إعداد/ ماجد كامل
لقد كان حدثا تاريخيا عالميا كبيرا أهتزت له قلوب جميع المصريين في الداخل والخارج ؛ ذلك يوم الثلاثاء الموافق 25 يونية 1968 الموافق 18 بؤونة 1684 للشهداء . إذ تم في ذلك اليوم الافتتاح التاريحي للكاتدرائية المرقسية الجديدة بأرض الأنبا رويس بالقاهرة ؛ في حفل عالمي مهيب حضره الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ؛ والإمبراطور هيلاسلاسي الأول إمبراطور أثيوبيا في ذلك الوقت . ؛ وعدد ضخم من رؤساء الكنائس في جميع أنحاء العالم .
ولقد أقيم الحفل صباح يوم الثلاثاء 25 يونية 1968 ؛ حيث أقيم سرادق كبير تم تقسيمه إلي ثلاثة أقسام :-
1- القسم الأول للوفود المدعوة من الخارج ( وعددهم 250 عضوا يمثلون كنائس العالم ) .
2- القسم الثاني كبار رجال الدين ؛ وقد جلسوا قبالة المنصة الكبري التي تعلوها صورة زيتية للقديس مارمرقس الرسول .
3- القسم الثالث كبار رجال السلك السياسي والدبلدوماسي العربي والأجنبي وكبار رجال الصحافة ( لمزيد من التفصيل راجع :- نيافة الأنبا غريغوريوس :- الدراسات التاريخية – الأديرة والمزارات ؛ مصر وأحداث كنسية ؛ جمعية الأنبا غريغوريوس ؛ المجلد رقم 24 ؛ صفحة 392 وما بعدها ) .
ولقد بدات مراسم الاحتفال في تمام الساعة التاسعة صباح يوم الثلاثاء بدخول الرئيس عبد الناصر متوسطا بين البابا كيرلس السادس والإمبراطور هيلاسلاسي وسط عاصفة من التصفيق ؛ ثم قام الأنبا انطونيوس باعتباره سكرتير المجمع المقدس بقراءة كلمة البابا كيرلس ؛ ثم توالت الكلمات الاحتفالية من كل من ( قداسة البابا كيرلس – قداسة مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكية – نيافة الكادينال دوفال رئيس وفد قداسة البابا بولس السادس- نيافة الأنبا ثيؤفيلس بطريك مطران هرر – خطاب أبونا باسيليوس بطريرك جاثيلق أثيوبيا – قداسة البطريرك أليكسي بطريرك موسكو- نيافة الأسقف أنطون أسقف منسك نائب الطريرك أليكسي للكننيسة الروسية الارثوذكسية – خطاب مستر يوجين كارلتون بليك السكرتير العام لمجلس الكنائس العالمي ) . ولقد قام المتنيح الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة بتقديم فقرات الاحتفال والتعريف بالمتحدثين ( ذكر لي الأخ الحبيب المهندس وسيم لطف الله الخادم بكورال كنيسة مارمرقس كليوباترا ؛ أنه كان من ضمن فريق الكشافة المكلف بالنظام في هذا الاحتفال التاريخي ؛ وذكر عن المتنيح الأنبا صموئيل أنه كان يجتمع بنا في غرفة أسقفية الخدمات بشكل شبه يومي ؛ وأنه كان يشجعنا ويقوينا ويقول لنا لا تخافوا ولا تقلقوا كل شيء معد جيدا ) .
( يمكنكم مراجعة النص الكامل لكل هذه الخطب بلغاتها الأصلية ثم ترجمتها للعربية في الموسوعة السابق ذكرها :- الصفحات من " 397- 429 " ؛ كما يوجد أيضا فيلم كامل لهذه الاحتفالية يذاع أحيانا علي قناتي Maspero Zaman ؛ وقناة Me Sat يوم 25 يونية من كل عام ) .
ملحوظة بالغة الأهمية :-
يوجد فيديو متداول علي اليوتيوب للرئيس عبد الناصر وهو يلقي خطابا في ذلك اليوم ؛ ولكن الحقيقة أن الرئيس عبد الناصر لم يتكلم نهائيا في ذلك اليوم ؛إذ أعطي الفرصة كلملة لرؤساء الكنائس لكي يتكلموا ؛ وأنما هذا الخطاب المتداول في الفيديو يرجع لحفل وضع حجر الأساس لدير الأنبا رويس بتاريخ يوم 24 يولية 1965 . لذا لزم التنويه .
ثم قام بعدها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر برفع حجر الستار عن اللوحة التذكارية للاحتفالية ( يمكن مراجعة نص كلمات اللوحة في المرجع السابق ذكره ؛ صفحة 395 حتي لا يطول المقال أكثر من اللازم ) .
وبعد انتهاء الحفل الرسمي ؛ ومغادرة السيد الرئيس لأرض الكاتدرائية ؛ ذهب جميع المدعدون لحضور ومشاهدة معرض الفنون التشكيلية بمقر معهد الدراسات القبطية . ولقد خصصت أول قاعات المعرض للفنان الراحل العالمي حبيب جورجي ومدرسته( راجع مقالتي عنه علي صفحة الأقباط متحدون بتاريخ الأربعاء 23 اكتوبر 2019 ) .وأعمال الفنان الراحل أنيس رزق الله ؛ والفنان الراحل الدكتور ناجي يسي ( وهو علي الأرجح والد عازف البيانو العالمي الكببير رمزي يسي ؛ وإن كنت مخطئا فليصحح أحد لي المعلومة ) .
