بقلم : محمد زيان
قال ملقاط موجها حديثه لزميله سبارس وهما من اطفال الشوارع الذين يجوبون ارجاء الميدان من اقصاه الى اقصاه كل يوم يمارسون عملهم فى سرقة الماره وجمع السجائر من الشوارع - قال - " كل يوم اسمع الناس وهماماشئين فى الشارع يبصبوا علينا ويقولوا " هما دوول أطفال الشوارع" .. مش إحنا بقالنا من يوم ٢٥ يناير في الميدان ؟ أومال ليه ما بقينأش حاجة تانية؟ ما دخلوناش المدرسة ليه مثلا ؟ او عملوا لنا كشك سجاير، او حتي فرشة فى ميدان طلعت حرب زي الناس دي .. انا سامع ان فيه ناس من اللي كانوا فى الميدان بقى عندهم عربيات وشقق ، وناس تانية بتطلع فى التليفزيون كنا بنشوفهم انا وانت عالمنصه يا سبارس ، رد " سبارس " صحيح ياد يا " ملقاط" دا حتى الراجل اللي انت مره خدت محفظته ولقيت فيها كارنيه امريكاني بقى اسمه دلوقتي في القصر ... بيقولوا كده انا معرفش يعني إيه بس بشوفه كتير فى التليفزيون .. مش إحنا ساعتها اديناله المحفظة لانها كانت فاضية وهو طلع من جيبه عشرين جنيه وعطاهم لنا وقال لنا إحنا الاتنين " بارك الله فيكم " ، المفروض اننا نبقى حاجة تانية ، ماهي الثورة خلصت والمولد انفض والناس اتغيرت كلها اشمعنى إحنا ياد ؟ هو إحنا برضه مش المفروض نتغير ولا إيه؟ ولا حد علمنا ولاحد فهمنا ولا اي حاجه.
رد ملقاط : يعني إيه ثورة ياد يا سبارس ؟
رد سبارس بانفعال : هو انت فاكرني اعرف الكلام الكبير ده ، ايوه إحنا كنا هنا من اول يوم ولسه موجودين بهدومنا زي ما إحنا ما اتغيرتش حاجه رغم ان ناس كتير اغتنت وبتطلع فى التليفزيون وبقوا بهاوات .
سبارس ملوحا بيديه : بالك انت ياد ان الواد بتاع الشاي اللي كان هنا .. عارف ؟
ملقاط : ايوه ايوه عارفه ... الواد سيد بتاع الشاي فكره اللي طلع في يوم عالمنصه وقال انه مش لاقي يأكل وببيع شاي علشان كده بقوا يطلعوه يتكلم على طول اصل الواد ده معاه دبلون
سبارس : أيون هو الواد ده ، اهو بقى دلوقتي فى القصر برضه مع الشيخ اللي بيطلع فى الجوامع ابو دقن ده .. اللي بيجي كل يوم الجمعه فى الجامع يقول كلام كتير انا مش فاهم له حاجه .
ملقاط : سي بتاع الشاي فى القصر .. ينهار ابيض ده ما يعرفك ف من كوز الدره
سبارس : طب عارف الست اللي كانت بتيجي برضه تتنطط وتزعق وتقول لنا امشي ياد انت وهو
ملقاط : يابني ماهو كلهم كانوا بيقولوا لنا كده
سبارس : ياعم المهم انها بقت مهمه بشوفها فى التليفزيون برضه وبتركب عربية وتعطي من الميدان .. بشوفها لغاية دلوقتى
ملقاط : يا اخي انت مش المفروض انه كل شيء اتغير فى البلد ؟ المفروض إحنا كمان نتغير .
سبارس : طيب يا اخويا قولي هانغير ازاي ؟
ملقاط : يعني انا بدل ما اسرق الناس كانوا يشغلوني فى شركة ولا خزنه ويمسكوني حاجه اكل منها عيش علشان ابطل الحرام . او حتى يفهمونا ويودونا يعلمونا الحلال من الحرام . مش الناس دي برضه بتاعت ربنا ؟
رد سبارس : يابني بتوع ربنا إيه ؟ انا شفتهم بيشربوا سجاير زينا إحنا واحنا اهو حراميه ، يبقى هما برضه حرامية زينا ؟
ملقاط : يا اخي لا ، اقصد انهم بيصلوا فى الجامع
سبارس : جامع إيه ياعم ده كده قدام الناس .. طب ما انت برضه بتدخل تصلي فى الجامع وتسرق جزم الناس ، صح ولا لا ؟ أكيد أكيد هما برضه بيدخلوا يصلوا ويسرقوا الناس برضه
ملقاط : مش كده انا اقصد انهم لما يحكموا البلد ها يبقوا بتوع ربنا وها يصلحوا كل حاجه واحنا ممكن نروح لهم نطلب منهم يشغلوا بدل الهباب اللي إحنا بمعمله ده .
سبارس : انت برضه مصمم ، هنا قولك حاجة صغيرة .. عارف الست ام صابرين اللي بتبيع مناديل فى الميدان العاجزه دي ، سمعت كلام واحد لابس افندي وخدع ورقها وراحت على الديوان علشان يعملوا لها حاجه .
ملقاط : وبعدين .
سبارس : رجعت يا مولاي كما خلقتني راحت ورجعت مستغربه ، قالت للناس انهم كانوا بيزقوها ويقولوا لها ابقي تعالي بعدين هو البلد فيها فلوس ؟!
ملقاط : انا اللي يهمني فى الموضوع ده ان إحنا هنا من ساعة الثورة واحنا زي ما إحنا .. مع ان المفروض اننا نتغير ده البلد كلها اتغيرت .
سبارس : يا عم إيه بس اللي اتغير ، كل الموضوع شابه الدو جابوا شاهين
ملقاط : يعني إيه دي ؟
سبارس : كلمة مش عارف يعني إيه ؟ لكن مفيش حاجه اتغيرت وادينا إحنا زي ما إحنا ولا حد جالنا علشان يعلمنا ، ولا حد خد بأيدينا ، ولا حد فكر فينا رغم أني واد يا ملقاط يسمع كل يوم عن حاجه اسمها رعاية أطفال الشوارع . .. مش إحنا برضه كده
ملقاط : يابني إحنا بنسق على صغير والناس دي بتسرق على كبير .. دوول سرقوا بلد ، تقدر انت ولا العيال اللي بيسر حول معانا كلهم يسرقون بلد ؟
سبارس : ازاي سرقوها ؟ واحنا آخرنا نسوق محفظة ولا سيجارة ؟
ملقاط : انا أقولك ، كل حرامي على قده ، يعني مثلا انا اسرق محفظه ولا حد يحس بيا ، الناس دي بقى سرقت البلد اسرع من سرقة المحفظة اللي انا بسرقها .
انتهى الحوار بين ملقاط وسبارس فى الميدان ولا يزالا موجودان بدون تغيير طرا عليهما .. لا يوجد من تبنى قضيتها ، او تعليمهما هما وغيرهما ، لم تمتد إليهما يد العلم ولا المدرسة ، لم يبحث أحدا لا الرئيس ولا من معه عن سبل الارتقاء بهما وانتشارها من الشوارع حتى الان ، وكما قال انهم مشغولون فى كيفية هتك تمكين حكمهم .