أعرب المطران منير حنا، رئيس الطائفة الأسقفية فى مصر وشمال أفريقيا، رئيس مجلس الكنائس الأسقفية بجنوب الكرة الأرضية - عن مخاوف الأقباط من حكم الإخوان المسلمين وأكد أن أكثر من 100 ألف مسيحى هاجروا خلال العام الماضى، وحذر من مخاطر الهجرة، وأبدى رفضه القاطع للاستقواء بالخارج، لافتاً إلى أن الأقباط لم يشعروا بأى تمييز فى عهد عبدالناصر، بينما همش السادات ومبارك دورهم، بزعم الخوف من استثارة الإسلاميين، وقال: «نخشى أن يستمر هذا الوضع فى عهد الرئيس مرسى». وهاجم السلفيين، ووصف فكرهم بـ«غير النقى»، وأنه مستورد من الخليج.. وطالب الرئيس مرسى بتنفيذ وعوده، وتولى الأقباط المناصب الحساسة، وإلى نص الحوار:
■ ما الإجراءات التى تعتزم اتخاذها بعد توليكم المنصب الجديد؟
الكنائس الموجودة فى جنوب الكرة الأرضية تعانى مشكلات كثيرة، مثل ندرة التعليم وارتفاع مستوى الفقر والمرض والجهل، على خلاف الكنائس الموجودة فى الشمال، ونسعى لأن يكون هناك تعاون مشترك مع كنائس الشمال، رغم اختلاف سياقه، خاصة أن كنائسنا لديها إمكانيات وموارد كثيرة، مثل التاريخ والحضارة، أكثر من كنائس الشمال، ونحاول باستمرار أن يكون الدعم ذاتياً، وليس اعتماداً على الشمال، من خلال تنمية مواردنا المتمثلة فى إنشاء المدارس والمستشفيات.
■ فى ظل وصول الإخوان المسلمين للحكم انتشر حديث فى مختلف الأروقة عن هجرة جماعية للأقباط من مصر، هل هناك تخوف لديكم من وصول «الجماعة» للسلطة؟
- لا أسميها خوفاً، وإنما يمكن أن نقول إن الأقباط قلقون من وصول «الإخوان» إلى الحكم، والقلق يكمن فى عملية التنمية الاقتصادية والديمقراطية، وهل سيكون لهم موقع فى الحياة العامة أم لا؟، فضلاً عن أن معدلات الهجرة من مصر كثرت بعد الثورة.
■ هل بإمكانكم رصد عدد الأقباط الذين تركوا مصر من واقع منصبكم الجديد؟
- الأرقام الرسمية التى حصلت عليها تؤكد أن هناك أكثر من 100 ألف قبطى مصرى هاجروا خلال عام 2011 فقط، وهذا أمر ينذر بالخطر، خاصة أن معظمهم شباب، وحاصلون على مؤهلات عالية، فضلاً عن أن معدلات الهجرة فى زيادة مطردة ولم تتوقف، ومن الممكن أن يكون الذين هاجروا خلال 2012 أكثر ممن هاجروا فى 2011، وأكثر البلاد التى تستقبل الأقباط هى الولايات المتحدة وكندا وأستراليا.
■ هل هذا القلق يمتد إلى العبادة وبناء كنائس جديدة، خاصة أن قانون دور العبادة الموحد لايزال حبيس الأدراج؟
- «الإخوان» جزء من الكيان السياسى للشعب، وفصيل موجود منذ 80 عاماً، وعلى مدى عقود مختلفة تم إحباطه، والضغط عليه حتى لا يظهر ولا يشارك، لكن بعد الثورة آن الأوان لهذا الفصيل أن يشارك ويصل للحكم، وما يقلقنى أن ما عانى منه «الإخوان» طيلة سنوات الكبت والضغط فى عهد النظام السابق لم يستفد منه «الإخوان» فى رفع معاناة الآخرين، ولا أحد ينكر أن أقباط مصر لهم مشاكلهم، و«الإخوان» كانت لهم مشاكل أيضاً، لكن الأمور انفرجت عنهم، ووصلوا للحكم والأقباط كما هم.
■ هل خاب ظنكم فى الإخوان فى عدم تنفيذ وعودهم تجاه الأقباط بعد الحكم؟
- لا أريد القول بأنه خاب ظننا فيهم، لكننا مازلنا منتظرين، ونتطلع إلى أن يوفوا بكل عهودهم التى قطعوها على أنفسهم بشأننا، مثل السماح لنا بالوصول إلى المناصب الحساسة، باعتبارنا مواطنين مصريين، وإقرار المواطنة الحقيقية والمساواة.
■ لكن لم يحدث فى عهد مبارك ومن قبله أن يهاجر 100 ألف مسيحى خلال عام واحد!
- أحب أن أقول إن هذه مسؤولية «الإخوان» والتيارات الإسلامية، بمن فيهم السلفيون والجماعات الإسلامية، الذين لا يقدرون المسؤولية المجتمعية، فالأمر مخيف فعلاً، ونتيجة هذا الخوف هاجر الشباب رغم أننى ضد الهجرة، ولا أفكر فيها على الإطلاق، لأننا جزء من تراب مصر، لكن من هاجر اضطر.
