بقلم: محمود الزهيري
1
ليس صادماً للأذهان أن تسمع هذه العبارة من بعض القادة الإسرائليين :" عزيزى الجندى ، تجاوز كل القوانين ، واقتل أكبر عدد من العرب ؛ فالعربى الطيب هو العربى الميت ،‏ فليحترق كل الفلسطينيين فى جهنم ". !!* , ولكن الصادم للأذهان أن توجه هذه العبارة من مواطن مصري لآخر, يأمربقتله, فلا يوجد مواطن طيب, لأن المواطنين الطيبين في عداد الإموات , وكانت أسباب القتل راجعة لإختلاف المفاهيم الدينية المبنية علي قاعدة تكفير المجتمع والدولة داخل الحدود الوطنية والتي تتعداها إلي خارجها , لأن من هم خارجين عن إطار دائرة المفاهيم الدينية لهذه الجماعة الدينية أو تلك بمثابة كفار وجب قتالهم وقتلهم بسبب خروجهم عن دائرة الإيمان المدعي .

2
يوجد مقطع فيديو يصور أطفالاً إسرائيليين يتدربون على قتل العرب فى المتحف الحربى بتل أبيب , وكانت من ضمن الأسئلة الموجهة للأطفال : " كيف شعرت عندما تخيلت نفسك تقتل عربيا ؟ ترد إحدى الفتيات ضاحكة "شعرت بالسعادة" سؤال آخر: "ماذا تتخيل وأنت تجلس على هذه الدبابة؟ ويرد طفل آخر بحماس: "أتخيل عربيا ميتا. وهذا يجعلنى أشعر بالراحة والسعادة " .!!

3
هذا الأمور ليست صادمة للذهن , ولكن الصادم هو ماتصنعه الجماعات الدينية التي صارت ترعاها مؤسسات في الدول العربية , وتعمل علي إذكاء نيران الجرائم الدينية بين أبناء الوطن الواحد , والتي تبدأ بالتحقير والإذدراء إلي مرحلة الدم والقتل بين أبناء الوطن الواحد والمنتسبين لدين واحد , فما بالكم بمن يخالفهم في الدين داخل إطار هذا الوطن الواحد ؟!!

4
ماجعلني في حالة من حالات الحنق والضيق أن قرأت حواراً بين صحيفة الوطن القريبة في توجهها من الجهات السيادية , وبين المتحدث بإسم الجبهة السلفية , جاء به علي لسان خالد سعيد المتحدث بإسمها : " أن الجبهة سعت للتوسط بين الجهات الأمنية وتنظيم الجهاد في سيناء، لإيقاف العملية الأمنية التي ينفذها الجيش والمسماة "نسر"، لكن المحاولات باءت بالفشل. !!**

والجبهة السلفية شأنها شأن باقي الجماعات والتيارات الدينية الخارجة عن إطار رقابة الدولة والمجتمع , فهي ليست لها شكل قانوني , ومن ثم فهي خارجة علي القانون , فكيف يصبح لها دور في الوساطة بين الأجهزة الأمنية , وبين تنظيم الجهاد في سيناء , أو حسب الإسم الأمني المتعارف عليه " جماعة التكفير والهجرة " , وهذا سؤال !!

والسؤال الثاني المربك للعقل كيف تكون مؤسسة الرئاسة في مصر تحت إمرة " مجدي سالم " أحد أمراء تنظيم الجهاد , ومعها الأجهزة الأمنية ؟!! وهذا ماصرح به خالد سعيد حيث كشف:" ان الوفد شُكل بمعرفة الرئاسة والجهات الأمنية ، وضم قيادات إسلامية وشخصيات قانونية ، تحت رئاسة مجدي سالم القيادي بتنظيم الجهاد، والدكتور محمد نصر الغزلاني "القيادي في الجبهة السلفية".

