كتب - محرر الاقباط متحدون
شارك المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس في القدس، في ندوة على الزووم حول عراقة الحضور المسيحي في هذا المشرق وفي فلسطين الارض المقدسة بنوع خاص والتي دعت اليها مؤسسة مسيحية في بريطانيا وقد كان سيادته المتحدث الرئيسي في اعمال هذه الندوة الافتراضية.
وفيما يلي نص تصريحاته :
المسيحية بزغ نورها من فلسطين الارض المقدسة فبلادنا هي ارض الميلاد والتجسد والفداء ومنها انطلق الرسل القديسين الى مشارق الارض ومغاربها مبشرين ومنادين بالتعاليم المسيحية السامية .
المسيحيون في بلادنا اصبحوا قلة في عددهم بسبب النكبات والنكسات التي تعرض لها شعبنا وبسبب عوامل اخرى ايضا ولكنهم ليسوا اقلية فقلة العدد لا تعني اننا اقلية ونحن نرفض رفضا قاطعا ان يتم التعامل معنا كمسيحيين في فلسطين او في هذا المشرق وكأننا اقليات في اوطاننا.
لسنا اقليات ولسنا جاليات ولسنا بضاعة مستوردة من اي مكان في هذا العالم كما اننا لسنا من مخلفات اي نوع من الحملات التي مرت ببلادنا والتي استهدفت المسيحيين كما استهدفت غيرهم من المواطنين .
المسيحيون هم اصلاء في انتماءهم لهذا المشرق وسياسات الغرب الخاطئة هي التي ادت الى تهجيرهم واقتلاعهم وافراغ منطقة الشرق الاوسط من هذا المكون الاساسي وكلنا نعرف من الذي احتل العراق ودمره وشرد ابناءه ومن الذي دمر في سوريا وشرد ابنائها ومن الذي تآمر على فلسطين وشعبها وما زال يتآمر حتى اليوم وكلنا نعرف من الذي يغذي المنظومة الداعشية بمسمياتها واوصافها المختلفة والمتعددة والتي تستهدف المسيحيين كما وغيرهم من المواطنين، وكلكم شاهدتم ماذا حدث مؤخرا في بلدة السقيلبية السورية كما وفي غيرها من الاماكن.
المسيحيون في هذا المشرق وفي قلبه النابض فلسطين الارض المقدسة هم اناس مسالمون فنحن لسنا دعاة حروب وقتل وعنف بل نحن دعاة سلام وحق وعدالة ونصرة لكل انسان مظلوم يسعى من اجل العيش الكريم بأمن وأمان وسلام .
في فلسطين نحن فلسطينيون نحب وطننا وننتمي اليه بكل جوارحنا ولا يحق لاية جهة في هذا العالم ان تمنعنا كمسيحيين فلسطينيين من ان نعبر عن انتماءنا الروحي وانتماءنا القومي والوطني.
نحن لا نخاف من ان نعبر عن انتماءنا ولسنا تابعين لاية جهة سياسية ولسنا جزءا من الصراعات والمناكفات والانقسامات الموجودة.
انتماءنا هو للمسيحية المشرقية التي بزغ نورها من هذه الارض المقدسة وانتماءنا لهذا المشرق وهويته الحضارية وامتنا العربية التي نحن مكون اساسي من مكوناتها ، أما في فلسطين فنحن فلسطينيون هكذا كنا وهكذا سنبقى ولن نسمح لاية جهة بأن تمس بانتماءنا وعراقة حضورنا وتاريخنا في هذه الارض المقدسة .
الكثيرون يتحدثون عن ضرورة الحفاظ على الحضور المسيحي في هذا المشرق والبعض يقولون بأننا يجب ان نحمي من بقي من مسيحيين في فلسطين وفي هذا المشرق ونحن في الواقع لا نراهن على الغرب فهذا الغرب تخلى عن مسيحيته منذ زمن ففي الغرب هنالك مسيحية ولكننا لا يمكننا ان نصف الغرب بأنه مسيحيا وسياسات الغرب هي من المسببات الاساسية لتهجير المسيحيين ولا حاجة لسرد ما ارتكبته امريكا وغيرها من جرائم مروعة في هذا المشرق بحق شعوبنا والمسيحيون هم ايضا دفعوا فاتورة هذه السياسات الظالمة الى جانب كافة ابناء امتنا العربية.
لا نطلب حماية من الغرب لان الغرب لا يهمه مسألة الحضور المسيحي في بلادنا بل ما يهمه هو مصالحه واجنداته وعندما يتباكى القادة في الغرب على المسيحية في بلادنا انما ما يقولونه هو كلام باطل يراد منه باطل ، فنحن لا نصدقهم ولا نثق بهم ولا نتوقع منهم شيئا لصالح المسيحيين وغيرهم من المواطنين فنحن لسنا بمعزل عن المحيط الوطني الذي نعيش فيه فآلامنا وأحزاننا هي آلام واحزان امتنا ومشرقنا وشعبنا الذي يناضل من اجل الحرية .
نراهن على امتنا العربية ونراهن على اخوتنا المسلمين شركاءنا في الانتماء الانساني والوطني فهم المطالبون بحمايتنا والوقوف الى جانبنا والتصدي لكافة المؤامرات التي يتعرض لها المسيحيون في هذا المشرق وفي قلبه النابض فلسطين الارض المقدسة .
لا نتوقع خيرا من القيادات السياسية في الغرب فاجندتها معروفة للقاصي والداني ونحن على ثقة بأن المسلمين المتحلين بالرصانة والوعي والحكمة وابناء امتنا العربية هم الذين سيهبون لمساعدة المسيحيين من اجل البقاء والصمود في اوطانهم وخاصة في فلسطين .
ان تراجع اعداد المسيحيين في هذا المشرق هي ليست خسارة للمسيحيين وللكنائس فحسب بل هي خسارة للامة العربية كلها وللمسلمين بشكل خاص الذي يخسرون اخوة لهم واصدقاء وشركاء في الانتماء الانساني وفي الانتماء الوطني .
في العراق على سبيل المثال الخاسر من تراجع اعداد المسيحيين انما هو العراق كله لانه خسر مكونا اساسيا من مكوناته وكذلك في سوريا وفي غيرها من الاقطار العربية الشقيقة التي تراجعت فيها اعداد المسيحيين .
وكذلك في فلسطين الخاسر من هجرة المسيحيين وتضائل اعدادهم انما هو الشعب الفلسطيني كله.
ولذلك فإننا نعتقد بأن حماية الوجود المسيحي في بلادنا وفي مشرقنا انما تقع على كاهلنا جميعا كأبناء للامة العربية الواحدة والشعب الفلسطيني الواحد .
ان نزيف الهجرة مستمر ومتواصل وهذا يحتاج منا الى وقفة وتفكير وتأمل ماذا يجب ان نفعل لكي نوقف هذا النزيف وهذه مسؤولية جماعية وليست مسؤولية طائفية ملقاه على الكنائس والمسيحيين لوحدهم .
المسيحيون في ديارنا وان كانوا قلة في عددهم الا انهم متشبثون بانتماءهم لهذا الوطن ولهذا الشعب ولهذه القضية العادلة ، فنحن لسنا ضعفاء بل نحن اقوياء بايماننا وانتماءنا ونحن لسنا دعاة عنصرية وكراهية وتطرف بل ان ايادينا ممدودة وقلوبنا مفتوحة من اجل تعاون بناء لخير هذه الامة ولخير هذا البلد الطيب والجميل فلسطين الارض المقدسة .