■ لو قارنا وضع الأقباط فى عهد عبدالناصر والسادات ومبارك، وأخيراً الرئيس مرسى ماذا تقول؟
- أولاً فى عهد عبدالناصر أعتقد أن الأقباط لم يشعروا بأى نوع من التمييز، خاصة أنه الرئيس الوحيد الذى تبرع من أموال الدولة لبناء الكاتدرائية المرقسية، ووضع حجر الأساس بنفسه مع البابا كيرلس الثالث، وبصراحة لم يفعل رئيس جمهورية ذلك، وهذا نابع من إدراكه بأن المسيحيين مواطنون مصريون، ولأنه يشعر بالمسؤولية الوطنية تجاههم، أما فى عهد السادات الذى كان رئيساً ذكياً وماكراً وصانعاً للسلام، واختار أن يوضع هذا اللقب على قبره وهو يستحقه تماماً، فإنه خلال الجزء الثانى من عهده، عندما بدأ يظهر الخلاف بينه وبين المعسكرين الشيوعى والاشتراكى، ولجأ إليهما- بدأ الأقباط يشعرون بالتمييز، وفى عصر «مبارك» استمر الإحساس بالتمييز، وكان امتداداً لعصر السادات، وكان دائماً يقال لنا نحن لا نريد إعطاءكم حقكم، حتى لا نثير الإسلاميين، وأخشى أن يستمر الوضع كما هو فى عهد «مرسى» حتى لا تستثار التيارات الإسلامية ضده.
■ هل ترى أن السلفيين مختلفون عن الإخوان فى طريقة فكرهم واشتغالهم بالعمل العام أم لا؟
- طبعاً.. السلفيون مختلفون عن الإخوان تماماً، فالإخوان ناس موجودون فى الشارع، منذ أكثر من 80 عاماً، مارسوا خلالها السياسة، وعشنا معهم سنوات طويلة، وعلاقتنا بهم جيدة جداً أما السلفيون خاصة بعد تصريحات منسوبة إلى بعض قياداتهم، بدفع الجزية وقطع اليد والأنف- فأعتقد أنه ليس لديهم فكر مصرى نقى، وفكرهم ممزوج بفكر الخليج، ويعتقدون أن مصر سوف تكون مثل دول الخليج وباكستان، لكنى أقول إن مصر فريدة فى تركيبتها، وبها أكبر كنيسة فى الشرق الأوسط، وأصل الكرسى البابوى فى مصر، وإن المسيحيين عاشوا فى مصر قروناً طويلة، وأصبحوا يشكلون الحضارة المصرية وجزءاً أصيلاً من النسيج الوطنى.
■ لكن ماذا ستفعلون حال استمرار التمييز ضدكم، وماذا سيكون رد فعلكم، خاصة أن هناك بعض التهديدات بالاستقواء بالخارج؟
- أقول بثقة كبيرة إن الاستقواء بالخارج غير موجود فى أجندة المسيحيين أصلاً، وإذا كان هناك أقباط يتحدثون عن هذا فهم أقلية، فالأمر ليس وارداً فى ذهن أى مسيحى إطلاقاً، ثم إن الخارج لن ينفعنا، والغرب يهتم بمصالحه، ولا يراعى سواها وعندما يتحدث عن حقوق الأقليات فلمجرد الحديث فقط، لكن فى النهاية مصلحته أولاً، كما أن الصورة ليست قاتمة، خاصة أن أحد المساعدين للرئيس مرسى مسيحى، هو سمير مرقس، فضلاً عن أن الهيئة الاستشارية للرئيس بها أقباط، وهذه خطوة إيجابية.
■ ما رأيكم فى قرار الرئيس مرسى بإقالة المشير حسين طنطاوى، وزير الدفاع السابق، والفريق سامى عنان، رئيس الأركان؟
- أعتقد أن إنهاء الحكم العسكرى كان قراراً صائباً للرئيس، لأنه لا يوجد بلد تحكمه قوتان، وبالبلدى كده المركب اللى ليها ريسين تغرق، وكان من الواضح أن هناك قوتين تحكمان مصر متمثلتين فى العسكر والرئاسة.
■ لكن البعض كان يرى أن وجود العسكر فى ظل حكم الإخوان ضرورة ملحة وضمانة حقيقية لإقرار الدولة المدنية وحماية الأقباط؟
- أعتقد أن وجود قيادة واحدة أفضل لمصر أياً كانت هذه القيادة، لأن وجود قيادتين يؤدى إلى توافقات وصراعات، ومن يدفع ثمن هذا هو الشعب وحده، ونحن الآن فى سنة تانية ثورة، والإخوان لا تزال تتحسس الوضع وتخطئ وتتعلم من أخطائها، فضلاً عن أن الديمقراطية الحقيقية هى احترام حقوق الأقليات وليست استبداد الأغلبية، ودائماً هى ضمان الحرية للأقليات وعندما اجتمعنا مع «مرسى» قال إنه يأمل أن تكون مصر وطنية ديمقراطية دستورية حديثة، ونحن مع هذه الرؤية.
■ هل ترى أن الدولة تمت أخونتها كما يتردد الآن؟
- أرى أن الإخوان يتحكمون فى معظم قطاعات الدولة، وإن كانت هناك مشاركة لعناصر أخرى، بداية من تعيين أحد مساعدى الرئيس ومستشاريه من الأقباط، وأقول إن النقابات المهنية تمت أخونتها، وجميعها تحت سيطرتهم تماماً، لكن مصر ليست نقابة، حتى تتم أخونتها، فهى دولة لها تاريخ وحضارة 7 آلاف سنة، وتحالف الأحزاب القائم حالياً يضمن مشاركة كل التيارات السياسية.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.