قالت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا، برئاسة المستشار حاتم داود نائب رئيس مجلس الدولة، في حيثيات حكمها بمجازاة إمام مسجد وصف المصلين بالمتطرفين أثناء خطبة الجمعة، أنه أثناء إلقائه للخطبة صدر لفظ غير لائق من أحد المواطنين قائلًا له ( إنت كلب من كلاب الحكومة) فكان رده عما صدر من هذا المواطن ( أنا سامع ناس موش عاجبها الكلام براحتها واللي موش عاجبه يمشي). واستمر في خطبته ثم أقيمت الصلاة واعقبتها صلاة جنازة ثم غادر المسجد وأنكر قيامه بالتلفظ بعبارة (نص المسجد متطرفين والنصف مسلمين). وبِشأن المخالفة الثانية فقد أقر المحال بتجاوز الوقت المقرر للخطبة المقرر بعشرة دقائق نظراً لكون موضوع الخطبية كان يستدعي شرحا ووقتاً حتي يتم توضيحه وحتي لا يقصر في عمله وانه لم يقصد الإطالة أو مخالفة التعليمات.
وأكدت المحكمة أنه إستقر في وجدانها وعقيدتها صدقاً وعدلاً بعد أن أحاطت بكل أوراق الدعوي عن بصر وبصيرة، أن المحال خرج عن مقتضيات واجبات وظيفته السامية بقيامه بالتلاسن مع المصلين بالمسجد سواء أكان على المنبر أو بعد نزوله، وقبل شروعه في الصلاة، وذلك وفقا لما أقر به المحال شخصيا من قوله للمصلين (في ناس موش عاجبها كلامي اللي موش عاجبه يمشي) وما تواترت عليه أقوال شهود الواقعة الذين تطمئن المحكمة إلى شهادتهم من قوله (ان المسجد نصفه متطرفين ونصفه مسلمين)، فما كان عليه وهو يؤدي أحد أسمي الرسالات الدينية أن يتحلي بقيم السماحة والتواضع، وأن يدرأ بنفسه عن الخوض في جدل عقيم مع بعض المصلين من المترددين على هذا المسجد فيطلب من البعض منهم مغادرة المسجد ويصف آخرين بالتطرف، وهو ما يتنافي مع طبيعة عمله .
وأضافت المحكمة، أن المحال يشغل وظيفة وكيل لوزارة الاوقاف بمدينة الاسماعيلية وتصدي للإمامة في هذا المسجد التابع له في ذلك اليوم، ذلك لإن الإمامة في الإسلام لها منزلة ودوراً كبيراً في التعليم والتذكير، ومن أجل هذا وغيره تعد الإمامة رسالة ومهمة جسيمة يوفق الله القائم بها على الوجه المطلوب دعاة الحق والخلق حماة الدين، فيتعلم على أيديهم الجاهل ويستيقظ من أجل مواعظهم الغافل، وتسمو بتوجيهاتهم النفوس، وتتهذب الأخلاق، وبمنهجهم الوسطى يواجهون المتشددين في مفاهيم يجب أن تصحح فلا تستغلق على الفهم والإقناع، ومن ثم فيجب على شاغل هذه الوظيفة أن يتمتع بمجموعة من الصفات الأخلاقية في حياته وتصرفاته لينال هذه المكانة الرفيعة، والتي من أهمها التجرد في السعي وراء أهداف دنيوية من عمله كالجاه أو المال أو المناصب أو التقرب من الناس .
وأشارت المحكمة إلى أن الإمام الناجح هو الذي يدعو الناس إلى الصلاح بعمله وعلمه فيرى فيه الناس مثالاً حياً للصلاح والاستقامة والنزاهة والشرف، وليكون أميناً على منبر رسول الله الذي يرتقيه فلا يقول إلا صدقاً ولا يعمل إلا حقاً معلياً مقاصده الشرعية في حفظ النفس والعقل والدين والعرض والمال.وسبيله في ذلك فقه الواقع وترتيب الأولويات بما فيه مصلحة الوطن والمواطن.
كانت النيابة الإدارية قد نسبت للمحال وهو إمام مسجد أنه تحدث بأسلوب غير لائق قبل المصلين بمسجد المطافئ بالإسماعيلية أثناء إلقاؤه خطبة الجمعة في شهر سبتمبر ٢٠٢١، بقوله عبارة ( أنا شايف ناس موش عاجبها الكلام اللي مش عاجبه يمشي ) وكذا عبارة (نصف المسجد متطرفين والنصف الأخر مسلمين) .