الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٢ -
٠٥:
٠٩ ص +02:00 EET
بقلم: ماجد سوس
جاء السيد المسيح ليقلب الموازين و الثوابت اليهودية بل ليغير حتى وصايا الناموس اليهودي فأبطل الفرائض و الشرائع القائمة على الأمور المادية المحسوسة و لم يعد مقبول في المسيحية أن يقال لك افعل هذا عدد من المرات لتأخذ حسنات أو ثواب بل أصبح قلب الإنسان هو معيار الحياة الروحية من الموت الروحي ، حتى أن الكنيسة تسأل أولادها في كل قداس أين هي قلوبكم أو ارفعوا قلوبكم للرب تأكيداً لقول المسيح له المجد : حيث يكون قلبك يكون كنزك أيضاً.
على أن السيد المسيح جاء برسالة حب تفوق قدرات البشر فمحبة الأعداء والصلاة من أجلهم لايستطيع أن يفعلها الإنسان دون ان يكون قلبه أولا عند الله . محبة الأعداء حيرت البشرية فجعلت غير المسيحيين يتساءلون في ذهول كيف يقدر أن يحب الإنسان عدوه أو قاتل أهله أو حارق كنيسته أو مضطهده .
منذ عدة أيام كتب الداعية الإسلامي وجدي غنيم متعجباً متهكما : " بالله عليكم هل هناك دين يقول أحبوا أعدائكم ، العدو ! ،ومع هذا فأنا أقول لهم الله يلعنكم و أنا أكرههم ، حبوني أرجوكم ، باركوني أرجوكم ، " ... بعد كتاباته هذه الكلمات على صفحته على برنامج "تويتر" انهالت عليه التعليقات ولكن أجملها الكم الهائل من الأقباط الذين أعلنوا حبهم له والصلاه من أجله .
بعد الفيلم المسيء للإسلام سألني زملائي المسلمين في العمل عن رأيي في هذا التصرف البغيض بالطبع أكدت لهم أن هذا العمل مخالف لتعاليم المسيحية و لوصايا السيد المسيح له المجد و كلنا يرفض هذا العمل الدنيء ولكن كان على لزاما أيضا أن أشير عن الذهول الذي أصابني و العالم أجمع من مقتل السفير الأمريكي بليبيا و ثلاثة من رجاله الذين استشهدوا بالرغم من الحب الشديد الذي أظهره الرجل للشعب الليبي و وقوفه معهم منذ بداية ثورتهم حتى أن آخر كلماته التي سطرها ووضعها على صفحته على برنامج التواصل الإجتماعي " الفيسبوك "كانت ، أني فخور بأنني أعمل مع شعب صابر و كافح حتى حصل على حريته ، وما ذنب الولايات المتحدة حكومة أو شعب من هذا التصرف الأحمق الذي قام به أشخاص موتورين غير محسوبين سوى على ضمائرهم المريضة . فبرامج المديا أصبحت في متناول كل انسان فاليوتيوب على سبيل المثال مليء بالحروب بين كل الأديان بل و بين الشيعة والسنة بل وبين الملحدين والدينيين.
كان لابد أو أنوه في حديثي عن رد فعل الأقباط عندما حرق المدعو أبوإسلام ، الإنجيل بل و تصريحه أنه سيتبول عليه في المرة القادمة ، أو حتى ردود أفعالهم عندما حرقت و هدمت كنائسهم، هنا قاطعني اثنان من الزملاء المسلمين قائلين أننا نعترف أن مساحة التسامح الموجودة في المسيحية أكبر من أي ديانة أخري . على أن زميل آخر قال ، بعصبية ، ما ذنبنا أنكم لاتثورون لدينكم ,انها مشكلتكم انتم . فقلت لهم اخوتي انا أتفهم جدا غضبكم و ثورتكم ولكن فقط أريد أن أوضح لكم أن تحكم الغالبية العظمة للأقباط في ردود أفعالهم يعود بالدرجة الأولى لإيمانهم بفكرة قوة الله وقدرته تجعله هو الأقدر على حماية مقدساته ، لذا أنا فقط أدعوكم أن تتركوا الله هو الذي يدافع عن الأديان .
على أنني يجب أن أنبه ذهن القاريء الى ان قياس ردود أفعال الناس على ردود أفعالنا خطأ جسيم . فنحن أمام حالة يجب معها أن نحب الآخر كما يرى هو لا كما نرى نحن .أقصد هنا إحترام مشاعر و معتقدات الآخر كما يرى هو لا كما أرى أنا . وعلينا أن نفعل هذا دون انتظار المعاملة بالمثل و هو مبدأ غير موجود في المسيحية فرفض المسيح ان يعرف الناس أنك صائم أو تتصدق على المسكين أو أنك تصلي لذا رفض الصلاة في الطرقات أمام الناس و أرجع كل هذا لسببين الأول لئلا يدخلك الكبرياء ة تتصور انك رجل التقوى و الصلاه فتخسر حياتك الأبدية لأن الله يقاوم المستكبرين . والثاني أنك ان فعلت هذا فقد إستوفيت أجرك على الأرض فلن تأخذ أجرا في السماء ، لذا رفض مبدأ العين بالعين والسن بالسن و هدمة في الموعظة على الجبل وقدم مثال حي بحياته فدأب على أن يسترعلى الخاطيء ويوبخ من يفضحه فقلب الموازين في هذا أيضا فرفض رجم الزانية قائلا من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر.
و لما تأكد من توبتها اعطاها الغفران وطلب منها الا تعود للخطية . رفض ان يستعمل بطرس تلميذه السيف ليمنع الرومان واليهود من القبض عليه رغم انه كان يريد أن يدافع عن سيده وقال له ضع سيفك في موضعه لأن من يأخذ بالسيف ، بالسيف يؤخذ . فلم يرفع المسيح على الأرض سيفا و لم يوصي بالثأر أو الإنتقام . لم يحرض أحد على أحد بل حرض الجميع على الحب و العطاء و الغفران بعضنا لبعض ، حتى يهوذا الذي خانه وسلمه للعذابات و الصلب لم يشهر به ويفضحه أو يفتك به بل بكل حنان قال له من يأكل معي في الصحفة سيسلمني لأنه لو كان عامله بالمثل و فضحه أمام تلاميذه ربما لتصدى له احدهم بعنف .
أحبائي لقد قال لنا المسيح لا تقاوموا الشر بالشر بل من لطمك على خدك الأيسر حول له الآخر أيضاً كما يقول لنا القديس بولس لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير . لذا المسيحي لا يكره ولا يأذي مشاعر الآخر فمن قام بعمل الفيلم المسيء للإسلام لا يمكن أن يدعي أنه من اتباع يسوع المسيح الذي أحب خاصته الى المنتهى وهو الذي خلقنا لنكون ملح للأرض كلها لأنه اذا ترك المسيحى رسالته و هي نشر الحب في كل مكان يتواجد فيه فيتحول المسيحي عن مسيحه و يكون حقا قد فسد الملح و اذا فسد الملح فبماذا يُمَلّح ، لايصلح لشيء بل تدوسه الناس.