هاني صبري - المحامي
يحل اليوم الذكري التاسعة لثورة 30 يونيو 2013 حيث خرجت الملايين للشوارع فى جميع المحافظات المصرية مطالبين بإسقاط حُكم جماعة الإخوان المسلمين، وأسقطوهم لكون الشعب هو مصدر السلطات، فهي ثورة شعب أبهرت العالم وشهد الجميع بسليميتها.
نحن نؤمن بأن الحقائق الآتية من البديهيات، وهي أن جميع البشر قد خلقوا متساوين، وأن خالقهم قد حباهم بحقوق معينة لا يمكن انتزاعها، من بين هذه الحقوق: حق الحياة، والحرية، والسعي لتحقيق السعادة لضمان هذه الحقوق قامت الحكومات بين البشر، مستمدة سلطانها المشروع من رضى المحكومين، وأنه متى أصبح أي شكل من أشكال الحكم خطرًا على هذه الغايات، فإن من حق الشعب أن يغيِّره أو يلغيه، وأن يقيم نظامًا جديدًا للحكم على أساس من هذه المبادئ، وينظِّم سلطاته على نحو يجعله أقرب ما يكون لضمان أمنه وتحقيق سعادته.
لذلك قامت ثورة 30 يونيو التي تعتبر في حد ذاتها حائط دفاع ليس عن وطننا الحبيب فقط لكن عن منطقة الشرق الأوسط وقد أفشلت مخططات الجماعة الإرهابية وشركاؤهم.
حكم الإخوان مصر لمدة عام إلا أنه كان أسوء عام مر علي مصر ومازلنا نعاني من تبعاتها حتي وقتنا هذا، وقد تحمل المصريّين كثير من المعاناة حيث أخفقت الجماعة في كافة المجالات.
رسخ حكم مرسي وجماعته حالة من الاستقطاب الحاد، وقسم المجتمع بين مؤيد لمشروع النهضة الذي يمثله هو وجماعته دون أن يقدموا دليلاً واحداً علي هذا المشروع الوهمي مجرد كلام مرسل لكسب أصوات المواطنين في صناديق الاقتراع دون تقديم رؤية حقيقية لكيفية إدارة الدولة.
كما شهدت مصر خلال حكمهم أعمالاً فوضوية وهمجية غير مسبوقة بتحريض من الجماعة منها قاموا بحصار المحكمة الدستورية العليا، وحصار مدينة الأنتاج الإعلامي ، وتهديد الإعلاميين والصحفيين ، وقتل الصحفي الحسيني أبو ضيف ، والأعتداء علي الكاتدائية المرقسية بالعباسية (المقر البابوي) في سابقة لم تحدث من قبل ، وحادث قتل بعض المواطنين الشيعة بالجيزة.
أصدر الرئيس الأسبق مرسي العديد من القرارات والإعلانات الدستورية وعمل هو جماعته بسرعة كبيرة علي ترسيخ الأخونة، وأطاح بسيادة القضاء، وقام بعزل النائب العام، وتركيز كافة السلطات في يده لمحاولة الاستحواذ علي السلطة وإخماد كل أصوات المعارضين لهم ، مما دفع المصريين للخروج في مظاهرات عارمة إلى الاتحادية والتحرير لإسقاط الإعلان الدستوري الباطل الذي تسبب في إثارة غضب الرأي العام وعبر عن ضيقه بإحراق بعض مقار لحزب الحرية العدالة الذراع السياسي للجماعة وقتها.
كما وصل الأمر بالجماعة إلى الإفراج عن سجناء جهاديين من ذوي الفكر المتطرف والخطورة الإجرامية استوطنوا سيناء وسعوا إلى تكوين إمارة إسلامية متطرفة بدعم من جماعة الإخوان المسلمين ، ونفذت هذه الجماعات فعلاً خسيساً بالإجهاز علي 16 شهيداً من الأمن وقت الإفطار في رمضان، فضلاً عما تكشف بعد إقصاء رئيسهم من كون هذه الجماعات الإرهابية السند لجماعة الإخوان في حروبها الإرهابية ضد الدولة ، وقضية التخابر مع دولة أجنبية ضد مصر .
قامت قيادات الجماعة الإرهابية بالتآمر على مصر، وكانت الضربة التي سددها القضاء وفقاً لصحيح القانون للرئيس المقصي هي الإشارة إليه بالاسم وعدد كبير من قيادات جماعته بالتعاون مع حماس وحزب الله في واقعة اقتحام سجن وادي النطرون .
ومن أخطائهم القاتلة المعالجة السلبية للغاية لمباشرة إثيوبيا بناء سد النهضة، كشفت عن الافتقاد لأسس التعاطي مع الأزمات الممتدة منها أو الناشئة، فضلاً عن سوء إدارة الحوار مع القوي السياسية وبثه علي الهواء بما ساهم في توتر العلاقات مع الجانب الإثيوبي وأجهض أسس الحوار السياسي معه ومازلنا نعاني تداعياته للآن.
ناهيك عن تدني المستوي الخدمي وارتفاع أسعار السلع والخدمات دون تدخل حكومي يسعي لوقف جشع التجار، تكررت وبشكل متواصل أزمات البنزين والسولار، والانقطاع المتكرر للكهرباء.
كان هناك اتجاه واضح من جماعة الإخوان المسلمين نحو تغيير هوية مصر الثقافية، والعمل علي ارتدادها لحساب توجهات رجعية ، بدءً من منع عروض الباليه بدار الأوبرا، إلى إقصاء قيادات الثقافة والفنون والآداب، وإحلال قيادات تدين بالولاء للجماعة الداعمة للحكم.
أن الشعب المصري العظيم عنده موروث حضاري يمتد إلى الآلاف السنين. ومعتدل بطبعه لذلك رفض الفاشية الدينية المتمثّلة في جماعة الإخوان المُسلمين، وأسقطهم وصحح المسار وأجهد مخططاتهم التي كانت تحاك ضد مصر، وقضي علي أطماعهم في منطقة الشرق الأوسط ومازالت تحارب مصر عن العالم ضد الإرهاب، وتبنّي دولة قوية قادرة علي تحقيق تطلعات شعبها العظيم.
أن ثورة 30 يونيو تؤكد أن مصر تشهد تغيرات واسعة النطاق لبناء دولة حديثة وعصرية، وتتطلع لأفضل المعايير العالمية لتتمكن من اللحاق بركب التطورات العالمية التي يشهدها المجتمع الدولى ، فانتقلت مصر من مرحلة تثبيت أركان الدولة، وتعزيز تماسك مؤسساتها واستعادة الاستقرار، وتأكيد التلاحم بين الدولة والمواطنين باعتبارهما أساسًا لبقاء واستمرار الدول، إلى مرحلة بناء الدولة الحديثة ، والعمل على الحفاظ على الدولة الوطنية وتثبيت أركانها ومؤسساتها المختلفة بمقوماتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية ، واستعادت الدولة المصرية مكانتها الإقليمية والدولية ويشهد العالم بدورها المحوري والفاعل في العديد من القضايا.
لذلك فإننا ندعم الدولة المصرية لمواجهة كافة التهديدات والتحدّيات التي يمر بها وطننا الحبيب وأن الأمر يتطلب عملًا وجهدًا متواصلين ليبقي في أمن واستقرار، وبعون الله وتوفيقه ووحدة كل المصريين وبتكاتف وتعاون كافة مؤسسات الدّولة تستطيع مصر أن تتبوء المكانة التي تليق بها ، فالقادم أفضل لشعبها العظيم.