بداية من اليوم، لم يعد مسموحا لدول الاتحاد الأوروبي، استيراد الفحم الروسي، وذلك ضمن حزمة العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو ردا على عملياتها العسكرية في أوكرانيا.

 
وكان الاتحاد الأوروبي قرر في أبريل الماضي، حظر استيراد الفحم من روسيا، وأعطى الدول الأعضاء مهلة 120 يوما، لتنفيذه، والتي انتهت أمس.
 
ويعد حظر الفحم، أول العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على إمدادات الطاقة الروسية. وفي حزمة عقوبات لاحقة، وافق الاتحاد الأوروبي على حظر تدريجي على النفط الروسي.
 
وتقول المفوضية الأوروبية إن حظر استيراد الفحم، سيكلف روسيا خسائر تقدر بنحو 8 مليارات يورو سنويا.
 
الخسائر فيما يبدو لن تطول فقط روسيا، خاصة بعد اتجاه العديد من الدول الأوروبية لتعويض نقص إمدادات الغاز الروسي عبر إعادة تشغيل محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم.
 
وتمتلك روسيا 15 بالمئة من الاحتياطي العالمي للفحم بحسب التقرير السنوي لشركة "بي بي" حول الطاقة. وتشكل إمدادات الفحم الروسي 45 بالمئة من واردات الاتحاد الأوروبي مع اعتماد بعض الدول عليه بشكل خاص مثل ألمانيا وبولندا اللتين تستخدمانه لإنتاج الكهرباء.
 
وذكر تقرير لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، أن الاتحاد الأوروبي قلص بشكل كبير وارداته من الفحم الحراري الروسي، قبل أسابيع من تطبيق الحظر الكامل. وكانت شركات أوروبية عملت على تخزين كميات كبيرة من الفحم الروسي، خلال الشهور السابقة على الحظر.
 
ولا تتوقع جمعية مستوردي الفحم الألمانية حدوث اختناقات في العرض بأوروبا على الرغم من الحظر، حيث يتوفر الفحم في السوق العالمية. وسيكون الموردون الرئيسيون في المستقبل هم الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا وأستراليا وإندونيسيا وكولومبيا.
 
لكن برغم ذلك، فإن بعض المحللين، يتوقعون أن يكون لحظر الفحم الروسي تداعيات سلبية قوية على أوروبا، التي تعاني بالفعل من أزمة بسبب نقص إمدادات الغاز الروسي، وعدم قدرتها على استكمال تعبئة مخزوناتها، بما يهددها بشتاء قارس.
 
قال مايلز أولسوب، المحلل في بنك "يو بي إس"، لـ"فاينانشيال تايمز" إن "هناك علامة استفهام كبيرة" حول ما إذا كان يمكن لأوروبا أن تجد ما يكفي لاستبدال واردات الفحم الروسي، وكذلك تغطية النقص في إمدادات الغاز الطبيعي.
 
وأضاف: "كانت أوروبا تستورد حوالي 35-40 مليون طن من الفحم الحراري من روسيا في عام 2021. أعتقد أن قدرة صناعة الفحم على سد الفجوة بسهولة، وإيجاد حل لنقص الطاقة، يمثل تحديا حقيقيا".
 
وفيما يتعلق ببدائل الفحم الروسي، قال أولسوب: "لن نشهد زيادة كبيرة في المعروض من كولومبيا وجنوب إفريقيا وأستراليا والولايات المتحدة. علاوة على ذلك، من المحتمل أن تحتاج أوروبا إلى العثور على 20-30 مليون طن لاستبدال الغاز. يبدو ذلك تحديا كبيرا".
 
كما أنه نتيجة التكالب على مصادر الطاقة، وتوسع أوروبا في استيراد الغاز المسال، أجبر الدول الأخرى على استخدام المزيد من الفحم، وأدى إلى زيادة سعره، وهو ما سيؤدي أيضا إلى ارتفاع تكاليف الطاقة على المستهلكين في الشتاء.
 
وكان الخبير المتخصص في قطاع النفط والغاز، ومؤسس شركة "فيروسي" لإدارة الاستثمارات والاستشارات المالية سيريل ويدرسهوفن، قال في تصريحات سابقة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن إيجاد خيارات أخرى للفحم الروسي ليس بالأمر السهل، ففي السنوات الأخيرة تم تخفيض إنتاج الفحم، وتراجعت الاستثمارات في تعدينه.
 
وقلل ويدرسهوفن، من تأثير الحظر المتوقع لواردات الفحم الروسي على روسيا، مشيرا إلى أن الفحم يمثل نحو 1.5 إلى 3 بالمئة فقط من إجمالي صادرات موسكو الطاقة.
 
وفي هذا السياق فإن روسيا توسعت في تصدير الفحم لأسواق أخرى بديلة لأوروبا، وقد صدرت على سبيل المثال في يونيو الماضي بحرا حوالي 13.7 مليون طن من الفحم الحراري، وهو أعلى رقم على الإطلاق. وشكلت الصادرات إلى الصين 24.8 بالمئة، في حين شكلت تركيا 10.9 بالمئة والهند 7.7 بالمئة.