجاية نجيب للعيد، أما الكحك والبسكويت نروح عند الجيران نعيد عليهم وناكل عندهم عم الكحك وأنكل بسكويت، ومسك الريموت يقلب القناة بسرعة قبل ما ابتسام تفتكر طلبات تاني، ونظر بزجر للطاهي في البرنامج وكأنه يتوعده بحساب عسير لأنه فكّر مراته بكحك العيد.
وبينما هو يقلب بالقنوات أستوقفه إعلان لمساعدة الفقراء والأيتام والمرضى و....... فقال بصوت عالي: طيب ما يدونا إحنا كمان إعانة... دة أنا وزمايلي في الشغل كلنا بنلف حوالين نفسنا من مصاريف المدارس والكتب ولبس العيد والكحك، وكلنا من معدومي الدخل (محدودي الدخل سابقًا) وتجوز فينا الذكاة.
فقاطعه ابنه قائلاً: إيه دة يا بابا أنت بقيت تفتي زي شيوخ الفضائيات اللي ليل نهار يجوز ولا يجوز؟ فقاله سعيد: أزاي يعني يا فالح؟ فأجابه ابنه هوريك، وأخذ يقلب بين القنوات حتى وجد مبتغاه، فكان إعلان عن مركب دوائي (أعشاب) مصنوع من صخور الجبال اللي في شمال الهونولولو وأعشاب جبلاية الهونولولو ورمال البحر الميت و...... وأخذ صاحب الإعلان يقول بشرى سارة ومفاجئة سعيدة (اللي هي أخت سارة) لكل مرضى السكر والضغط والقلب..... لكل مرضى النحافة وأيضًا السمنة الزائدة... لمن يعانون تساقط الشعر ومن يعانون من زيادة نمو الشعر.... لكل هانم وكل بيه وكل أهبل وسفيه عليك بتصديق كلامنا وشراء منتجنا اللي هيشفيك بإذن الله تعالى وهو دواء مختبر من "الهيئات العالمية للموت الشرعي" و"جماعة أطباء تحت السلم"... كل اللي عليك تشتري المركب الدوائي العبقري دة وكل تمنه 99 جنيه + مصاريف الدفن أو الشحن مش هتفرق أهو كله شحن عالآخرة.
فضحك عم سعيد وقال لابنه: معقول يا بني وصل بينا الحال للدرجة دي، بنضحك عالناس باسم الدين؟ دة كلام خزعبلات ومش ممكن حتى طفل يصدقه، لو الكلام دة صح بقى نقفل كليات الطب ونسرح طلابها بعربيات كشري وفول، ونقفل مراكز الأبحاث اللي في العالم!!!
فأكمل ابنه بقوله: يا بابا دول بيبيعوا الوهم للناس وبيستغلوا حاجتهم للأمل في الشفاء وبيدوهم القشاية اللي يتعلقوا بيها.
فتنهد عم سعيد وقال: عليه العوض في العقول اللي بقت مهلبية، صحيح كل داء له دواء إلا الحماقة أعيت من يداويها.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :