بقلم: جيهان خضير
عزيزي القارئ أود أن أشير في بداية مقالي هذا إلي شئ كنت حريصة علي الا اتحدث عنه أبدا ، وهو هويتي ، والتي كنت دوما أوكد علي أن مصريتي هي ديانتي ولكنني هذه المرة أعتذر لك عزيزي القارئ فالموضوع جد خطير ووصل بنا الأمر إلي منعطف أشد خطورة ، ولذلك فأنني أود أن أوضح أن كاتبة هذا المقال مسلمة الديانة مصرية الهوية حتي النخاع والأقباط أهلي وأفخر بهم في كل مكان خطت فيه قدمي .
إن ما دفعني لهذه المقدمة هو إصرار البعض علي أن قضية المواطنة وحقوق الأقباط في ذلك الوطن لا يتحدث عنها سوي بعض الأقباط ، وهذا خطأ أشاعته تيارات الإسلام السياسي لأضعاف موقف الأقباط بشكل خاص ، وإظهار القضية علي أنها تشغل بال الجماعة القبطية فقط ، وهذا أمر مجافي للحقيقة تماما ، فقضية الأقباط وحقوق المواطنة الكاملة هي قضية تشغل بال كل المصريين ، وتقدم علي الكثير من القضايا الآخري ليس لسبب سوي الدفاع عن هويتنا المصرية أمام الزحف القادم الينا عبر الصحروات محاولا ولسنوات طويلة أقتلاع مصريتنا ، والتي باتت تشكل لهم ألماً حضاريا ويشعرهم بحجمهم الطبيعي ، البعض قد يصور هذا الأمر علي انها شيفونية ، ولكنني أعشق تلك التي تسمونها أنتم شيفونية ، ولكنني أسميها الغيرة علي الهوية ، فهي أعز ما نملك ففيها نعيش وعليها سوف نموت .
القضية القبطية علي المحك ، الإصرار علي تغييب تلك القضية بات هدفا واضحا لتيارات الإسلام السياسي ، الرغبة في الأستحواذ وشهوة الحكم تدفع بهم إلي إزاحة كل ما يقف في طريقهم ، وهم يشعرون منذ فترة طويلة أن العقبة الوحيدة أمام تديين الهوية المصرية هم الأقباط ، هم يقفون حجر عثرة أمام ذلك المشروع ، الأقباط يدافعون عن الدولة المدنية الحديثة ، ويؤكدون علي الهوية المصرية ، ليس بالكلام فقط ولكنها الممارسة علي الأرض تقول ذلك ، وجودهم علي أرض مصر ساند الهوية المصرية عبر التاريخ ، وحافظ كثيرا علي تراثا مصريا كاد أن يندثر ويضيع في خضم الصراعات والحروب الطويلة والاحتلالات التي تعرضت لها مصر علي مر الزمان ، فشكلوا حاضنة قوية حفظت هذه الحضارة من الضياع في وسط الركام القادم الينا من الشرق والغرب .
علي كل المتحدثين عن الأكثرية والأقلية أن يعوا دروس التاريخ ، ويعودوا إلي الوراء ليعرفوا أن تلك الأكثرية الموجودة الان كانت يوما ما أقلية في ذلك البلد ، ولم تفعل بهم الاكثرية في ذلك الزمان ماتفعله أكثرية هذه الأيام ، هم شكلوا سدا منيعا ضد غزو هذه البلاد ودافعوا عنه بالمال والدم ، ولم يبخلوا لا لشئ سوي لأحساس نابع منهم بأن هذا الوطن يستحق وأكثر كل هذه التضحيات التي قدمت والتي هم علي أستعداد لتقديمها مستقبلا .
لايصح ولا يليق أن يخرج علينا جاهل بحقائق التاريخ أو حاقد او موتور لكي يتحدث عن الأقباط كرقم ، وهنا اتعجب من موقف النظام في مصر من هذه القضية ، والتي باتت توجع صانع القرار في مصر ، عدد الأقباط يقلقهم ، تنامي قدرتهم الاقتصادية كان من المفروض ان يسعدهم ، الوطن واحد ، والهم واحد ، وكل ثراء يصب في صالح هذا الوطن ، لو كانوا يعلمون .
الحديث بهذه الطريقة أصبح يثير الشكوك ولا يبعث علي الطمأننية أبدا ، رائحة العنف والكراهية تطل بوجهها القبيح علينا في كل حادثة طائفية ، الخطاب الصادر من الأكثرية يبعث علي القلق ، والذي بدأ العالم كله يشعر أيضا بذات الشعور .
السماح لهذا الخطاب المتدني من الأكثرية جريمة في حق الأنسانية قبل أن تكون في حق أبناء هذا الوطن من الأقباط ، هذا الخطاب الطائفي الذي لاينم سوي عن حقد دفين في عقول مريضة ، وهو بهذه المناسبة خطاب ترفضه الجماعة الوطنية المصرية ، والتي لا تري مستقبل لهذا الوطن سوي في وجود دولة مدنية حديثة يعيش عليها كل أبناء هذا الوطن بحرية وكرامة أنسانية ، ياسادة قالوها زمان " أصحاب العقول في نعيم " وأكررها علي مسامعكم ياليتكم تسمعون ، " الأقباط مش رقم ، هما أهل البلد .