( ؟ - 1939 )
إعداد/ ماجد كامل
تعتبر الكاتبة "بلسم عبد الملك " ( ؟ - 1939 ) واحدة من أهم رائدات الصحافة النسائية في مصر ؛ فلقد أنشأت مجلة " المرأة المصرية " . التي لعبت دورا كبيرا في تاريخ الثقافة المصرية عموما كما شوف نري في ذلك المقال . و المعلومات عن بلسم عبد الملك فهي حسب رامي عطا صديق من مواليد صعيد مصر ؛ وهي تنتمي إلي أحدي العائلات في مدينة أبنوب التابعة لمديرية أسيوط ؛ ولقد أهتم الوالدان بتعليمها تعليما جيدا ؛ حيث ألتحقت بأحدي مدارس الراهبات الفرنسيات ؛ مما مكنها من إتقان اللغة الفرنسية إلي جانب اللغة العربية بالطبع .
ثم تم تعيينها مدرسة في أحدي مدارس البنات بطنطا ؛ ثم ترقت بعد ذلك ناظرة مدرسة البنات المرقسية بالإسكندرية . ونظرا لكفائتها الإدارية العالية ؛ أستدعيت لتنظيم جمعية التوفيق القبطية بسوهاج ؛ وعندما أثببت كفاءة في هذا العمل ؛ تم الاستعانة بها في عدد من المدارس في بني سويف والمحلة الكبري وحارة السقايين . كما أنها تعينت أستاذة فنية في مدرسة السنية الأميرية للبنات بالقاهرة .
كما كان لها دور كبير في ثورة 1919 ؛ حيث شاركت في المظاهرات النسائية ؛ كما أنها أنشأت مجلة " المرأة المصرية " ( لنا عودة تفصيلية لهذه المجلة وأهميتها بعد الانتهاء من عرض سيرتها الذاتية ) .
ولقد تعرفت علي الزعيم الوطني الكبير "مصطفي كامل " ( 1874- 1908 ) ؛ وحول قصة تعرفها عليه يقول رامي عطا " كنت عائدة من الإسكندرية إلي مصر في مهمة رسمية تتعلق بعملي المدرسي وأردت أن أقطع الوقت في القطار بالقراءة في أحدي المجلات الفرنسية ؛وكان الزعيم مصطفي كامل باشا جالسا أمامي في نفس الديوان ؛ فسألني بالفرنسية : أسمحي لي يا سيدتي بسؤال صغير ؛أني أري زيك أوربيا وجلستك جلسة سيدة أوربية تحترم نفسها وفي يدك مجلة فرنسية لي الشرف بصلة الصداقة مع أصحابها ؛ وفي الوقت نفسه أري أن وجهك يكاد يكون مصريا - فهل حضرتك فرنسية ؟ فأجبته بالعربية :لي الفخر أن أكون مصرية صميمية لحما ودما من الآباء والأجداد إلي فجر التاريخ ؛ فوثب واقفا من الدهشة وأبدي استغرابه من وجود أمرأة مصرية في زي أوربي في هذا الوقت المبكر وطلب أن يعرف أسمي ؛ فأجبت :أسمي بلسم عبد الملاك ومهنتي ناظرة مدرسة البنات القبطية المرقسية بالإسكندرية ؛فأسترسل معي في الحديث العذب والثناء المستطاب ؛ وقدم لي رجاء أن يكون أسمي بلسم عبد الملك وليس عبد الملاك ؛ فقبلت مغتبطة وصار هذا أسمي من تلك الساعة ( رامي عطا صديق :-الأقباط وصناعة الصحافة المصرية ؛ دار جدول ؛ الصفحات من 117- 122 ) .
ولقد طالبت بلسم عبد الملك بإحياء ذكري مصطفي كامل في أثناء احدي الاحتفالات الوطنية التي أقيمت عام 1920 للاحتفال بأحد رموز الحركة الوطنية .
وفي خلال سنة 1920 ؛ أصدرت بلسم عبد الملك مجلة " المرأة المصرية " ؛وأستمرت في الصدور حتي وفاة بلسم عبد الملك عام 1939 ؛ ولقد نادت بلسم علي صفحات مجلتها بضرورة تعليم الاهتمام بتعليم المرأة حتي تتحلي بالعلم والثقافة وتتخلص من قيود الجهل ؛كما طالبت بضرورة خروج المرأة للعمل إلي جوار الرجل علي قدم المساواة ؛ كما رحبت بمشاركة المرأة المصرية في مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي عام 1923 ؛ وكانت باستمرار ترحب بتأسيس الجمعيات النسائية التي تساهم في نهضة المرأة المصرية ؛ كما كانت بلسم تؤكد دوما أن المراة المصرية ليست أقل كفاة من المرأة الأجنبية . و لقد فتحت بلسم عبد الملك صفحاتها لعدد من الكاتبات المصريات لكي يكيتبن فيها بحرية ويعبرن عن أنفسهن . كما سمحت للرجال أن يساهموا بأقلامهم في الكتابة بها ؛ وكان من بينهم المؤرخ الكبير توفيق بك إسكاروس ( 1871- 1942 ) الذي ساهم بسلسلة مقالات عن المرأة المصرية خلال الفترة من ( 1923- 1926 ) .