هذه هي الأزمة التي تظهر مدي هشاشة الدولة المصرية في مرحلة مابعد الثورة , والتي كنا نتمني لها ونطمح أن تكون دولة قوية ينتجها مجتمع قوي بالحريات والديمقراطية والكرامة الإنسانية , والتوزيع العادل للثروة القومية , وتكافوء الفرص , إلا أن هذه الدولة مازالت تصر علي إعادة إنتاج النظام السابق الإجرامي , في مرحلة ماقبل الثورة , بل وأسوأ منه , ويتبدي ذلك في إختلاف العناوين واللافتات فقط , فهذه لافتة الإستبداد والطغيان والفساد"السياسي ", ونفس اللافتة مكتوب عليها الإستبداد والطغيان والفساد "الديني ", ويشتركان في تعليقهما علي حائط غياب الديمقراطية الحقيقية والحريات والكرامة الإنسانية , واستخدام نفس الأساليب التغيبية للعقل المصري المأزوم بقضايا الفقر والجهل والمرض , بخطاب ينسب كل الجرائم لنظرية المؤامرة للدولة العبرية , وتكريس الكراهية لليهود كصورة دينية , ولإسرائيل كدولة إستعمارية عنصرية تريد محق العرب وإزالتهم من الجغرافيا السياسية والطبيعية !!

5
المثير أن الدولة المصرية بأجهزتها الأمنية , ومنها مؤسسة الرئاسة , وكأنها تريد إرسال رسالة إلي المجتمع في الداخل والخارج علي مستوي المجتمعات والدول , أن كافة الجرائم من ورائها إسرائيل , وأن جريمة قتل الجنود المصريين , ليس من ورائها عناصر من الجماعات الدينية في الداخل المصري , وفي الخارج المصري في غزة , لأن النظام المصري يري أن عناصر منظمة حماس , وعناصر الإخوان المسلمين هما تنظيمان متكاملان يخدم أحدهما علي توجه الآخر , وأن جماعة الإخوان المسلمين ترفض وتشجب وتدين قتل الجنود المصريين في سيناء , وبالتالي تكون منظمة حماس كذلك , وأن صاحب هذه الجريمة النكراء هو الموساد الإسرائيلي , الذي يكون علي الدوام شماعة أخطاء للنظام المصري , ومعه العديد من الأنظمة العربية !!

6
المخيف والمرعب أن تسير الأمور في هذا الإتجاه السابق , لأنه من الممكن أن يتم إرتكاب العديد من الجرائم علي مستوي الداخل المصري ضد المجتمع , ويتم الإبتعاد عن توجيه أصابع الإتهام ضد الجماعات الدينية التي تربطها بمؤسسة الرئاسة المصرية صلات جوار قديمة , وصلات قربي ومحبة , ومشاركة في العديد من القواسم الإيمانية , والتربوية الدعوية وعلي الرأس منها الجهادية , وهذا ماصرح به وكشف عنه أحد قادة الجبهة السلفية والمتحدث الرسمي لها , حين أعلن مصرحاً بأن الوفد تم تشكيله تحت رئاسة " مجدي سالم " القيادي بتنظيم الجهاد , أو التنظيم المتعارف عليه أمنياً وإعلامياً , بتنظيم التكفير والهجرة , وكانت مؤسسة الرئاسة والجهات الأمنية تحت إمرته وإمارته في سيناء!!

7
والسؤال هو: هل مؤسسة الرئاسة مشغولة بالقضايا المصيرية للمصريين , أم ببحث سبل التوافق بينها وبين باقي الجماعات الدينية ليتم إستكمال مسلسل إستبدال أمراء الأمن بأمراء الجهاد , والذي بدأ مشواره النظام المصري الإجرامي السابق , ليتم تفعيل أمراء الجهاد كبديل غير إنساني وغير حضاري ضد المجتمع , ليصير تعبيد الناس لسلطة الإخوان المسلمين بتوافقها مع الجماعات الدينية الدعوية منها والجهادية , ويتم نسبة كافة الجرائم إلي الموساد الإسرائيلي , بإتخاذه غطاء يسترسؤات الإجرام والمجرمين !!

8
وإذا كانت عنصرية وإجرام الدولة العبرية توجه ضد العرب , فكيف نلوم الدولة العبرية , ولا نلوم العرب ومنهم المصريون حينما يوجهوا سهام إرهابهم تجاه مواطنيهم وأشقائهم !!؟
وهكذا يركع المواطنون المصريون مرتين , مرة لجمهورية يوليو العسكرية الريفية , ومرة للمتأسلمين , وهكذا نصير في عصرين للعبودية في وقت واحد الآن !!