ماهر الجاولي
يجرفني الشوق ويشدني الحنين إلى مسقط رأسي أسيوط دوماً وأبداً، وبالأحري في هذه الأيام المباركه، حيث تطفو فرحة الإحتفال بصوم السيده العذراء علي شريط الذكريات، الفرحة التي كنت أحرص على الامتلاء بها حتى الثمالة الروحية في زياره ديرالسيده العذراء العامر بمغارتها المقدسة بجبل أسيوط، كنت اصطحب أسرتي الصغيرة للصلاة ونوال البركة وارتياد الأماكن المقدسة التي تباركت بسكنى العائلة المقدسة بين جنباتها، كانت الاحتفالات اليومية تأخذ طابعًا مميزًا يتمثل في طقوس ومراسم سنوية اعتادها أهالي أسيوط منذ عصور.
حيث يتجمعون يوميًا فرادى وجماعات عند مشارف البلدة بعد منتصف الليل بقليل -وسرعان ما يذوب الأفراد داخل الجماعات وكأنهم على موعد بالتلاقي– ثم يسيرون مترجلين مرنمين ومهللين في موكب طويل أشبه بسلسلة متشابكة تصعد أولى حلقاتها الطريق الجبلي المؤدي إلى الدير العامر مع بزوغ الفجر، بينما تلتحم أخر سلسلة من المترجلين بموكب العربات المقلة للزوار القادمين من القرى والنجوع البعيدة. ومع وصول الجميع إلى حدود الدير يتجه الزوار للصلاة بالمغارة المقدسة في حين يتمتع أطفال القرويين البسطاء بمظاهر المولد الشعبي من اعتلاء الأراجيح وشراء الهدايا والتذكارات من الخيام المتراصة عند سفح الجبل. وعندما تدق الساعة السادسة عصرًا يتواتر الزحف الصاعد إلى قمة الجبل حيث المغارة المقدسة ويتسابق الشباب والأطفال إلى اعتلاء نتوءات الجبل وأسوار المباني، بينما يتراص الآلاف من الزوار وسكان الدير المقيمين على جانبي الطريق ليمر في وسطهم موكب الاحتفال اليومي ويتقدمه نيافه الأنبا ميخائيل مطران أسيوط (أنذاك)،
والذي كان يبارك الجموع المحتشدة بإشارة الصليب المقدس فتسري في أوصالهم حالة فريدة من النشوة الروحية تسمو وترتفع مع ألحان التمجيد والتسبيح للعذراء القديسة مريم والتي تشدو بها صفوف الكهنة والأكليروس خلف أيقونة العذراء المحمولة على أكتاف الشمامسة. ويسير الموكب المهيب هبوطًا ثم صعودًا من والى المغارة المقدسة، وكلما عبرت أيقونة العذراء المباركة من أمام الجموع المترقبة لنوال البركة تشرئب الأعناق وترتفع الدعوات ضاربة عنان السماء، تصلي وتدعو وتنذر وتشكر في لحظة من لحظات التواصل مع السماء التي قلّما يجود بها الزمن. ورويدًا رويدًا يغيب مشهد الموكب المقدس عن الأعين لتحل محله دموع الفرح والشكر على البركة العظيمة التي يعيشها أهالي أسيوط والزائرين كل عام، وقبيل انتصاف الليل بقليل يسرع الجمع الغفير للعودة إلى الديار وهم يهتفون بما تبقى لهم من قوة بعد جهد يوم طويل حافل بالأحداث والذكريات "سنوي سنوي ونعيش ونزورك سنوي"".
حيث يتجمعون يوميًا فرادى وجماعات عند مشارف البلدة بعد منتصف الليل بقليل -وسرعان ما يذوب الأفراد داخل الجماعات وكأنهم على موعد بالتلاقي– ثم يسيرون مترجلين مرنمين ومهللين في موكب طويل أشبه بسلسلة متشابكة تصعد أولى حلقاتها الطريق الجبلي المؤدي إلى الدير العامر مع بزوغ الفجر، بينما تلتحم أخر سلسلة من المترجلين بموكب العربات المقلة للزوار القادمين من القرى والنجوع البعيدة. ومع وصول الجميع إلى حدود الدير يتجه الزوار للصلاة بالمغارة المقدسة في حين يتمتع أطفال القرويين البسطاء بمظاهر المولد الشعبي من اعتلاء الأراجيح وشراء الهدايا والتذكارات من الخيام المتراصة عند سفح الجبل. وعندما تدق الساعة السادسة عصرًا يتواتر الزحف الصاعد إلى قمة الجبل حيث المغارة المقدسة ويتسابق الشباب والأطفال إلى اعتلاء نتوءات الجبل وأسوار المباني، بينما يتراص الآلاف من الزوار وسكان الدير المقيمين على جانبي الطريق ليمر في وسطهم موكب الاحتفال اليومي ويتقدمه نيافه الأنبا ميخائيل مطران أسيوط (أنذاك)،
والذي كان يبارك الجموع المحتشدة بإشارة الصليب المقدس فتسري في أوصالهم حالة فريدة من النشوة الروحية تسمو وترتفع مع ألحان التمجيد والتسبيح للعذراء القديسة مريم والتي تشدو بها صفوف الكهنة والأكليروس خلف أيقونة العذراء المحمولة على أكتاف الشمامسة. ويسير الموكب المهيب هبوطًا ثم صعودًا من والى المغارة المقدسة، وكلما عبرت أيقونة العذراء المباركة من أمام الجموع المترقبة لنوال البركة تشرئب الأعناق وترتفع الدعوات ضاربة عنان السماء، تصلي وتدعو وتنذر وتشكر في لحظة من لحظات التواصل مع السماء التي قلّما يجود بها الزمن. ورويدًا رويدًا يغيب مشهد الموكب المقدس عن الأعين لتحل محله دموع الفرح والشكر على البركة العظيمة التي يعيشها أهالي أسيوط والزائرين كل عام، وقبيل انتصاف الليل بقليل يسرع الجمع الغفير للعودة إلى الديار وهم يهتفون بما تبقى لهم من قوة بعد جهد يوم طويل حافل بالأحداث والذكريات "سنوي سنوي ونعيش ونزورك سنوي"".