وخصصت قاعتان كبيرتان لأعمال الفنان العالمي راغب عياد( أرجو أن تتاح لي فرصة لكتابة مقال عنه وعن إبداعاته الفنية ) ؛ الذي شارك بعدد من لوحاته التي سجلها خلال زيارته لأديرة وادي النطرون ؛ ثم أيقونات الفنان الكبير إيزاك فانوس( راجع مقالتي عنه علي صفحة الاقباط متحدون بتاريخ 15 يناير2022 ) ؛ ويوسف نصيف وزجته الفنانة بدور لطيف . وفي مجال النحت تماثيل صبحي عياد ... الخ .
وشاهد الحاضرون بعدها " معرض الحضارة القبطية والفنون التشكلية " وضم أعمال حوالي 65 فنانا وفنانة من مختلف المدارس الفنية والتشكيلية المختلفة . مثل ( تحية حليم – جاذبية سري- جمال السجيني – سيف وانلي – صلاح عبد الكريم – يوسف كامل ..... الخ ) .
كما ضم المعرض أعمال الفنان وجدي حبشي الذي ضم حوالي 12 عملا فنيا له وحده
وبعد انتهاء المعرض ؛ تحرك جميع أعضاء الوفد الي المقر البابوي بالأزبكية ؛ حيث أستقبلهم قداسة البابا كيرلس ؛ وصحبهم إلي الكنيسة المرقسية الكبري حيث قام بالصلاة وشاركه الصلاة ماراغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكية ؛ ثم وزع البابا كيرلس هدايا تذكارية لجميع أعضاء الوفود ؛ تضم صورة للقديس مرقس الرسول بين كنيستين ؛ الكنيسة الأولي هي "سان مارك"بالبندقية حيث وضعت رفاته فيها أكثر من 1150 سنة ؛ والكنيسة
الثانية هي الكاتدرائية المرقسية الجديدة بالعباسية التي سيتم وضع رفاته فيها . . أما الوجه الثاني فقد طبعت عليه صورة البابا كيرلس السادس وتاريخ الاحتفال ( 25 يونية 1968 ) . كما أهدي البابا لكل من الرؤساء والأعضاء حقيبة جلدية فاخرة تضم صورة له وعليها توقيعه ؛وكتاب باللغة الانجليزية عن حياة القديس مرقس الرسول وكتاب آخر عن تاريخ المسيحية في مصر .
ثم عاد رؤساء الوفود إلي فندق النيل ؛ حيث تناولوا طعام الغذاء ؛ وبعد الغذاء ألقي البطريرك ماراغناطيوس يعقوب الثالث كلمة شكر بليغة لقداسة البابا كيرلس السادس ؛ وقام بعدها نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي بإلقاء كلمة قصيرة باللغة الإنجليزية .
وفي الساعة الخامسة من مساء نفس اليوم ؛ توجهت الوفود إلي شجرة بالمطرية ؛ وطافو بالشجرة التي استظلت تحتها العائلة المقدسة ( من واقع اليوتيوب المتداول علي شبكة الأنترنت ؛ تعرفت علي المتنيح الأنبا أنطونيوس مطران سوهاج ؛ والمتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي). ومن هناك انتقلت الوفود إلي كنيسة العذراء بالزيتون التي تباركت بظهورات السيدة العذراء ؛ وكان في أستقبالهم المتنيح القمص قسطنطين موسي ( راجع مقالتي عنه علي موقع الاقباط متحدون بتاريخ 28 يونيو 2018 )؛ والمتنيح القمص عبد المسيح الشربيني كاهنا الكنيسة في ذلك الوقت ؛ ورنموا هناك ترانيم للسيدة العذراء باللغات القبطية والعربية والسريانية واليونانية . وسار الركب بعدها إلي مصر القديمة ؛ حيث زاروا كنيسة إبي سرجة وشاهدوا المغارة المقدسة التي أختبأت بها العائلة المقدسة ؛ ثم كنيسة السيدة العذراء المعلقة ؛ وأستمعوا إلي محاضرة قيمة باللغة الإنجليزية ألقاها عليهم الدكتور باهور لبيب مدير المتحف القبطي في ذلك الوقت . عن "تطور الحضارة القبطية " أعقبه القمص شنودة حنا كاهن كنيسة المعلقة بشرح مفصل عن تاريخ الكنيسة وأهم معالمها ؛ ثم زاروا المتحف القبطي ؛ وأختتموا الجولة بكنيسة السيدة العذراء بالمعادي . وأخيرا وفي المساء حضرت الوفود حفل العشاء الذي أقامه لهم السيد سعد زابد محافظ القاهرة وقتها في نادي اليخت بالمعادي) . ليختتم أحداث يوم شاق وطويل وممتع (بل بالغ المتعة ) لا شك شعربه كل من عاش هذا اليوم . وفي اليوم التالي كان القداس الاحتفالي لاول قداس يقام في الكاتدرائية المرقسية الجديدة . ولكن ألست معي عزيزي القاريء أنه حدث جدير بمقال مستقل لوحده . فإلي لقاء مع أحداث يوم 26 يونية 1968 .
بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1- السنكسار القبطي تحت يوم 18 بؤونة الموافق 25 يونية .
2- نيافة الأنبا غريغوريوس :- الدراسات التاريخية – الجز ء الأول ؛ الأديرة والمزارات ؛ مصر وأحداث كنسية ؛ موسوعة الأنبا غريغوريوس ؛ جمعية الانبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي ؛ الصفحات من ( 392- 433 ) .
3- بعض الأفلام الوثائقية المنتشرة علي اليوتيوب .
4- شكر خاص للأخ الحبيب المهندس وسيم لطف الله بكورال كنيسة مارمرقس كليوباترا ؛ لتفضله بذكر بعض الذكريات الشخصية عن هذا الاحتفال التاريخي حيث أنه كان ضمن فريق الكشافة المكلف بالنظام في ذلك اليوم .