كما تعاونت في الكتابة في مجلة " المصرية " التي كانت تصدرها هدي شعراوي ( 1879- 1947 ) . وتولت أخيرا الإشراف علي تأليف كتاب عن الشاعرة " ملك حفني ناصف " ( 1886- 1918 ) المعروفة بباحثة البادية ؛ كما يذكر الدكتور رامي عطا أنها كتبت كتابا عن "التدبير المنزلي " صدر عام 1925 ؛ وأستمرت في الكتابة والكفاح حتي توفت في يوم 2 نوفمبر 1939 ( رامي عطا صديق ؛- نفس المرجع السابق ؛ صفحة 121 ) .
وحول الأهمية الأدبية والثقافية لمجلة " المرأة المصرية " كتب إسماعيل إبراهيم في كتابه " صحفيات ثائرات " أن العدد الأول منها صدر عام 1920 ؛وهي مجلة أدبية شهرية علمية نسائية ؛ وحمل غلاف العدد الأول منها صورة لامرأة فرعونية ؛ وذكرت السبب في ذلك بقولها " أن المجلة تأتي برسم الأميرة المصرية نفرت لأنها سوف تكون مجلة تعبر عن المرأة المصرية الصحيحة ؛ بعد أن نهضت المرأة المصرية لتأخذ بيد القابعات في ظلام الجهل ؛ وسوف يكون هذا الرسم في صدر كل عدد إن شاء الله ؛دلالة علي أنها مصرية بحتة تقوم بخدمة المرأة التي نهضت في هذه الأيام الأخيرة عاملة في سبيل ترقية المرأة ( إسماعيل إبراهيم :- صحفيات ثائرات ؛ صفحة 89 ) .
ولقد كتبت بلسم عبد الملك في افتتاحية العدد الأول من المجلة " لقد كنت من اللواتي صرفن وقتا ثمينا من حياتهن في التدريس ؛وعرفت في تلك مدة ما تحتاجه الفتاة المصرية من العلم والتربية ؛ وكتبت كثيرا في الصحف السيارة والمجلات النسوية في موضوع المرأة ؛ ثم وجدت فراغا كبيرا في عالم الأدب لا يملؤه غير وجود مجلة نسائية مصرية بحتة لترقية الجنس اللطيف ؛ ولتكون ميدانا تتسابق فيه أقلام ربات الخدور من المصريات ؛ فقمت بإنشاء هذه المجلة وأسميتها " المرأة المصرية "وذلك بمساعدة كثيرات من سيدات العائلات الشريفة اللواتي شجعنني ماديا وأدبيا " ( ايرين موسي :- بلسم عبد الملك ... صحفية قبطية طالبت باستقلال مصر من الاحتلال ؛ جريدة وطني ؛17 فبراير 2022 ) .
كما أهتمت المجلة بالمرأة الريفية ؛ فنشرت عدة مقالات لفاطمة حسن عن ( الريفيات – الفرق بين الريفية والحضرية .... الخ ) ولقد دافعت المجلة عن المعلمة المدرسية ؛ وأيدت قرار وزير المعارف حينذاك أحمد زكي أبو السعود الذي طالب باستبدال المعلمات الأجنبيات بالمعلمات المصريات ؛ ثم عددت بلسم عبد الملك أسماء بعض المصريات اللاتي لا يقلن كفاءة عن الأجنبيات مثل (نبوية موسي – نور الهدي عبد الله – ماتيلدا عوض – نور حسن ..... الخ ) .
( إسماعيل إبراهيم :- نفس المرجع السابق ؛ صفحة 90 و91 ) .
كما أهتمت المجلة بنشر الأخلاق والفضيلة ؛ ففي أحدي اعدادها دعت لتجنب ما أسمته " الخطايا السبع " وتشمل ( السياسة بلا مبدأ - الثروة بلا عمل – اللذة بلا ضمير – المعرفة بلا أخلاق – التجارة بلا أدب – العلوم بلا إنسانية – العبادة بلا تضحية ) كما أهتمت المجلة بكتابة عدة مقالات عن "بطلات التاريخ " قدمت من خلالهم قصص حياة بعض زعيمات النهضة النسائية حول العالم ( نفس المرجع السابق ؛ صفحة 91 ) .
بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1-ايريس حبيب المصري :-قصة الكنيسة القبطية ؛ الجزء الخامس من ( سنة 1870- 1927 ) ؛ صفحة 144 .
2-رامي عطا صديق :-الأقباط وصناعة الصحافة المصرية ؛ تقديم سمير مرقس ؛دار جداول للنشر والترجمة والتوزيع ؛ الطبعة الأولي ؛ سبتمبر 2016 ؛ الصفحات من 117- 122 .
3-إسماعيل إبراهيم ك- صحفيات ثائرات ؛ الدار المصرية اللبنانية ؛الطبعة الأولي ؛ سبتمبر 1997 ؛ الصفحات من ( 85- 92 ) .
4-ايرين موسي :- بلسم عبد الملك ..... صحفية قبطية تطالب باستقلال مصر من الاحتلال ؛ جريدة وطني ؛ 17 فبراير 2022 .